القاهرة: الأمير كمال فرج.

في سعيهم لتعزيز ثقة أطفالهم بأنفسهم، قد يلجأ الآباء والأجداد إلى عبارات إطراء تبدو بريئة وودودة، لكنها في الواقع تحمل مخاطر نفسية خفية يمكن أن تعيق نمو الطفل وتشكيل هويته.

ذكرت آشلي برودووتر في تقرير نشره موقع parade إن "الدكتورة روبين كوسلويتز، أخصائية علم النفس السريري للأطفال ومؤلفة كتاب Post-Traumatic Parenting، تحذر من ستة أنواع شائعة من المديح يجب التوقف عن استخدامها فوراً.

وتصف الدكتورة كوسلويتز هذه العبارات بأنها "كالجراثيم المغلفة بالسكر"، قائلة: "الإطراء من المفترض أن يجعل الأطفال يشعرون بأنهم مرئيون ومُقدَّرون، لكن العديد من الإطراءات التي أسمعها في عملي تفعل العكس تماماً". فغالباً ما تُربك هذه العبارات الأطفال أو تضغط عليهم أو تقوّض إحساسهم بالذات بهدوء.

إليكم الإطراءات الستة التي يتوسل طبيب نفسي بضرورة تجنبها، والسبب وراء ضررها:

1. "أنت ذكي جداً/عبقري!" (You are so smart.)

الضرر الكامن: تعزز هذه العبارة ما يُعرف بـ "العقلية الثابتة" (Fixed Mindset).

عندما يُمدح الطفل لكونه "ذكياً بالفطرة"، فإنه يبدأ في استيعاب فكرة أن الأداء الجيد دون جهد هو ما يكسبه القبول. ونتيجة لذلك:

    يتجنب الأطفال المهام الصعبة أو المعقدة خوفاً من الفشل الذي قد يهدد هويتهم "الذكية".

    يتوقفون عن المخاطرة أو بذل الجهد، لأنهم يعتقدون أن صفاتهم محفورة في الصخر ولا يمكن تحسينها.

    البديل المقترح: الإطراء على الجهد والعملية، مثل: "لقد رأيت كم بذلت من جهد لإنجاز ذلك!"

2. "أنت جميلة جداً/جذابة للغاية." (Youre so pretty)

الضرر الكامن: تربط قيمة الطفل بشيء لم يكسبه ولا يمكنه التحكم فيه.

قد يشعر الطفل بلحظة جيدة عند سماع هذا الإطراء، لكنه يصبح سريعاً "خانقاً". إنه يعلّم الأطفال (وخاصة الفتيات) أن قيمتهم ومكانتهم في الأسرة والمجتمع مرتبطة بمظهرهم الجسدي.

    هذا لا يبني الثقة الحقيقية بالذات.

    يؤدي إلى معادلة خطيرة: أن تكون محبوباً يعني أن تكون جذاباً.

    ينطبق التحذير نفسه على عبارات مثل: "شعرك مثالي جداً" أو "ستخطفين القلوب يوماً ما".

3. "تبدو رائعاً في هذا الفستان، لحسن الحظ لم ترث [تمتمة حول وزن أو صفة سلبية لشخص آخر]!" (A Backhanded Compliment)

الضرر الكامن: يسبب "ارتباك الولاء" ويجعل الطفل يدير مشاعر البالغين.

قد يقدم الأجداد أو الآباء إطراء مقروناً بحفر خفي أو مقارنة سلبية بشخص بالغ آخر في الأسرة (الأم أو الأب).

    يشعر الطفل بالتمزق بين قبول الإطراء والدفاع عن والده/والدته الذي تعرض للانتقاص.

    يخلق هذا الموقف عبئاً على الطفل لإدارة المشاعر المعقدة للبالغين، مما يفتح الباب أمام الشعور بالذنب وانعدام الأمان.

4. "أنت لا تسبب لي أي مشكلة أبداً." (You never give me any trouble.)

الضرر الكامن: يعلّم الطفل قمع احتياجاته ليحافظ على دوره "الجيد" في العائلة.

عبارات مثل: "أنت أسهل طفل عندي" أو "هادئ جداً" تبدو كمديح، لكنها تشجع الطفل على كبت مشاعره واحتياجاته وعواطفه ليبقى عند حسن ظن البالغين.

    يبدأ الطفل في الاعتقاد بأنه يجب أن يتصرف بـ**"مثالية"** ليتم تقديره والحصول على الحب والرعاية.

    هذا السلوك يؤدي إلى أنماط سلوكية غير صحية حيث يخاف الطفل من التعبير عن غضبه أو حزنه الطبيعي.

5. "أنت الوحيد الذي يفهمني حقاً." (You are the only one who really understands me.)

الضرر الكامن: يحمّل الطفل مسؤولية عاطفية تفوق طاقته.

رغم أن الآباء يقولون ذلك أحياناً بدافع الحب، فإن هذه العبارة تحمل الطفل عبئاً عاطفياً ثقيلاً، وكأن وظيفته هي تنظيم الجهاز العصبي للبالغ؛ أي إبقاء الوالد هادئاً أو سعيداً أو مستقراً عاطفياً.

    هذا الإطراء يسلم الطفل دوراً للكبار ليس دوره ليحمله.

    يجب أن يكون هدف الوالد أو الجد هو رعاية الطفل، وليس الاعتماد عليه عاطفياً.

6. "أنت فنان العائلة/رياضي العائلة." (You are the artist of the family.)

الضرر الكامن: يحصر هوية الطفل ويغلق أمامه مسارات الاستكشاف.

الإطراء الذي يضع "ملصقاً" أو "لقباً" ثابتاً على الطفل، سواء كان يتعلق بالذكاء أو المهارة أو المظهر، يجعله محبوساً في هذا الدور.

    إذا أراد الطفل الانتقال من الرسم إلى الرياضة، على سبيل المثال، فقد يشعر أن هذا "خيانة" لهويته أو تخلٍّ عن دوره في العائلة.

    تصبح الهوية بالنسبة للطفل "أداء" يجب المحافظة عليه، مما يصعّب عليه استكشاف ما يمكن أن يكونه في المستقبل.

الإطراء البنّاء: التركيز على الجهد والاتصال

تؤكد الدكتورة كوسلويتز أن أفضل الإطراءات هي تلك التي تترسخ في الارتباط الحقيقي، وتكون موجهة نحو:

    الجهد والمثابرة.

    اللطف والرحمة تجاه الآخرين.

    الإبداع والمرونة.

يجب أن تتجنب هذه الإطراءات وضع الطفل في منافسة مع الآخرين، وألا تجعله مسؤولاً عن سعادة البالغين، بل تركز على العملية والعمل الذي قام به، وليس على الصفة الثابتة فيه.