القاهرة: الأمير كمال فرج.

في عالم تتسارع فيه وتيرة التكنولوجيا العسكرية، لم تعد الأفكار الخيالية من أفلام الخيال العلمي مجرد قصص. انسَ أمر الذئاب الآلية العملاقة والأقمار الصناعية المصممة لصد الصواريخ؛ فقد أصبحت هذه المفاهيم من الماضي. اليوم، يتجه سباق التسلح نحو آفاق جديدة، حيث تُشكّل روبوتات التجسس متناهية الصغر، بحجم الحشرات، القوة الخفية التي قد تُحدد ملامح حروب المستقبل.

يستعرض تقرير حديث لمجلة الأمن القومي الأمريكية The National Interest العديد من الروبوتات الدقيقة التي يطورها حالياً الجيش الأمريكي وشركاؤه. وتشمل هذه الروبوتات طائرات دقيقة بدون طيار للاستخدام البحري، وروبوتات مراقبة على شكل صراصير، وحتى حشرات إلكترونية.

يُعد برنامج RoboBee، الذي يعمل عليه حالياً معهد Wyss بجامعة هارفارد، الأكثر تطوراً حتى الآن. بتمويل أولي قدره 9.3 مليون دولار من المؤسسة الوطنية للعلوم في عام 2009، يُعد RoboBee مركبة طائرة ذاتية التحكم بحجم حشرة، قادرة على الانتقال من الماء إلى الهواء، والوقوف على الأسطح، وتجنب الاصطدامات بشكل مستقل عند الطيران في أسراب.

يحتوي RoboBee على جناحين "رقيقين كشريحة" يرفرفان حوالي 120 مرة في الثانية لتحقيق الإقلاع العمودي والتحليق في الهواء. وتشير التقارير إلى أن وكالة مشاريع الأبحاث الدفاعية المتقدمة (DARPA) أبدت اهتماماً كبيراً بنماذج RoboBee الأولية، حيث قامت بتمويل أبحاث في تكنولوجيا التصنيع الدقيق، يُفترض أنها مخصصة لنشرها السريع في الميدان.

في المستقبل، قد تحمل هذه الروبوتات الصغيرة حمولات من معدات المراقبة مثل الميكروفونات والكاميرات، على الرغم من أن تحقيق ذلك ليس بالأمر السهل نظراً لحجمها الدقيق.

لا تزال التطورات الأخرى، مثل الحشرة الإلكترونية المذكورة سابقاً، في مراحلها المبكرة. وقد نجح الباحثون في إظهار قدرات أنظمة التحكم عن بعد هذه باستخدام مجموعة من الحشرات المضيفة، بدءاً من خنفساء وحيد القرن وصولاً إلى الصرصور المتواضع.

على الرغم من أن وكالة DARPA تقوم بتمويل تكنولوجيا دمج الحشرات بالآلات منذ عام 2006، إلا أن تطبيقاتها العملية لا تزال غير واضحة. ومع ذلك، يسعى الباحثون لمواكبة التطورات، ويبحثون عن طرق لضبط خوارزميات أسراب الطائرات المسيرة لتناسب ابتكاراتهم الإلكترونية.

تُعد الروبوتات الدقيقة تحت الماء مجال اهتمام آخر لوكالة DARPA. في هذه الحالة، يُقال إن تطبيقها أقل حركة، ويركز بدلاً من ذلك على المراقبة السرية للبنية التحتية البحرية الحساسة.

تشير المجلة أيضاً إلى "قنديل البحر الروبوتي" المزعوم الذي تعمل عليه الوكالة، وهو طائرة بدون طيار ذات جسم رخو يمكنها الانزلاق بصمت عبر المياه الساحلية. مدى فاعلية هذا الروبوت لا يزال غير واضح، حيث يُعرف عن قناديل البحر أنها تنجرف مع المد والجزر والتيارات البحرية العميقة.

أخيراً، هناك الروبوت على شكل صرصور، المعروف باسم Dynamic Autonomous Sprawled Hexapod (DASH)، والذي يُطور في ساحات اختبار وكالة DARPA الشهيرة في جامعة كاليفورنيا ببيركلي. يصف تقرير أبيض أصدرته جامعة بيركلي في عام 2009 الروبوت DASH بأنه روبوت مستقل يبلغ وزنه 16 جراماً وطوله 10 سم، ويتحرك بواسطة ست أرجل تعمل بمحرك واحد. كما أنه قادر على صعود درجات أعلى من ارتفاعه، وامتصاص الصدمات الكبيرة، بما في ذلك السقوط "من أي ارتفاع".

ووفقاً للمجلة، يتم تطوير DASH مع التركيز على مقاومة السحق، مما يشير إلى نهج يركز على الجودة مقابل الكمية مقارنة بالأنظمة الأكثر رشاقة مثل RoboBee.

مع وجود العديد من الروبوتات المستوحاة من الحشرات قيد التطوير، بالإضافة إلى ميزانيات المنح البحثية الضخمة، فمن المرجح أن يكون مجرد مسألة وقت قبل أن تشق بعض هذه الوحدات طريقها خارج المختبر وتصل إلى أيدي الوكالات الأمنية — هذا إذا لم تكن قد وصلت بالفعل.