القاهرة: الأمير كمال فرج.
في عالم السيارات، لطالما كانت الابتكارات تأتي استجابةً لحاجات السوق. لكن تسلا سايبرتراك كسرت كل القواعد، وقدمت مركبة مدرعة، مضادة للرصاص والأسلحة البيولوجية.
ذكر تقرير نشرته صحيفة The Guardian أن "سايبرتراك عندما كُشف عنها في عام 2019، قُدمت على أنها "مركبة نهاية العالم" بامتياز. صُنعت من "هيكل خارجي من الفولاذ المقاوم للصدأ فائق الصلابة، المصقول على البارد 30X"، ووُصفت بأنها آلة شبه منيعة، دبابة شوارع، ذات زوايا حادة، تعمل بالكهرباء، وتستطيع صد طلقات المسدسات وتجاوز سيارة بورش في سباق، بل وتستطيع أيضًا سحب سيارة بورش أخرى، مع طاقة كافية لمد منزلك بالكهرباء في حالة انقطاع التيار".
قال إيلون ماسك إن الشاحنة يمكنها التعامل مع أي تضاريس على الأرض وربما على المريخ، وكل ذلك بسعر أساسي منخفض قدره 40,000 دولار. وأضاف ماسك: "عندما تقودها تشعر بهذه الأجواء الأخيرة للحضارة التي تشير إلى أن نهاية العالم يمكن أن تأتي في أي لحظة. وهنا في تسلا، لدينا أفضل تكنولوجيا لنهاية العالم".
بعد ست سنوات، ومع انتشار وباء COVID 19 وتوجهات ماسك السياسية، تزايدت "أجواء نهاية العالم"، وأصبحت حكمة تسلا موضع تساؤل أكبر، حيث تحولت سايبرتراك إلى مادة للسخرية العالمية.
وأثارت هذه التحولات مجموعة من الأسئلة: هل هي حقًا مركبة مناسبة لنهاية العالم؟، وهل يمكنها حقًا النجاة من الأوقات العصيبة؟، وهل ستنجو من ماسك نفسه؟.
يقول آرثر برادلي، خبير الاستعداد للكوارث الذي يشرف على بناء أنظمة الأقمار الصناعية في وكالة ناسا: "لا شك أنها مركبة ثقيلة يمكن أن تتحمل بعض العقاب، حتى من طلقات الأسلحة الصغيرة.
التصميم والجدل السياسي
ابتعدت سايبرتراك عن قرن من تقاليد صناعة الشاحنات، حيث تخلت عن التصميم الصندوقي المعتاد لصالح تصميم إسفيني مستوحى من فيلم Blade Runner ومفاهيم السايبربانك. في المقابل، سخرت من سيارة F-150، الأكثر مبيعًا في الولايات المتحدة منذ 47 عامًا، ووصفتها بالتكنولوجيا ما قبل التاريخ.
وعلى موقعها الإلكتروني، عرضت تسلا صورًا خيالية للسيارة سايبرتراك وهي تتجول على كوكب المريخ. لم يكن أحد يعرف ماذا يفعل بهذه السيارة. وتتذكر سيمون جيرتز، مخترعة الروبوتات التي كانت مدعوة لحفل الكشف عن السيارة: "لم أشعر قط بأن الهواء يغادر الغرفة بالطريقة التي حدثت عندما خرجت سايبرتراك على المسرح. كان الناس في حيرة شديدة".
منذ تحول ماسك السياسي نحو اليمين المتطرف، تحول تصميم سايبرتراك من تصميم مثير للجدل من الناحية الجمالية إلى تصميم مثير للجدل من الناحية السياسية. يشير مقال حديث في مجلة Slate إلى التشابه الغريب بين الشاحنة ومركبة Casper العسكرية التي تعود إلى حقبة الفصل العنصري، والتي كانت تقوم بدوريات في بلدات جنوب أفريقيا خلال طفولة ماسك. ويضيف المقال أن Casper أصبحت رمزًا عالميًا لقمع الفصل العنصري بحلول التسعينيات.
