القاهرة: الأمير كمال فرج.
يُشكّل التقدم المتسارع في مجال الذكاء الاصطناعي نقطة تحول في مختلف القطاعات، ومن أبرزها القطاع الطبي. فبينما تُستخدم هذه التقنيات لمهام معقدة مثل التشخيص وتحليل البيانات، يبرز اتجاه جديد يركز على الجانب الإنساني للرعاية الصحية. في هذا الإطار بدأت بعض المستشفيات في توظيف روبوت، صُمم خصيصًا لتقديم الدعم العاطفي والرفقة للمرضى الصغار.
ذكر فرانك لانديمور في تقرير نشرته مجلة Futurism "انتشر وجهٌ جديدٌ ومبهجٌ في المستشفيات ودور الرعاية الأمريكية. إنه شخصية كرتونية مرحة تظهر على شاشة رقمية بحجم جهاز آي باد تقريبًا، مثبتة على جسم روبوت يشبه مخروط المرور الممدود. يتجول ببطء من مكان لآخر، يتبادل النكات مع المرضى، ويُطلق تعابير وجه مضحكة، ويلعب ألعابًا بسيطة".
يُعرف هذا الروبوت باسم "روبن"، ويبدو أنه يحظى بشعبية كبيرة لدى المرضى الصغار والموظفين على حد سواء. صُمم الروبوت العلاجي "روبن" ليتصرف ويتحدث مثل فتاة في السابعة من عمرها، وهو أحدث مثال على كيفية دخول نماذج الذكاء الاصطناعي في التطبيقات الطبية.
تقول سامانثا دا سيلفا، أخصائية علاج النطق في مستشفى HealthBridge للأطفال في كاليفورنيا: ‘ن "فتاة الروبوت تجلب البهجة للجميع... عندما تتجول في الممرات، يحب الجميع التحدث معها وتحيتها."
تُستخدم بعض المستشفيات الذكاء الاصطناعي لفرز المرضى، وتستخدم برامج دردشة لتسجيل المقابلات معهم قبل بدء المواعيد الافتراضية. كما يستخدم الأطباء أدوات الذكاء الاصطناعي لتدوين الملاحظات الطبية والمساعدة في التشخيص.
الدعم العاطفي
يختلف "روبن" عن تلك التطبيقات في أن هدفه الأساسي هو تقديم الرفقة والمواساة. هذا الدور يضعه تحت المجهر، خاصةً مع ظهور تقارير عن أشخاص، وخاصة الأطفال، يعانون من أزمات نفسية بعد علاقات وثيقة مع روبوتات الدردشة مثل ChatGPT.
يقول كارين خاتشيكيان، الرئيس التنفيذي لشركة Exper Technologies التي صنعت "روبن": "تخيل ذكاءً عاطفيًا خالصًا مثل شخصية Wall-E. هذا ما نحاول خلقه". وتؤكد الشركة أن "روبن" مدعوم بتقنية CompassionateAI™ المصممة لتلبية الاحتياجات الفريدة للأطفال وكبار السن، وقادرة على بناء علاقات "هادفة" و"دائمة".
الخصوصية والاستقلالية
وفقًا للشركة، "روبن" ليس آليًا بالكامل، إذ تبلغ نسبة استقلاليته 30% فقط، فيما يتولى فريق من المشغلين عن بعد التحكم في الباقي. ويجمع الروبوت بيانات من كل تفاعل، ويؤكد خاتشيكيان أنها متوافقة مع قوانين حماية الخصوصية الصحية HIPAA.
يبدو أن الأطفال يحبون الروبوت، ففي إحدى الحالات، عندما شغل الروبوت أغنية مراهق مصاب بحادث سيارة، بدأ المريض يرقص. وفي موقف آخر، أضحك فتاة صغيرة بارتداء نظارات مضحكة وأنف أحمر كبير. ومع مريض آخر، لعب tic-tac-toe.
لكن بعض جوانب "روبن" تشبه الأخطار التي يحذر منها النقاد عندما تصبح التكنولوجيا شخصية ومألوفة بشكل مبالغ فيه. وفقًا لخاتشيكيان، يعكس الروبوت عواطف الشخص الذي يتحدث معه، فيضحك إذا كان المريض سعيدًا، ويتخذ وضعًا حزينًا ومتعاطفًا إذا كان يمر بظرف صعب. كما يمكن للروبوت التعرف على المرضى وتذكّرهم (على الرغم من عدم وضوح مدى إسهام العنصر البشري في ذلك).
تساؤلات حول المستقبل
على الرغم من النجاح الواضح، تُثار بعض التساؤلات حول مستقبل "روبن". بما أن الروبوت لا يزال يُشغل بمعظمه عن بعد، فما مدى فعالية هذا الحل؟ هل هو مجرد طريقة لتعهيد دور رئيسي في المستشفى، ليقوم به موظف في شركة تقنية بدلًا من طاقم المستشفى الموجود في الموقع؟ وكيف سيكون استقبال الروبوت عندما يتلاشى عامل الجدة ويصبح وجوده أمرًا طبيعيًا في هذه الأماكن؟
يقول خاتشيكيان: "هدفنا هو تصميم التطور القادم من روبن، بحيث يتحمل المزيد من المسؤوليات ويصبح جزءًا أكثر أهمية في تقديم الرعاية."