القاهرة: الأمير كمال فرج.
بنى نوح عليه السلام سفينة عملاقة لحماية الكائنات الحية من الطوفان العظيم، ليضمن استمرار الحياة على الأرض. اليوم، تتجدد هذه الفكرة في الفضاء، حيث يختبر العلماء الروس إمكانية انتقال الحياة عبر الكون في رحلة تشبه سفينة نوح، ولكن على متن مركبة فضائية صغيرة، بهدف استكشاف نظرية "البانسبيرميا" التي تفترض أن الحياة قد انتشرت في أرجاء الفضاء.
ذكر تقرير نشرته مجلة Futurism إن " طائرة فضائية روسية تحطمت في وقت سابق من هذا الشهر، في حقل جنوب غرب موسكو، وهي تحمل على متنها حمولة غير عادية: حوالي 1,500 ذبابة، 75 فأرًا، بذورًا، مجموعة من الميكروبات، وأنسجة خلوية مختلفة".
كانت مهمة القمر الصناعي Bion-M 2 هي دراسة تأثير الفضاء على هذه الكائنات، بالإضافة إلى اختبار مفهوم جريء يُسمى نظرية "البانسبيرميا"، التي تفترض أن الحياة وصلت إلى الأرض عن طريق كائنات دقيقة ركبت على متن مذنب أو نيزك أو كويكب.
لاختبار هذه النظرية، قام العلماء بوضع سلالات من الميكروبات البكتيرية داخل صخور البازلت ودمجها في غلاف المركبة الفضائية، لمعرفة ما إذا كانت هذه الكائنات الدقيقة قادرة على النجاة من الهبوط الناري والعودة إلى الأرض، وفقًا لمسؤولين روس في منشور على تطبيق Telegram . كان هذا المشروع نتاج تعاون بين وكالة الفضاء الروسية Roscosmos ومعهد المشاكل الطبية الحيوية التابع للأكاديمية الروسية للعلوم.
قال ألكسندر أناتوليفيتش، الباحث في المعهد، في منشور Telegram : "إذا نجت أي من هذه السلالات، فسيكون ذلك دليلًا قويًا يدعم نظرية الليثوبانسبيرميا". الليثوبانسبيرميا هي فرع من نظرية البانسبيرميا، وتفترض أن الحطام الناتج عن اصطدام كويكب بكواكب أخرى يمكن أن ينجرف في الفضاء، ثم يصطدم بكواكب أخرى، حاملًا بذورًا من الميكروبات التي يمكن أن تُشعل شرارة الحياة.
لم ترد أية أنباء حتى الآن عن حالة الميكروبات الفضائية، لكن صورًا لافتة نشرها المسؤولون الروس على Telegram ، أشار إليها موقع Space.com، أظهرت علماء وهم يفتحون المركبة الفضائية المحترقة ويستخرجون أسطوانات معدنية منها.
انطلقت المركبة الروسية إلى الفضاء في 20 أغسطس من قاعدة بايكونور الفضائية في كازاخستان، حاملةً شحنتها الثمينة من التجارب العلمية. ثم دارت حول الأرض لمدة 30 يومًا في منطقة من الفضاء أعلى من محطة الفضاء الدولية.
وذكر أحد منشورات Roscosmos على Telegram ، بحسب ما نقله موقع the International: "ستساعد [التجارب] العلماء على فهم كيفية تأثير الظواهر الفضائية على الكائنات الحية في نطاق يكون فيه مستوى الإشعاع الكوني أعلى بحوالي 30% من المدار القريب من الأرض". وأضاف المنشور: "هذا مهم لإعداد البشر للرحلات الفضائية الطويلة".
بعد هبوط المركبة في 19 سبتمبر، أقر المسؤولون الروس في منشور آخر على Telegram بأن عشرة من أصل 74 فأرًا قد نفقت، ولم ترد أي معلومات عن حالة الذباب أو العينات الأخرى.
هذه ليست المرة الأولى التي يرسل فيها العلماء حيوانات إلى المدار. ففي يونيو 1948، أرسلت الولايات المتحدة قردًا من فصيلة الريص يُدعى "ألبرت الأول" إلى الفضاء من وايت ساندز، نيو مكسيكو، لتُشكل بداية لسلسلة طويلة من التجارب المثيرة للجدل على الكائنات الحية من قِبل العلماء الأمريكيين والروس، والتي شهدت نفوق قطط وكلاب وغيرها من الحيوانات أثناء وجودها في الفضاء أو بعد تحطمها على الأرض.
يُفترض أن الميكروبات المغامرة في الفضاء — مثل تلك التي توجد في أكثر الأجزاء قسوة على الأرض — مصنوعة من مادة أكثر صلابة، وهذا أمر جيد لأي شخص يتمنى رؤية احتمالات وجود حياة في أماكن أخرى.