إذا تابعت عروض الأزياء العالمية التي تقام على مدار العام في عواصم الموضة العالمية، في باريس وإيطاليا ولندن سوف تلاحظ أن من ضمن التصميمات المعروضة التي يقدمها المصمم تصميمات غريبة جدا، أفكار مجنونة لا يمكن أن يتصورها عقل، وإذا حدث وارتدت المرأة مثل هذا التصميم ومشت به في الشارع سيركض خلفها الأطفال ويقولون "العبيط أهه"..!
موديل على شكل قبعة كبيرة جدا، قبعة تشبه الشمسية تذكرنا بقبعة الفنانة زينات صدقي الشهيرة التي ظهرت بها في أحد الأفلام القديمة والتي تضع فيها "كتاكيت"، موديل آخر يجعل المرأة شبيهة بالديك الرومي أو الطاووس الكبير، أصباغ حمراء وسوداء على الوجه والجسد والأذرع، أحمر شفاه أسود اللون " أي والله"، امرأة حليقة الشعر "زيرو"..!، موديل لفستان على شكل الصحف، موديل يجعل المرأة أشبه بكائن مخيف من الفضاء..!
أفكار مجنونة لا تجرؤ المرأة على ارتدائها ليس في أي مدينة عربية، ولكن في مدن أوروبا أيضاً، يذكرني ذلك ببعض التصميمات التي كانت رائجة في الستينيات مثل موضة الفستان المنفوش الذي يتطلب مساحة كبيرة من الأرض حتى تستطيع المرأة المشي به، وهي بالتأكيد موضات لا تصلح الآن في عصر الزحام والسرعة.
فما هو سبب هذه الظاهرة التي يحرص عليها مصممو الأزياء في الغرب، وما هو سبب تقديم هذه التصميمات الشاذة والمضحكة التي لن يرتديها الناس..؟ مصمم الأزياء أحمد البدوي يقول: مثل هذه التصميمات التي يقدمها مصممو الأزياء ليس الهدف منها البيع والاستعمال، ولكنها وسيلة لإظهار قدرة المصمم على الابتكار، أيضا مثل هذه التصميمات تقدم كشكل من أشكال الإبهار ولفت الانتباه والتشويق، تماما كالتاجر الذي يقدم بضاعته من المهم أن يقدمها بشكل مشوق ومثير، وأنا شخصيا أعارض مايقدمه الكثير من مصممي الغرب في عروضهم من أفكار ففي معظم الأحيان لا تتفق هذه الأفكار مع تقاليدنا، وموقفي الشخصي كمصمم عربي أنه من حق مصمم الأزياء أن يفكر ويبدع ولكن بشرط ألا يخرج عن الهوية الشرقية الأصيلة.
عارضة الأزياء نهال حسين تقول: تحفل عروض الأزياء بأشكال مثيرة وغريبة وتقاليع لا يمكن أن تطبق على أرض الواقع، والمصممون يهدفون من ورائها إلى التعبير عن تمردهم على التقليدية، ولكن من حسن الحظ أن هذه الظاهرة موجودة في الغرب فقط فلم نسمع عن عرض أزياء أقيم في العالم العربي واحتوى على هذه الأفكار الغريبة.
أليس من الغريب أن يهدر المصمم كل هذا الوقت والجهد في تقديم عمل ليس من وظيفة له سوى الإبهار، أعمال وتصاميم مكلفة تعرض ويصفق لها الناس وبعد العرض تأخذ مكانها في الدواليب، لا يرتديها أحد، ولو فرغ المصمم جهده في تقديم موديلات جديدة تواكب العصر وتناسب طبيعة المرأة النفسية والاجتماعية لكان ذلك أفضل..
رسالة وفكرة وإيحاء مصممة الأزياء السعودية العالمية دينا جوخدار تقول: في أحد عروضي التي قدمتها في ربيع وصيف 99 كان إيحائي الذي قدمته هو الهنود الحمر، قدمت في العرض فساتين بها شراشيب، والعارضون والعارضات كانوا يشبهون الهنود الحمر، يرتدون أزياء تقليدية على وجوههم رسوم معينة، بالطبع أنا لن أبيع هذه التصميمات ولكنها وسيلة لإيصال فكرتي ورسالتي للناس، لقد أحببت هذه الثقافة وأعجبت بها، الهنود الحمر يملكون فنا جميلا، وأحببت أن أوصل هذا الفن للعالم.
وفي خريف وشتاء عامي 98 و99 قدمت في نيويورك عرضا كان بعنوان (ألف ليلة وليلة .. لقاء بين الشرق والغرب) قدمت في هذا العرض براقع على وجوه العارضات وموديلات حديثة، القماش كان به اتجاه عربي به أهرامات وملامح شرقية، ولكن الموديل كان غربيا، القصة غربية ولكن الماكياج والبراقع كلها كانت سمات عربية.
والغرض من هذا كله تقديم رسالة للجمهور، لن أبيع القطعة بالبرقع ولكني أوصلت فكرة معينة للناس، رسالة للجمهور، يجب أن يقدم المصمم الفكرة عبر الموضة.
وفي خريف عام 2000 قدمت في نيويورك أيضا عرضا وكان إيحائي وقتها مدينة "مانهاتن" فقدمت تصميمات عليها ناطحات سحاب ورسمت على الفساتين المباني الشهيرة بمنهاتن مثل سنتر كورد وغيرها، إنها فكرة أو حالة يعيشها المصمم ورسالة يوجهها من خلال الأزياء.
مصمم الأزياء العالمي جاليانو مثلا قدم عرضا مميزا منذ فترة كان اتجاهه الحدائق والزهور، الفستان كله ورد، والانطباع الذي كان يريد إيصاله انطباع الخريف والربيع والأجواء الإفريقية، وهذه القطع مستحيل أن تباع ولكن من خلالها يقدم المصمم وجهة نظره، من خلال هذه التصميمات تقدم خيالك، على المسرح لك أن تقدم لمسات رقيقة تظهر فكرتك.
ـ نشر بصحيفة "الوطن"
تاريخ الإضافة: 2014-06-21تعليق: 0عدد المشاهدات :2637