القاهرة: الأمير كمال فرج.
في ظل الهوس المتزايد بتقنيات الذكاء الاصطناعي، يبرز صوت تحذيري لا يمكن تجاهله. فـكوري دوكتورو، مؤلف الخيال العلمي والصحفي التقني المعروف بتوقعاته الحادة والنقدية لمسار التكنولوجيا والرأسمالية، لطالما كان في طليعة المتنبئين بكوارث التقنية. وهو اليوم يدق ناقوس الخطر بخصوص القطاع الأكثر سخونة: الذكاء الاصطناعي.
ذكر جو ويلكنز في تقريره بمجلة Futurism أن كوري دوكتورو، بفضل مزيجه الثاقب بين نقد التكنولوجيا والتحليل الطبقي، كان دائمًا في صدارة المشهد النقدي لمجتمعنا الرأسمالي التقني."
لقد غيرت مقالات دوكتورو النقدية، التي تناولت مواضيع مثل أوليغارشية إخوة التكنولوجيا Tech broligarchs والتدهور السريع للمنصات Enshittification، من شكل النقد التقليدي. هذا التغيير أتاح المجال لظهور نوع جديد من التقارير النقدية التكنولوجية التي تقدمها مشاريع إعلامية كـ Tech Policy Press و 404 Media، بالإضافة إلى برامج البودكاست مثل Tech Won’t Save Us و Better Offline.
سواء اتفقنا أو اختلفنا، لطالما كانت رؤى دوكتورو مرآة ضرورية تعكس علاقة مجتمعنا المعقدة مع الشركات التكنولوجية العملاقة. والآن، يحذر دوكتورو في مقال نشره مؤخرًا على مدونته Pluralistic من الانهيار الوشيك لصناعة الذكاء الاصطناعي، واصفًا إياه بكارثة مالية مدفوعة بالضجيج يرى أنه قد فات الأوان لتجنبها.
فقاعة لا مفر منها
يروي دوكتورو في مقالته محادثة أجراها مع طالب جامعي بعد إلقاء محاضرة حول فقاعة الذكاء الاصطناعي، حيث أكد فيها أن المستثمرين في الذكاء الاصطناعي هم من يدعمون الاقتصاد الأمريكي.
سأل الطالب بخوف: "إذًا، أنت تقول إن ثلث سوق الأسهم مرتبط بسبع شركات ذكاء اصطناعي ليس لديها أي طريقة لتحقيق الربح، وأن هذه فقاعة ستنفجر وتأخذ الاقتصاد بأكمله معها؟"، فأجاب الناقد التقني: "نعم، هذا صحيح."
فقال الطالب: "حسنًا، ولكن ما الذي يمكننا فعله حيال ذلك؟". أجاب دوكتورو بأن هذه الفقاعة تُدعَم من قبل الشركات التكنولوجية العملاقة التي تتسول الآن من المستثمرين للانضمام، خاصة بعد أن تباطأ نموها المحتمل حتى كاد أن يتوقف. ولجذب المستثمرين، تبيع هذه الجهات الاحتكارية كذبة مفادها أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يحل محل العمالة البشرية، في حين أن تجارب الذكاء الاصطناعي تفشل في 95% من الشركات التي تحاول تطبيقها في الواقع.
كتب دوكتورو: "الذكاء الاصطناعي لا يمكنه القيام بعملك، ولكن رجل مبيعات للذكاء الاصطناعي يمكنه بنسبة 100% إقناع رئيسك بفصلك واستبدالك بذكاء اصطناعي لا يستطيع القيام بعملك."
ويضيف: "عندما تنفجر الفقاعة، سيتم إيقاف "النماذج التأسيسية" التي تستنزف الأموال، وسنفقد الذكاء الاصطناعي الذي لا يستطيع القيام بوظيفتك، وستكون أنت قد اختفيت منذ فترة طويلة، إما أعيد تدريبك، أو تقاعدت، أو "أحبطت" وخرجت من سوق العمل، ولن يقوم أي شخص بوظيفتك."
وتابع: "الذكاء الاصطناعي هو الأسبستوس ـ وهي مادة مسرطنة ـ الذي نحشوه في جدران مجتمعنا، وسيقوم أحفادنا بإزالته لأجيال."
وخز الفقاعة هو الحل الوحيد
نظرًا لحقيقة أن هذه الاستثمارات متشابكة بالفعل في شبكة معقدة من الرأسمالية المالية، يرى دوكتورو أن أفضل شيء - والشيء الوحيد - الذي يجب فعله هو "وخز فقاعة الذكاء الاصطناعي في أقرب وقت ممكن، لوقف هذا قبل أن يتفاقم أكثر وتجنب تراكم الديون الاجتماعية والاقتصادية."
إن تفجير الفقاعة يعني التخلص من "الأساس المادي" الذي يدعمها: الأسطورة القائلة بأن نماذج اللغات الكبيرة LLMs يمكنها أن تقوم بوظائفنا.
يختتم دوكتورو بالقول: "أهم شيء بخصوص الذكاء الاصطناعي ليس قدراته أو قيوده التقنية. أهم شيء هو قصة المستثمر والهوس الذي أعقبها، والذي أعد لكارثة اقتصادية ستضر بمئات الملايين أو حتى المليارات من البشر. الذكاء الاصطناعي لن يستيقظ، أو يصبح فائق الذكاء، أو يحولك إلى مشابك ورق، ولكن الأثرياء المصابين بـ "ذهان مستثمر الذكاء الاصطناعي" سيعملون بكل تأكيد على جعلك أكثر فقرًا."