القاهرة: الأمير كمال فرج.
يتزايد تعرض ركاب الطائرات التجارية وأفراد طاقمها لأبخرة خطيرة أثناء الرحلات الجوية، مما قد يؤدي في بعض الأحيان إلى إصابات دماغية حادة تشبه إلى حد كبير الارتجاجات التي يعاني منها لاعبو كرة القدم المحترفون.
كشف تقرير نشرته صحيفة Wall Street Journal، أن حوادث الأبخرة تسببت في هبوط اضطراري ونقل الركاب المرضى إلى المستشفيات. حتى الطيارون أنفسهم أبلغوا عن تأثر أوقات رد فعلهم ورؤيتهم بسبب هذه الغازات الخطرة.
لطالما علم مصنعو الطائرات، بما في ذلك إيرباص وبوينج، بالسبب وراء هذه المشكلة: تسرب الزيوت والسوائل الهيدروليكية إلى المحركات نتيجة أعطال، حيث تتبخر هذه المواد في درجات حرارة عالية جدًا. هذا المزيج يمكن أن يؤدي إلى إنتاج سموم عصبية، وأول أكسيد الكربون، ومواد كيميائية أخرى.
والأسوأ من ذلك، وفقًا للصحيفة، أن المصنعين يخفضون التكاليف ويقللون من خطورة هذه المخاطر الصحية من خلال ممارسة الضغوط ضد إجراءات السلامة التي يمكن أن تخفف من المشكلة.
إنها مشكلة يمكن أن تصيب الغالبية العظمى من الطائرات المنتجة بكميات كبيرة. في الطائرات التجارية، يتم سحب الهواء النقي إلى محرك الطائرة ثم "يُنزف" إلى مقصورة الركاب بعد ضغطه وتسخينه. لكن الأختام المهترئة يمكن أن تسمح للزيت بالاختلاط مع الهواء والتبخر، مما يؤدي إلى تسرب مركبات سامة إلى المقصورة.
خلال رحلة في فبراير، بدأ الدخان يتسرب عبر فتحات التهوية. نصح المضيفون الركاب بالتنفس من خلال ملابسهم، وأعلن الطيارون أنهم سيعودون إلى أتلانتا. ووجد المفتشون أن خزان الزيت في أحد محركات الطائرة قد تبخر في مقصورة الركاب.
في حين يجادل المصنعون بأن المشكلة ليست كبيرة بما يكفي لتستدعي حلًا شاملًا، وفقًا لصحيفة Wall Street Journal، أثار المطلعون على الصناعة مخاوف بشأن هذا الاتجاه المقلق.
حقائق صادمة
تذكر إدارة الطيران الفيدرالية (FAA) على موقعها الإلكتروني أن هذه الحوادث "نادرة"، على الرغم من أنها بلغت عددًا مذهلًا من 330 حادثة أبخرة في العام الماضي في الولايات المتحدة وحدها.
ومع ذلك، وجدت الصحيفة في تحقيقها الخاص أن العدد الفعلي للحوادث كان أكثر من ضعف هذا الرقم. وقد يكون الرقم الحقيقي أعلى بكثير بسبب الحوادث التي لا يتم الإبلاغ عنها، ووجدت الصحيفة أن أسوأ المتسببين في هذه الحوادث كانت عائلة طائرات إيرباص A320.
بدأ الخبراء للتو في فهم الآثار الصحية للمشكلة. أخبرت فلورنس شيسون، إحدى مضيفات طيران جيت بلو، التي استنشقت الأبخرة أثناء رحلة إلى بورتوريكو، الصحيفة أنها أصيبت بالصداع النصفي، وعدم انتظام ضربات القلب، وحساسية للضوء.
وقد وجد الدكتور روبرت هاريسون، أخصائي الطب المهني الذي عالج أكثر من 100 من أفراد الطاقم بعد التعرض للمواد السامة، أن هذه الحوادث يمكن أن تؤدي إلى تلف الجهاز العصبي المركزي.
على الرغم من الاعتراف الرسمي بالمشكلة من قبل الأمم المتحدة قبل عشر سنوات، لم يقم مصنعو الطائرات بإجراء أي تغييرات كبيرة للتخفيف من المخاطر، حسبما ذكرت الصحيفة.
حلول متاحة
يدعو مشروع قانون تم تقديمه مؤخرًا في الكونغرس إلى تركيب فلاتر متخصصة والتخلص التدريجي من نظام "الهواء النازف". وقد تم إجهاض محاولة سابقة في العام الماضي بعد مواجهتها لضغوط كبيرة من الصناعة.
هذا لا يعني أن مصنعي الطائرات لا يمكنهم حل المشكلة إذا أرادوا ذلك. فطائرة بوينج 787 دريملاينر تتميز بنظام تدوير هواء جديد يجعل هذه المشكلة مستحيلة الحدوث.
ولكن عندما كانت قيادة شركة بوينج تحدد كيفية تسويق النظام الجديد عند طرحه، وفقًا لرسائل بريد إلكتروني حصلت عليها صحيفة Wall Street Journal، أعرب أحد المديرين التنفيذيين عن قلقه من أنه "إذا أسهبنا في الحديث عن نظام تنقية الهواء في 787 وذكرنا مدى روعته وأهميته"، فإن ذلك سيلفت الانتباه إلى سوء جودة الهواء في طائرات الشركة الحالية.