القاهرة: الأمير كمال فرج.

نجح الذكاء الاصطناعي في تحديد وقت كتابة النص الروماني القديم "أعمال الإله أغسطس" Res Gestae Divi Augusti، الذي يؤرخ إنجازات الإمبراطور أغسطس، رغم أن مثل هذه النقوش غالبًا ما تفتقر إلى تواريخ محددة.

ذكر تقرير نشرته صحيفة New York Times أن نموذج الذكاء الاصطناعي التوليدي أينياس Aeneas  قام بتحديد تاريخ نقش أعمال الإله أغسطس" Res Gestae Divi Augusti، وذلك بأغسطس بحوالي عام 15 ميلادي، بعد وقت قصير من وفاة الإمبراطور أغسطس عام 14 ميلادي.

استطاع أينياس، الذي طورته  Google DeepMind، وتم تدريبه على نصوص رومانية قديمة تحقيق ذلك بفضل قدرته على محاكاة ما يفعله المؤرخون ولكن بوتيرة أسرع، وذلك باسترجاع المعلومات السياقية ذات الصلة، الكشف عن النصوص المعزولة، وتحليلها قبل الوصول إلى استنتاج.

وفي ورقة بحثية جديدة نُشرت في مجلة Nature العلمية، قام باحثون من Google DeepMind وعدة جامعات أوروبية باختبار نموذج الذكاء الاصطناعي، ووجدوا أنه قادر على تقديم معلومات مفيدة للمؤرخين في معظم الحالات، مما يعزز فائدته الواضحة.

بالنسبة لباحثي التاريخ، يعتبر أينياس مجرد واحد من مجموعة متزايدة من أدوات الذكاء الاصطناعي التي تساعدهم على كشف المزيد من التفاصيل حول العالم القديم.

وقالت الدكتورة أليسون كولي، الأستاذة المشاركة في الدراسة وعالمة الكلاسيكيات والتاريخ القديم بجامعة Warwick، في بيان حول البحث: "تساعد النماذج التوليدية المتطورة حاليًا في تحويل علم النقوش الذي يختص بدراسة الكتابة القديمة، من تخصص متخصص إلى مجال متطور للبحث التاريخي".

لدراسة أي نوع من الكتابات القديمة، يتعين على المؤرخين تمشيط أرشيفات مختلفة حول العالم بحثًا عن "المتوازيات" – نصوص قديمة ذات صياغة مماثلة أو من نفس الحقبة الزمنية – ومقارنتها بالنص الذي يدرسونه. باستخدام هذه الطريقة، يمكن للباحثين استقراء ما قد تقوله الأجزاء المفقودة أو سياقها.

وقالت ثيا سومرشليد، المؤرخة المشاركة في الدراسة بجامعة Warwick، في مؤتمر صحفي الأسبوع الماضي، إن "دراسة التاريخ من خلال النقوش تشبه حل لغز عملاق". لكن هذه العملية طويلة ومضنية، وتتطلب من المؤرخين الخضوع لسنوات من التدريب المتخصص.

وجد مؤلفو الدراسة أن الأداة Aeneas كانت قادرة على توفير "نقاط انطلاق بحثية مفيدة في 90 % من الحالات، مما أدى إلى تحسين ثقتهم في المهام الرئيسية بنسبة 44 %"، علاوة على ذلك، عندما عمل المؤرخون البشريون ونموذج الذكاء الاصطناعي جنبًا إلى جنب، كانت النتائج أفضل بكثير مقارنة بعمل Aeneas أو المؤرخين بمفردهم دون أي مساعدة.

ولكن ماذا عن تورط Aeneas في نتائج وهمية، وهي مشكلة مستمرة مع العديد من نماذج الذكاء الاصطناعي؟ النموذج يقدم احتمالات لتنبؤاته.

وقالت كولي، التي أشادت بدقة النموذج: "المثير للاهتمام أن Aeneas كان حذرًا في رهاناته. وبذلك، فقد عكس تمامًا الاختلاف الحالي في آراء العلماء، وقدم نطاقين تاريخيين محتملين بدلاً من تنبؤ واحد".

تعزز هذه التجربة فكرة أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون مفيدًا للخبراء في مجالهم الذين يعرفون ما يفعلونه، وهذا يتناقض مع ما يحدث عندما يستخدم غير الخبراء الذكاء الاصطناعي، حيث يبدو أن أشياء غريبة ومقلقة تحدث باستمرار.

إذا استخدم مستخدمو هذا البرنامج هذه الأداة بفعالية – ويبدو أنهم قادرون على ذلك – فإن أي شخص مهتم بالتاريخ القديم يجب أن يكون متحمسًا للغاية؛ فقد نتعلم قريبًا المزيد عن ماضينا.