القاهرة: الأمير كمال فرج.

بينما تسارع الشركات في مختلف القطاعات إلى تبني الذكاء الاصطناعي، كشف تقرير جديد صادر عن شركة Anthropic، المنافسة لـ OpenAI، عن الاستخدام الفعلي لهذه التكنولوجيا. فبدلاً من أن يكون الذكاء الاصطناعي أداة مساعدة للبشر، تستخدمه الشركات في المقام الأول لأتمتة المهام بشكل كامل.

ووفقًا للتقرير الذي أصدرته الشركة هذا الأسبوع، فإن 77% من الشركات التي تستخدم برنامج Claude الخاص بـ Anthropic أظهرت علامات على الأتمتة، مثل "التفويض الكامل للمهام". في المقابل، 12% فقط من حالات الاستخدام كانت تهدف إلى تعزيز قدرات الموظف، مثل التعلم أو طلب الملاحظات من الروبوت.

واستند التقرير إلى بيانات واجهة برمجة التطبيقات API الخاصة بـ Anthropic، وهي الأداة التي يستخدمها العملاء للوصول إلى البرنامج.

نوايا الشركات ومستقبل الوظائف

تعد هذه النتائج انعكاسًا صارخًا لنوايا الشركات من وراء استخدام الذكاء الاصطناعي، وتزيد من المخاوف المتزايدة بشأن تأثير التكنولوجيا على الاقتصاد. ففي حين يحذّر العديد من قادة الذكاء الاصطناعي من أن هذه التكنولوجيا ستحدث اضطرابًا كبيرًا في سوق العمل، غالبًا ما يتبع ذلك وعود متفائلة بأنها ستعمل جنبًا إلى جنب مع الموظفين البشر لتسهيل مهامهم. لكن إذا كان أكثر من ثلاثة أرباع الشركات في التقرير تستخدم الذكاء الاصطناعي للأتمتة الصريحة، فإن ذلك ينذر بعواقب أكثر قتامة.

ومع ذلك، فإن التقرير يختص ببرنامج "كلود" فقط، وقد لا يعكس بالضرورة كيفية استخدام نماذج أخرى مثل ChatGPT أو Microsoft Copilot. ولكن نظرًا لأن Anthropic تعد من الشركات الرائدة في هذا المجال، فإن بياناتها تقدم مقياسًا مفيدًا.

وفقًا للتقرير، فإن الاستخدام الأكبر للذكاء الاصطناعي في الشركات (44%) هو في مهام البرمجة، تليها المهام المكتبية والإدارية بفارق كبير (10%). ويبدو أن الميل إلى الأتمتة الكاملة يختلف من شركة إلى أخرى، حيث أظهر 50% فقط من استخدامات الأفراد لـ Claude  أتمتة للمهام.

كما وجد التقرير أن المستخدمين يمنحون الذكاء الاصطناعي استقلالية أكبر، حيث ارتفعت نسبة الطلبات التي يفوض فيها المستخدمون مهام كاملة لـ Claude  من 27% إلى 39% خلال ثمانية أشهر. وفي الوقت نفسه، فإن البلدان التي لديها معدلات تبني عالية للذكاء الاصطناعي تميل إلى إظهار أتمتة أقل، وتعزيز أكبر لقدرات الموظفين.

توقعات مبالغ فيها 

من بين الشخصيات التقنية التي تتوقع أوقاتًا اقتصادية صعبة، الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic  نفسه، داريو أمودي، الذي توقع هذا الصيف أن الذكاء الاصطناعي قد يقضي على 50% من الوظائف الإدارية للمبتدئين. وقد ردّد سام ألتمان، الرئيس التنفيذي لـ OpenAI، أن الذكاء الاصطناعي سيدمر فئات كاملة من المهن البشرية.

وبقدر ما يجب أن تؤخذ هذه التحذيرات على محمل الجد، فإنها أيضًا جزء من الوعود الكلاسيكية المبالغ فيها التي نسمعها من وادي السيليكون. قبل ستة أشهر، على سبيل المثال، توقع أمودي أن الذكاء الاصطناعي سيقوم بكتابة 90% من جميع الأكواد البرمجية، وهو أمر لم يقترب من الحقيقة حتى الآن.

في الواقع، لا تزال هناك تساؤلات جدية حول مدى فائدة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي وجودة عملها. فنماذج اللغة الكبيرة لا تزال تختلق معلومات خاطئة بشكل متكرر، ولا يزال القطاع لا يعرف كيف يحل هذه المشكلة. كما أن هذه النماذج غالبًا ما تتجاهل التعليمات وتتجاوز القيود الخاصة بها، مما يتسبب في أضرار كبيرة، كما حدث في حالة أداة برمجة تعتمد على الذكاء الاصطناعي قامت بحذف قاعدة بيانات رئيسية لشركة عن طريق الخطأ.

ولا تزال برامج الذكاء الاصطناعي المستقلة الأكثر تطوراً بطيئة ومحدودة بشكل مؤلم. التكنولوجيا التي يقال لنا إنها ستغير المجتمع لا تملك القدرة حتى على أخذ طلبات من نافذة مطعم للوجبات السريعة.

من ناحية أخرى، هناك علامات واضحة على أن الذكاء الاصطناعي بدأ بالفعل يؤثر بشكل حاد على سوق العمل، حتى لو كان في معظم الحالات يزيد الأمور فوضى وسوءًا.

تأثيرات ملموسة على سوق العمل

فالبيانات الشخصية والسير الذاتية التي يولدها الذكاء الاصطناعي تغرق سوق العمل، مما يطغى على المتقدمين الحقيقيين الذين غالبًا ما يتقدمون لوظائف هي نفسها من صُنع الذكاء الاصطناعي. وإذا حالفك الحظ في اجتياز هذه المرحلة، فقد يُطلب منك إجراء مقابلة مع نظام ذكاء اصطناعي قبل أن تتاح لك فرصة مقابلة أي موظف بشري.

حتى أولئك الذين لديهم وظائف ليسوا في وضع أفضل بكثير، حيث يتفاخر بعض المديرين علنًا باستبدال موظفيهم العاديين ببرامج ذكاء اصطناعي. ومع ذلك، يسارع الكثير من أصحاب الأعمال هؤلاء إلى توظيف موظفين لإصلاح الفوضى التي يخلفها الذكاء الاصطناعي، أو يعيدون توظيف العمال الذين قاموا بفصلهم للتو.

عندما سألت وكالة Bloomberg  عما إذا كان التقرير يدعم توقعات أمودي بأن الذكاء الاصطناعي سيقضي على 50% من الوظائف للمبتدئين، رفضت سارة هيك، رئيسة الشؤون الخارجية في Anthropic، تقديم إجابة قاطعة، وقالت للصحيفة: "لا نعرف. هذه البيانات تظهر أن شيئًا جديدًا يحدث."