القاهرة: الأمير كمال فرج.
تتجه صناعة الصحافة نحو منعطف حرج، فبينما تتسارع خطوات Google في تبني الذكاء الاصطناعي، يجد ناشرو الأخبار أنفسهم في مواجهة خطر حقيقي يهدد بقاءهم.
في تطور مقلق جديد، تتخلى عملاق البحث Google عن مبدأ توجيه المستخدمين إلى المصادر الأصلية للمعلومات، لتطلق ميزة جديدة تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتلخيص القصص الإخبارية الرائجة، مما يترك الناشرين يتضورون جوعًا في ظل تضاؤل عدد الزيارات.
ملخصات الذكاء الاصطناعي
كما أفاد موقع TechCrunch لأول مرة، تظهر ملخصات الذكاء الاصطناعي للمستخدمين في الولايات المتحدة ضمن تطبيقات بحث Google الرئيسية على نظامي iOS وأندرويد، وتحديدًا تحت خلاصة الأخبار الرئيسية "Discover". تظهر شعارات صغيرة للناشرين في الزاوية العلوية اليسرى، كتذكير عشوائي بمصدر المعلومات الفعلي، لكنها بالكاد تُلاحظ.
وللتأكيد على الطبيعة الهشة لهذه التقنية، يظهر نص كبير أسفل الملخص يحذر من أنه "تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي، والذي قد يرتكب أخطاء"، في محاولة واضحة لاستباق ردود الفعل السلبية المشابهة لتلك التي واجهتها شركة Apple عندما طرحت ميزة مشابهة لتلخيص الأخبار، والتي تبين أنها تختلق معلومات مضللة وغريبة.
أكد متحدث باسم Google لموقع TechCrunch أن هذا التغيير يمثل إطلاقًا رسميًا في الولايات المتحدة، وسيركز على مواضيع نمط الحياة الشائعة، بما في ذلك الرياضة والترفيه.
إلا أنه ومن خلال اختبارات موقع Futurism الخاصة، قامت الميزة بتلخيص قصة حول اندماج ثقبين أسودين هائلين، وهو ما لا يندرج بالتأكيد تحت فئة "نمط الحياة". وقد تواصلنا مع Google لطلب توضيح، لكننا لم نتلق ردًا حتى وقت النشر.
تأثير مدمر
يمثل هذا التطور خطوة مقلقة لصناعة الأخبار، التي تعاني بالفعل من انخفاض كبير في عدد الزيارات القادمة من عملاق البحث. ففي الشهر الماضي، أفادت صحيفة Wall Street Journal أن المواقع الإخبارية تتعرض لتجويع ممنهج بسبب ميزة "نظرات عامة بالذكاء الاصطناعي" (AI Overviews) من Google ، والتي تُغني فعليًا عن الحاجة إلى النقر على الروابط في نتائج البحث، من خلال إعادة صياغة المحتوى ضمن نتائج البحث نفسها.
وبينما اختارت بعض المنشورات إبرام شراكات مربحة مع شركات الذكاء الاصطناعي مثل OpenAI، فإن الصناعة تشعر بالفعل بوطأة الضرر مع قيام صناعة الذكاء الاصطناعي بابتلاع أعمالها وتقديمها مرة أخرى للمستخدمين، متجاهلة الدقة وحقوق النشر وإيرادات وسائل الإعلام.
في هذا السياق، يمكن أن تتفاقم محنة صناعة النشر قريبًا، فـ Google تثبط الآن المستخدمين بشكل فعال عن النقر للوصول إلى الصحافة المكتوبة بواسطة البشر داخل خلاصة "Discover".
مع التراجع الهائل في الإحالات، أصبحت نماذج الأعمال التي تعتمد على إيرادات إعلانات العرض واشتراكات المستخدمين على أرض هشة وغير مستقرة.
جوجل صفر؟
هل نقف على حافة ما أسماه نيلاي باتيل من The Verge بـ Google Zero: وهي نقطة تتخلى فيها Google تمامًا عن إرسال حركة المرور إلى المنشورات عن طريق الإجابة على جميع الأسئلة باستخدام الذكاء الاصطناعي؟
صناعة الأخبار تتضور بالفعل جوعًا من حيث حركة المرور، مما يجبر المنشورات على تقليص حجم عملياتها بشكل كبير. فكمثال على ذلك، أُجبرت صحيفة Business Insider على تسريح 21% من موظفيها في وقت سابق من هذا العام، حيث أشارت الرئيسة التنفيذية باربرا بنج إلى "انخفاضات كبيرة في حركة المرور خارجة عن سيطرتنا".
خطورة المعلومات المضللة
ومما يزيد الطين بلة هو ميل هذه التقنيات لاختلاق ادعاءات واقعية خاطئة (الهلوسة). فقد تعرضت Google مرارًا وتكرارًا للانتقادات بسبب ميزة "نظرات عامة بالذكاء الاصطناعي"، والتي قامت باستمرار بتضليل المستخدمين وتقديم إجابات محيرة تبدو وكأنها مأخوذة من عالم موازٍ.
بمعنى آخر، إنها مسألة وقت لا أكثر حتى تبدأ ميزة "Discover" من Google في تضليل المستخدمين وتقديم معلومات خاطئة حول ما يحدث في العالم، وهو مأزق يبدو أن عملاق التكنولوجيا يدركه تمامًا، حتى في الوقت الذي تُضاعف فيه جهودها نحو هذه التقنية بأي ثمن.