القاهرة: الأمير كمال فرج.
يشعر الباحثون عن عمل بالإحباط عندما يحصلون أخيرًا على مقابلة وظيفية، ليكتشفوا عند بدء المكالمة أن "المُحاور" ليس إنسانًا حقيقيًا.
ذكر تقرير نشرته مجلة Fortune أن "المحترفون بدأوا في رفض هذا النوع من المقابلات التي تجريها أنظمة الذكاء الاصطناعي، معتبرين أن ثقافة الشركة لن تكون جيدة إذا لم يكن قادتها على استعداد لتخصيص الوقت لمقابلة المرشحين وجهًا لوجه".
تهرب من التواصل الإنساني
من ناحية أخرى، يرى المدافعون عن هذه التقنية أنها جزء من المستقبل الذي يجب على الجميع التعود عليه. يقول آدم جاكسون، الرئيس التنفيذي لشركة "Braintrust" التي توزع برامج مقابلات الذكاء الاصطناعي، "لو كانت نسبة كبيرة من الباحثين عن عمل يرفضون هذه الأداة تمامًا، لما وجدها عملاؤنا مفيدة. كانت ستكون ذات أداء ضعيف، لكننا نرى العكس تمامًا".
يعكس هذا الوضع رؤية بائسة للمستقبل حيث يتم استبدال التواصل البشري تدريجيًا بالذكاء الاصطناعي. فبينما يواصل المديرون التنفيذيون التباهي باستخدام هذه التكنولوجيا لتسريح العمال، أصبح حتى العثور على الوظائف القليلة المتبقية اختبارًا مرهقًا يكشف عن الدوافع والأولويات الحقيقية لأصحاب العمل.
لم يقتصر تأثير الذكاء الاصطناعي على تدهور عملية المقابلات فقط، بل سمح للمتقدمين المؤهلين والمحتالين على حد سواء بإغراق الشركات بطلبات وسير ذاتية غالبًا ما تكون مخصصة بدقة لتفاصيل الوظيفة. والنتيجة هي أن موظفي الموارد البشرية يجدون أنفسهم غارقين في آلاف الطلبات، فيلجأون إلى الذكاء الاصطناعي لغربلة هذه الطلبات، لتكتمل بذلك الحلقة المفرغة.
تسونامي من المتقدمين
أخبر أحد مسؤولي التوظيف صحيفة New York Times في وقت سابق من هذا العام أن هناك "تسونامي من المتقدمين" سيزداد حجمه، مما قد يتطور إلى "موقف من نوع الذكاء الاصطناعي ضد الذكاء الاصطناعي".
يقول ألين راوش، الكاتب التقني، لمجلة Fortune إنه لا يقبل إجراء مقابلة مع ذكاء اصطناعي إلا إذا ضمنت الشركة أنه سيتحدث في النهاية مع إنسان. وأضاف: "بالنظر إلى نسبة الردود التي أحصل عليها على الطلبات الأساسية، أعتقد أن الكثير من مقابلات الذكاء الاصطناعي تضيع وقتي".
كما شاركت الكاتبة والمحررة ديبرا بورشارد تجربتها، قائلة إنها ببساطة "ضغطت على زر الخروج". وأوضحت: "لن أجلس هنا لمدة 30 دقيقة لأتحدث مع آلة. لا أريد العمل في شركة لا يستطيع فيها مسؤول الموارد البشرية تخصيص الوقت للتحدث معي".
ومما يزيد الطين بلة، أن هناك حوادث تم فيها تعطل أنظمة مقابلات الذكاء الاصطناعي، مما يسلط الضوء على المشاكل التقنية الواضحة.
تقييم المهارات مقابل التوافق الثقافي
بالنسبة لمؤيدي هذه التكنولوجيا، فإنها واقع جديد يجب على الباحثين عن عمل قبوله. يرون أنها طريقة لتوفير الوقت لمديري التوظيف المثقلين بالمهام، خاصة في عمليات التوظيف الكبيرة لمجالات مثل خدمة العملاء.
ومع ذلك، من المرجح أن يظل للبشر دور، على الأقل في بعض الجوانب. يقول جاكسون لمجلة Fortune : "الذكاء الاصطناعي جيد في تقييم المهارات الموضوعي، بل وأفضل من البشر. لكن فيما يتعلق بالتوافق الثقافي، لا أحاول حتى جعل الذكاء الاصطناعي يقوم بذلك".