أبها : الأمير كمال فرج
تحفل عروض الأزياء التي تقام في باريس وروما بالعديد من العروض الغريبة، فالأفكار المجنونة أصبحت قاسما مشتركا في عواصم الموضة العالمية، وقد تفتق عن أذهان مخرجي ومصممي العروض الكثير من الأفكار، فهذا عرض أقيم على طائرة، وآخر أقيم أثناء تسلق أحد الجبال، وثالث أقيم في الشارع داخل الزحام بين ضجيج السيارات، وعرض داخل إسطبل خيول، وعرض على متن قارب في النهر، وعرض تحت الماء، وعرض خاص بالأمهات، وآخر للمسافرين، وعروض خاصة بالحيوانات، وعرض لعب فيه المصمم دور الساحر الذي يرفع فتاة في الهواء دون أن يلمسها.
تقول مذيعة الموضة بقناة "هي" داليا داغر "العالم الغربي دائما بحاجة إلى أفكار غريبة، لأن لديهم دائما ابتكارات، أما نحن فتحكمنا العادات والتقاليد، نتيجة تربيتنا الخاصة، لذلك لا يمكن أن نقدم مثل هذه الأفكار الغريبة".
وتضيف "المصمم العربي يقدم في عرضه قلبه وروحه، لينجح، لذلك يظهر العرض أكثر عقلانية، الأمر لديه يعني الكثير من الجدية والعمل، المصمم العربي لا يقدم العروض الغريبة، لأنه استطاع النجاح بما يقدمه دون مبالغة أو افتعال، والعربي أثبت نفسه في عواصم الموضة كباريس وروما بالبساطة التي يقدمها".
وتشير داغر إلى أننا نحن كعرب متأثرون بالكلاسيكية، لذلك لا نقدم الأشياء الغريبة، أيضا لأن مثل هذه الأشياء قد تثير الضحك والسخرية، وهذا غير مقبول في ثقافتنا العربية، وعندما ننظر إلى مصممي الأصول الكلاسيكية في باريس مثل كرستيان لاكروا وشانيل، نرى أنهم كلما قدموا غرابة عادوا إلى الكلاسيكية.
وللمصممة اللبنانية آمال سري الدين تجربة مع العروض الغريبة، تقول "أول عرض قدمته في بيروت اعتمد على فكرة غريبة، فقد كان الإستيج عبارة عن أحجار غير متناسقة، والعارضات سرن على أحجار صلبة غير متناسقة، بدون أحذية، وقد اعتمد العرض على فكرة شلال الماء، فقد اخترنا قصرا أثريا قديما في بيروت، واستحدثنا فيه شلال مياه يسقط من ارتفاع طابقين، فكان الماء المنسدل خلفية للعارضات، وختمنا العرض بفساتين الأعراس، ومرت العرائس من تحت الشلال في منظر بديع"، مشيرة إلى أن في مثل هذه الأفكار يبرز دور مصممي الديكور ودور الإنارة، وهناك أفكار كثيرة صعبة، وخطيرة تحتاج إلى المجازفة، لأن أي خطأ يفسد الفكرة ويؤثر على نجاح العرض.
وحول إمكانية تنفيذ الأفكار الغريبة في عروض الأزياء العربية قالت سري الدين "مشكلتنا أن تاريخنا في الموضة قصير، العرب بشكل عام دخلوا مجال عروض الأزياء من فترة ليست طويلة، ولسنا أساس عالم الهوت كوتيور، فأساسه باريس وروما، حتى الدول الأخرى مثل إسبانيا واليونان وغيرهما، ليس لها تاريخ كبير مثل فرنسا وإيطاليا، لذلك يكون المصمم العربي مقلداً أكثر منه مبتكراً، ومن هنا لا يهتم المصمم العربي بخلق شخصية خاصة به، يحدث ذلك رغم أن المصمم الغربي يستلهم تراثنا الشرقي، ويعتمد استلهام التراث العربي، وبدلا من أن نقتبس ونستلهم من حضارتنا نقلد الغرب، من هذه النقطة نجد المصممين الغربيين يقدمون أفكارا جنونية مثل جون جاليانو مصمم كرستيان ديور".
