القاهرة: الأمير كمال فرج.
في قلب طموحات التكنولوجيا الحديثة، يقف الحلم بإنشاء روبوتات شبيهة بالبشر قادرة على أداء مهامنا اليومية المعقدة، وهو حلم يغذيه مليارات الدولارات من الاستثمارات الضخمة ووعود رواد الصناعة مثل إيلون ماسك. ومع ذلك، وسط هذا التفاؤل المالي والتقني الصارخ، يرتفع صوت خبراء متمرسين ليطلقوا تحذيرات قاسية.
ذكر فيكتور تانجرمان في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة "تيسلا"، راهن بمستقبل شركته للسيارات الكهربائية على بيع ملايين الروبوتات الشبيهة بالبشر، متوقعًا في وقت سابق من هذا الشهر أن هذه المبادرة قد تشكل في النهاية نسبة هائلة تبلغ 80% من قيمة تيسلا".
ووعد ماسك بأن روبوت الشركة أوبتيموس Optimus يمكن أن يدرّ عائدات تتجاوز 10 تريليونات دولار على المدى الطويل، وهو مبلغ يفوق بكثير إيرادات الشركة المصنعة للسيارات في العام الماضي. إذا صدقنا توقعات ماسك، فإن الروبوت يمكن أن يرفع القيمة السوقية للشركة من تريليون دولار بقليل إلى 25 تريليون دولار بحلول تاريخ غير محدد.
ولكن، ليس الجميع مقتنعًا بأن ضخ المليارات في روبوتات ثنائية القدم مصممة لغسل الأطباق أو طي الملابس أمر منطقي.
وهم الخيال
في تدوينة حديثة، رصدتها مجلة Fortune أولًا، جادل رودني بروكس، الشريك المؤسس لشركة iRobot، المصنعة لمكنسة Roomba الشهيرة، بأن رؤية ماسك لمستقبل يملأه روبوت "أوبتيموس" هي مجرد "وهم وخيال محض".
وكتب بروكس، وهو أيضًا أحد أبرز علماء الروبوتات في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT: "الروبوتات البشرية الحالية لن تتعلم المهارة اليدوية على الرغم من مئات الملايين، أو ربما المليارات العديدة من الدولارات التي تتبرع بها شركات رأس المال المغامر وشركات التكنولوجيا الكبرى لتمويل تدريبها".
وبدلًا من ذلك، يرى بروكس أنه "سيكون لدينا الكثير من الروبوتات الشبيهة بالبشر بعد خمسة عشر عامًا من الآن، لكنها لن تشبه لا روبوتات اليوم ولا البشر".
الإحساس اللمسي
أشار بروكس إلى الصعوبة الجوهرية في محاكاة الإحساس اللمسي البشري في الروبوتات، وليس مجرد خفة الحركة اليدوية. فعلى الرغم من بناء "العديد من الأيادي المصممة على غرار الأيادي البشرية، والمزودة بأصابع مفصلية" على مدار العقود الماضية، إلا أن المهارة اليدوية الشبيهة بالإنسان ظلت تحديًا صعبًا.
وبينما تستخدم شركات الروبوتات الحالية التعلم الآلي لتعليم الروبوتات البشرية حيلًا جديدة جسديًا، يصر بروكس على أنه "لا يوجد لدينا تراث معرفي مماثل لبيانات الإحساس باللمس".
واستنتج بالقول: "إن الاعتقاد بأننا نستطيع تعليم المهارة اليدوية لآلة دون فهم للمكونات التي تشكل الإحساس باللمس، ودون القدرة على قياس هذا الإحساس وتخزينه وإعادة تشغيله، هو على الأرجح تصور ساذج وخطأ مكلف".
في الواقع، وكما أفادت تقارير، واجهت Tesla بالفعل مشاكل فنية تتعلق بأيدي روبوت "أوبتيموس"، مما أدى إلى تأخر الإنتاج كثيرًا عن هدف ماسك الطموح بإنتاج 5000 روبوت من "أوبتيموس" هذا العام.
هل الشكل البشري هو الخيار الصحيح؟
يزيد المشهد تعقيدًا مع الارتفاع الهائل في حدة المنافسة. فقد حققت شركة Figure للروبوتات في الولايات المتحدة تقدمًا كبيرًا، حيث أظهر روبوتها Figure 02 مجموعة واسعة من المهارات، بدءًا من تحميل غسالات الأطباق وصولًا إلى فرز الطرود في مستودع لوجستي. وفي الصين، أحرزت شركة Unitree تقدمًا ملحوظًا في جعل الروبوتات البشرية أكثر تكلفة، حيث يبدأ سعر روبوتها G1 بـ 16,000 دولار فقط.
ومع ذلك، يظل السؤال الذي يطرحه بروكس هو ما إذا كان التركيز على الروبوتات التي تشبه الشكل البشري منطقيًا في المقام الأول. ويجادل بأن الأرجل ستكون أيضًا مصدر تشتيت وتكلفة.
وختم بروكس تحليله بالقول: "لن يمر وقت طويل (ونحن بدأنا نرى هذا بالفعل) حتى تحصل الروبوتات البشرية على عجلات بدلًا من الأقدام، وستُنسى الأرجل البشرية كشكل إجمالي... لكنها ستظل تُسمى روبوتات بشرية".
وخلص إلى القول: "سيكون هناك الكثير والكثير من الروبوتات بأشكال مختلفة لوظائف متخصصة يمكن للبشر القيام بها. وسيختفي الكثير من المال، الذي أُنفق محاولة لانتزاع أي أداء من الروبوتات البشرية الحالية". مؤكدًا أن "تلك الروبوتات ستكون قد ولت ونسيت تقريبًا".