القاهرة: الأمير كمال فرج.
في ظل التسارع الهائل لتقنيات الذكاء الاصطناعي AI وتحولها من مجرد أدوات مساعدة إلى محركات رئيسية لتشكيل المجتمعات والاقتصادات، بدأت موجة من الاحتجاجات الشعبية والتحذيرات الأخلاقية في الظهور على الساحة العالمية. لم يعد القلق محصوراً في دوائر الخبراء والفلاسفة، بل تحوّل إلى حركة ملموسة ترفض التوغل غير المنظم لهذه التقنية في حياتنا اليومية.
ذكر راي ويت في تقرير نشره موقع Futurism "تنتشر حاليًا إعلانات لشركة ناشئة تعمل بالذكاء الاصطناعي تُدعى "Friend" (صديق) في جميع أنحاء شبكة مترو الأنفاق الواسعة بمدينة نيويورك. وقد أنفقت الشركة ما يزيد عن مليون دولار على أكثر من 11,000 إعلان داخل عربات المترو، و1,000 ملصق على الأرصفة، و130 لوحة إعلانية حضرية".
وفقًا لردود الفعل، يبدو أن الحملة لم تكسب الشركة سوى القليل جدًا من "الأصدقاء" بين سكان نيويورك. فمنذ بدء الحملة الأسبوع الماضي، يقوم مستخدمو المترو بتخريب الإعلانات ونزعها.
الأمر المثير للجدل هو أن آفي شيفمان، الرئيس التنفيذي للشركة، يقول إنه فعل ذلك "عن قصد". وصرح لمجلة Adweek: "أعلم أن سكان نيويورك يكرهون الذكاء الاصطناعي، وأشياء مثل الرفقة عبر الذكاء الاصطناعي والأجهزة القابلة للارتداء، وربما أكثر من أي مكان آخر في البلاد. لذلك، اشتريت إعلانات أكثر مما اشتراه أي شخص على الإطلاق، مع ترك مساحات بيضاء واسعة حتى يتمكنوا من التعليق اجتماعيًا على الموضوع."
وهذا بالضبط ما حصل عليه. فقد خُطت رسائل على الإعلانات تقول: "توقفوا عن التربح من الوحدة"، و"الذكاء الاصطناعي لن يهتم إذا عشت أو مت"، و"اذهب واصنع صداقات حقيقية"، و"هذه مراقبة"، و"الذكاء الاصطناعي يشجع على الانتحار".
استفزاز مدينة
ومن الجدير بالذكر أن رئيسًا تنفيذيًا يختار استفزاز مدينة نيويورك لا يبدو متوافقًا مع منتج من المفترض أن "يهتم" بمستخدميه. خاصة وأن المنتج الرئيسي لشركة Friend هو جهاز قابل للارتداء بقيمة 129 دولارًا يوضع حول الرقبة ويستمع إلى كل كلمة تقولها، مما يثير مخاوف كبيرة بشأن الخصوصية.
تنص سياسة خصوصية الشركة على أنه على الرغم من أن بياناتك قد تكون في مأمن من البيع لأغراض التسويق، إلا أنها ستُستخدم للأبحاث و"للامتثال للالتزامات القانونية، بما في ذلك تلك المنصوص عليها في اللائحة العامة لحماية البيانات GDPR، وقانون خصوصية المستهلك في كاليفورنيا CCPA، وأي قوانين خصوصية أخرى ذات صلة، ولحماية حقوق وخصوصية وسلامة أو ممتلكات مستخدمينا، أو شركة Friend، أو الأطراف الثالثة."
تجربة فظة
جودة التجربة نفسها لا تزال موضع نقاش. ففي مراجعة لاذعة من مجلة Wired، وجد صحفيان أن جهاز Friend سخيف، وساخر، وغير مفيد، بالإضافة إلى كونه مجادل بشكل مفاجئ ومتعجرف.
بصراحة؟ ربما يتناسب هذا مع شخصية صاحب الشركة آفي شيفمان، المبدع البالغ من العمر 22 عامًا، الذي اختار حرق رأس المال في محاولة لإثارة الغضب في إحدى أكبر مدن العالم. لا حاجة للأصدقاء عندما يمكنك الآن أن تدفع لتبقي عدوك الأقرب إليك.