وللمصممة البحرينية كبرى القصير تجربة مع العروض الغريبة، تقول" تقديم عروض الأزياء في مكان معين شيء مكرر وممل، ولكن عندما تغير المكان تقدم شيئا مختلفا، لذلك قدمت عرضا منذ ثلاثة أشهر في لندن، ومكان العرض كان الشارع، وفي الزحام، وكان موضوع العرض هو لبنان والاعتداءات التي كان يتعرض لها آنذاك، فقد كنت أعيش وقت رعب وخوف وضربات إسرائيل في الجنوب مستمرة، لم أفضل أن أعرض في أوتيل أو مكان راق، وأنا في داخلي مجروحة، لقد أردت أن أشارك أهل لبنان محنتهم، وأرضي ضميري، فقدمت العرض في شارع الماركات بلندن وسط الزحام وضجيج السيارات، وكانت العارضات يركضن، لأن الزحام كان كبيرا، في هذه الحال شعرت أنني وسط الحرب، وبالصدفة مرت سيارات الإسعاف والشرطة بالشارع، فأعطت للعرض خلفية صادقة، أما المارة وكان منهم من الخليج ومن الأجانب، فكانوا يتابعون العرض الغريب بإعجاب، فقد كان جمهور العرض هو المارة في الشارع .
واستمر العرض لمدة ربع ساعة، وكانت بلدية لندن في البداية ترفض إعطائي تصريحا، لأنه شارع رئيسي وحيوي بالعاصمة، وهو يحتوي على أشهر الماركات العالمية مثل كرستيان ديور وشانيل.
أما الأزياء فكانت نسائية مستوحاة من الحرب، اللون الأحمر والأصفر والألوان النارية، وأجمل شيء أن اليوم الذي قدمت فيه العرض هو اليوم الذي أوقفت فيه الحرب، حيث كان اليوم الثالث والثلاثين لبدايتها .
ويقول مخرج عروض الأزياء البحريني وفيق صليبيخ " تقديم العروض الغرائبية شيء عادي في الغرب، وخاصة تقديم العروض في الطائرات، لأن هناك شركات إيطالية تستضيف المتعاملين معها، وتنظم عروض أزياء بالطائرة، تقدم فيها أزياء خاصة بالطيران أو السفر، وهذا نوع من التسويق، وبالنسبة للحيوانات، ليس مستبعداً أن تنظم عروض أزياء للكلاب والقطط، خاصة مع وجود خط في دار شانيل الشهيرة يقدم أزياء خاصة بالحيوانات".
ويضيف "في العالم العربي نستحدث أشياء غريبة بعض الشيء، ولكن على أن تكون مقبولة، لأننا كعادتنا نأخذ الأشياء بعد تنفيذها في الغرب، ولكن أغرب شيء عرض أزياء تم عام 1989 لإيلي صعب، وأقيم على أنقاض الحرب في بيروت، وهناك عرض قدمته في البحرين لإحدى ماركات الساعات، يعتمد على الخروج من حوض السباحة، وهناك عروض أخرى قدمت واستخدمت فيها النار وبعض الديكور الغريب، وعرض آخر أقيم في البحرين عام 1994 اعتمد على تحطم الاستيج بعد انتهاء العرض وسط دهشة الحاضرين، أيضا المصمم اللبناني نقولا جبران قدم عام 2004 في بيروت عرضا غريبا باستخدام عربات مكشوفة ودراجات نارية"، مشيرا إلى أن في الغرب انفتاحاً أكثر، وتواجداً أكثر، والأشياء الغريبة تعتمد على إعطاء فكرة أكبر عن المجموعة.