القاهرة: الأمير كمال فرج.
تكمن المفارقة الأساسية في قلب الصين المعاصرة في أنها، رغم كونها أبرز دولة يحكمها النظام الشيوعي عالمياً، فقد حققت ثراءً وازدهاراً متصاعداً في العقود الأخيرة من خلال تبنيها مستوى من ريادة الأعمال والمنافسة السوقية يثير الإعجاب الشديد، لدرجة أنه كان ليجعل أيقونة الرأسمالية، رونالد ريغان، يشعر بالغيرة. في بعض الحالات، قد تؤدي كل هذه الرأسمالية إلى ظهور مواقف في جمهورية الصين الشعبية تبدو وكأنها محاكاة ساخرة غير مقصودة.
ذكر جو ويلكنز في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "مقطع فيديو حديث شاركته منصة China Insider وهي منفذ إخباري تديره مجموعات إعلامية مناهضة للصين مثل NTD و The Epoch Times، أظهر امرأة تُجبر على مسح رمز الاستجابة السريعة QR Code بهاتفها لتفعيل موزع المناديل الورقية".
بعد مسح الرمز، يُعرض على المرأة خياران: إما دفع بضعة سنتات للحصول على مناديل، أو - والأغرب - مشاهدة إعلان. قد تبدو هذه الآلية الغريبة وكأنها جزء من عالم بائس، لكنها في الواقع سلسة جدًا من وجهة نظر المستخدم، حيث لا تستغرق سوى بضع ثوانٍ من الجهد.
سياق المشكلة: السرقة المزمنة للمناديل
تظل المعلومات المتعلقة بمكان تصوير الفيديو غير مؤكدة، إذ لم يكشف المنفذ الإعلامي عن موقعه، لذا لا نعرف ما إذا كان ذلك في مطعم ماكدونالدز خاص، أو مركز تجاري عام/خاص، أو محطة مترو.
وقد علقت المنصة على الفيديو بالقول: "هذا النظام مصمم للحد من الهدر؛ فبعض الناس كانوا يسيئون استخدام المناديل المجانية في السابق."
هذا التفسير معقول جداً؛ إذ إن سرقة المناديل الورقية تمثل، بشكل مفاجئ، مشكلة اجتماعية قائمة منذ فترة طويلة في الصين.
فقد ذكر تقرير صادر عن صحيفة New York Times عام 2017 تفاصيل الوضع، حيث اشتكى مديرو المتنزهات في المناطق السياحية المزدحمة من نفاد مخزونات المناديل الورقية بسرعة قياسية. لكن المشكلة، كما أوضح أحد المديرين للصحيفة، لم تكن تكمن في السياح، بل تبين أن "السكان المحليين" هم من يستغلون التوفير المجاني.
وفي ذلك الوقت، صرح عامل خدمات يُدعى هي تشي تشيانغ لصحيفة New York Times قائلاً: "الأشخاص الذين يسرقون المناديل الورقية جشعون. المناديل الورقية هي مورد عام، وعلينا منع الهدر."
كما أشار مصدر آخر للصحيفة إلى أن عقود الفقر التي مرت بها الصين جعلت بعض الأفراد قلقين بشكل مفرط بشأن اغتنام أي فرصة للاستفادة من السلع المتاحة للجمهور.
تجدر الإشارة إلى سياق آخر ذي صلة: توفير المناديل الورقية العامة ليس أمرًا مسلمًا به في الصين؛ فمعظم الحمامات العامة تعمل بنظام "أحضر مناديلك الخاصة" BYOTP، مما يجعل دورات المياه المجهزة جيدًا أكثر عرضة للاستهداف والسرقة.
وعلى الرغم من أن هذا الوضع يتغير ببطء، على الأقل في المناطق التي يرتادها السياح بكثرة، يبدو أن تكنولوجيا الإعلانات AdTech قد تكون جزءًا من جهود التخفيف من هذه المشكلة، ريثما يتعلم الجميع ثقافة المشاركة.