القاهرة: الأمير كمال فرج.
لم يعد الأمر يقتصر على تهديد الذكاء الاصطناعي لوظائفنا فحسب، بل يبدو أن تأثيره يتجاوز ذلك ليصل إلى صميم استقرارنا المالي.
ذكر جو ويلكنز في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "تحذير جديد يصدر من قلب Wall Street، لا يلوح في الأفق خطر فقدان الوظيفة فحسب، بل يظهر شبح تدمير مدخرات التقاعد بالكامل. يحذر المحللون من أن هذه الفقاعة التكنولوجية قد لا تُبقي أحدًا بمنأى عن تبعات انفجارها".
ذكرت صحيفة Washington Post في تقرير حديث حول فقاعة الذكاء الاصطناعي، إن "الاستثمار المضارب في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبح القوة المهيمنة التي تقود نمو الاقتصاد الأمريكي حاليًا".
حقيقة مقلقة
تشير الأرقام إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة نما بمعدل 1.6% حتى الآن هذا العام، وهو في طريقه لمواكبة نمو عام 2024 الذي بلغ 2.8%. ورغم أن هذا يبدو جيدًا على الورق، إلا أن هناك حقيقة مقلقة وهي أن ثلثي هذا النمو جاء من قطاع الذكاء الاصطناعي وحده، وفقًا لتحليل الصحيفة.
تُعد هذه النسبة إشارة خطر كبرى، حيث لا تمثل استثمارات الحاسوب والبرمجيات حاليًا سوى حوالي 6% من إجمالي الاقتصاد الأمريكي. في المقابل، يتكون نحو 70% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد (الذي يقارب 28 تريليون دولار) من الإنفاق الاستهلاكي — وهي الفئة التي طغى عليها الآن ازدهار الذكاء الاصطناعي. بعبارة أخرى، انعكست الأدوار، وأصبح جزء صغير جدًا من الاقتصاد يجر البقية خلفه.
وترى كالّي كوكس، وهي استراتيجية سوق، لصحيفة Washington Post أن هذا الوضع يعد غير عادي على أقل تقدير:، تقول "الشيء الذي يقود الاقتصاد ربعًا بعد ربع هو دائمًا الإنفاق الاستهلاكي تقريبًا".
انهيار محتمل
إذا كان هذا هو الحال، يصبح السؤال الحتمي هو: ماذا سيحدث إذا توقف أو تباطأ الإنفاق على الذكاء الاصطناعي؟
الإجابة المختصرة هي أن كبرى شركات التكنولوجيا قد تكون قادرة على تجاوز العاصفة، لكن الشركات الناشئة في مجال الذكاء الاصطناعي والشركات الخاصة التي تعتمد على رؤوس الأموال المغامرة لدفع فواتيرها ستنهار وتتلاشى. كما ستعاني أسواق الطاقة والبناء بالمثل، مع توقف تطوير مراكز البيانات الجديدة. أما التأثير على Wall Street فسيكون مدمرًا؛ حيث تشير الصحيفة إلى أن مؤشر S&P 500 قد يخسر ما يصل إلى 30% من نمو إيراداته المتوقع.
وإذا انفجرت فقاعة الذكاء الاصطناعي، فإن أحد المخاطر الأقل ملاحظة سيكون تأثيرها على صناديق التقاعد. كما يشير التقرير، تهيمن شركات التكنولوجيا حاليًا على الأسواق العامة، مما يعني أن أي تقلب في أرباحها النهائية يمكن أن يكون له "تأثير قوي" على حسابات التقاعد بأنواعها، مثل حسابات 401(k) وحسابات التقاعد الفردية (IRAs)، ناهيك عن بقية الاقتصاد.
وفي هذا الصدد، قالت أمبا كاك، المديرة التنفيذية المشاركة لمعهد AI Now ، وهو مركز أبحاث لسياسات التكنولوجيا، لمجلة Inc "لقد أصبحنا الآن مقيدين بنسخة معينة من السوق والمستقبل حيث تقود جميع الطرق إلى شركات التكنولوجيا العملاقة".
النجاة من الألم
في وقت سابق من شهر أبريل، حذّر موقع Investopedia المتخصص في التمويل الشخصي قرّاءه من أن "قِلة من الناس ستنجو من هذا الألم" في حال حدوث انهيار محتمل للذكاء الاصطناعي، وذلك بالنظر إلى تركز أسهم التكنولوجيا ضمن مؤشر S&P 500. فحتى الآن في عام 2025، تستحوذ "الشركات السبع العظيمة" — وهي: Meta، وApple، وGoogle، وAmazon، وTesla، وMicrosoft، وNvidia — على حوالي 36% من القيمة السوقية الإجمالية للمؤشر، وهو ما يمثل تركزًا كبيرًا للثروة.
وكما عبّر المستشار الاستراتيجي ديون هينشكليف مؤخرًا لمجلة Forbes "لا يكمن الخطر في سقوط الشركات السبع الكبرى فقط، بل في أن بقية المؤشر ضعيفة جدًا بحيث لا تستطيع تعويض هذا النقص عندما يحدث السقوط".
لا يعد هذا تحذيرًا استثماريًا مباشرًا، ولكنه يسلط الضوء على الهشاشة الهيكلية التي يعاني منها الاقتصاد الأمريكي حاليًا بسبب التركيز المفرط للنمو في قطاع واحد.