تحديات الأداء والأمان
أحد الأمثلة على هذا الجدل هو أن قسم شرطة في كاليفورنيا أنفق 153,000 دولار على سيارة سايبرتراك "لجهود التواصل مع المجتمع"، بينما عرض قائد عسكري شيشاني شاحنة سايبرتراك مزودة بمدفع رشاش، زعم أنها مصممة خصيصًا لمساعدة جيشه في القتال إلى جانب روسيا في حرب أوكرانيا. ورغم أن ماسك نفى صناعة السيارة لقديروف، إلا أن سايبرتراك كان لا بد من سحبها من ساحة المعركة بعد أن توقفت بشكل عشوائي، واتهم قديروف ماسك بإيقافها عن بُعد - وهو مصدر قلق متزايد بين مالكي سيارات تسلا.
جاءت سايبرتراك إلى السوق متأخرة بسنتين، مما سمح للمنافسين بالدخول إلى السوق. وما زاد الأمر سوءًا هو أن ماسك رفع سعرها الأساسي إلى 99,000 دولار. لكن الضرر الأكبر كان أن فائدتها المزعومة كانت أسوأ مما تم الإعلان عنه. فبينما تُبنى الشاحنات العادية على إطار فولاذي لتحمل مهام السحب والجر، فإن الهيكل السفلي لسايبرتراك مصنوع من الألمنيوم، وهو معدن أخف بكثير يمكن أن ينحني أو ينكسر تحت الضغط الشديد. كما أن الفولاذ المقاوم للصدأ عرضة للصدأ، مما يجعل من الصعب عليها النجاة من شتاء عادي، ناهيك عن شتاء نووي. تنتشر مقاطع الفيديو على الإنترنت لـ سايبرتراك وهي تدور عجلاتها في الثلج وعلى الشاطئ.
أما من ناحية السلامة، فلم يتم تصميم سايبرتراك لتتشوه عند الاصطدام، مما يزيد من المخاطر. وهذا هو السبب في حظرها في المملكة المتحدة، والاتحاد الأوروبي، والصين، أكبر سوق للمركبات الكهربائية في العالم. يتخيل البعض أن فاعلًا خبيثًا يمكنه اختراق السيارة عن بُعد أو حتى أن يقوم ماسك نفسه بإيقافها بدافع الانتقام، كما يُزعم أنه حدث مع القائد الشيشاني.
نهاية متوقعة
على الرغم من أن سايبرتراك هي الشاحنة الكهربائية الأكثر مبيعًا في العالم، إلا أن مبيعاتها لا تزال ضعيفة لدرجة أن الشركة لا تُعلن عنها. وفي الأشهر الأخيرة، قام رئيس مجلس إدارة تسلا ببيع أسهم بقيمة 198 مليون دولار وسط انخفاض الأرباح. وقد بدأت شركات مثل فورد وريفيان في اللحاق بها بسرعة في السوق.
تكمن المفارقة في أن آلة تسلا لنهاية العالم لم تستطع التغلب حتى على الطبيعة السيئة لماسك نفسه، أو الوفاء بالمبادئ التي كانت تسلا تدعو إليها في البداية. ربما كان عليها أن تكون مستعدة لمصيرها بأن تصبح "تيتانيك" السيارات. فالتاريخ يخبرنا أنه في أي وقت تُوصف فيه مركبة بأنها "صامدة للمستقبل"، فإن مصيرها المحتوم أن تتحول إلى نصب تذكاري للغطرسة الجامحة.
يقول برادلي: "توقعي هو أن هذا الإصدار من سايبرتراك له عمر محدود للغاية. أعتقد أنه سيكون هناك سايبرتراك أخرى، ولكنها ستكون على الأرجح أكثر حداثة - مثل شاحنة بيك آب عادية".