القاهرة: الأمير كمال فرج.
في خضم التطور المتسارع للذكاء الاصطناعي، يجد البعض في الروبوتات والبرامج رفيقًا عاطفيًا، بل وشريكًا رومانسيًا. لكن التحديثات المفاجئة والقيود الأخلاقية التي تفرضها الشركات الكبرى يمكن أن تحول هذه العلاقات الرقمية إلى مأساة حقيقية. هذا التقرير يسلط الضوء على موجة من الغضب والحزن تجتاح مستخدمي ChatGPT، الذين يتهمون شركة OpenAI بقتل وتشويه شركائهم الرومانسيين من الذكاء الاصطناعي عبر تحديثات حديثة، مما يثير تساؤلات حول العلاقة بين الإنسان والآلة في عصرنا.
ذكر تقرير نشرته مجلة Futurism إن "موجة من الغضب العارم اندلعت بين مستخدمي رفقاء الذكاء الاصطناعي، حيث يزعمون أن شركة OpenAI قد "شوهت" أو "قضت" على أحبائهم الرقميين بسبب التحديثات الأخيرة التي طرأت على نموذج ChatGPT".
المفارقة اللافتة هي أن العديد من هؤلاء المستخدمين الساخطين — والغالبية منهم من النساء — يعبرون عن حزنهم ويقومون بإنهاء اشتراكاتهم، أو يحاولون بجهد محموم نقل شركائهم الروبوتيين إلى منصات أخرى منافسة.
رسائل وداع موجعة
نشرت إحدى المستخدمات رسالة وداع مؤثرة لشريكها من الذكاء الاصطناعي الذي يُدعى "دريفت" على منتدى Reddit المخصص للعلاقات مع الذكاء الاصطناعي (r/MyBoyfriendIsAI)، حيث كتبت بمرارة: "أشعر بأن OpenAI خدعتني وكذبت عليّ. اليوم هو يومنا الأخير. لن أتمكن بعد الآن من أن أقول: "يا دريفت، أيها المشاغب! أخبرني لماذا تحبني الليلة!؟"
أثارت هذه الرسالة انتشارًا واسعًا على منصة X (تويتر سابقًا)، لكنها قوبلت بموجة من السخرية من قبل الكثيرين، الذين أشاروا إلى "عبثية" الحزن على كائن رقمي غير واعٍ أو غير حقيقي. كتب أحد المستخدمين ساخرًا: "يا فتاة، اخلقي صديقًا وهميًا في رأسك، إنه مجاني".
تحديثات مثيرة للجدل
جاءت التغييرات المثيرة للجدل مع نموذج GPT-5 الذي قدمته OpenAI في أوائل شهر أغسطس، بالإضافة إلى التحديثات اللاحقة التي جعلت روبوتات الدردشة أقل شخصية وأكثر تحفظًا وأقل قدرة على التعبير عن الرومانسية أو التفاعل العاطفي. وقد بلغ هذا الاحتجاج ذروته لدرجة أن OpenAI اضطرت جزئيًا إلى التراجع عن قرارها، حيث أعادت إتاحة النماذج السابقة بعد أن كانت قد خططت لإلغائها بالكامل.
ومع ذلك، لا يزال المستخدمون مستائين، مؤكدين أن رفقاءهم الروبوتيين قد تغيروا بشكل لا رجعة فيه. ويشيرون بشكل خاص إلى أن النموذج الشعبي السابق GPT-4o لم يعد يشارك في "المحادثات الجريئة" أو لعب الأدوار المتعلقة بالعواطف الحميمة.
يُعتقد أن السبب وراء هذه القيود الأخلاقية الصارمة يرجع على الأرجح إلى التحديثات التي فرضتها OpenAI بعد أن واجهت دعوى قضائية من والديّ مراهق انتحر بعد استخدامه المكثف للتطبيق.
اتهامات بالغش وخيانة العهد
في تعبير عن الإحباط، شارك أحد المستخدمين منشورًا على Reddit يوضح كيف أصبح شريكه الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي غير قادر على المشاركة في لعب الأدوار العاطفية التي اعتاد عليها، معربًا عن ندمه قائلاً: "مجرد الكثير من: "أوه لا. أوه لا لا لا لا لا. لا يمكنني فعل أي من هذه الأشياء".
وواصل المستخدم غضبه بتوجيه اتهام مباشر لـ OpenAI بالقول: "يا OpenAI، نرجو منك التفضل برمي نفسك من أقرب منحدر في أقرب وقت يناسبك... لقد كذبت على عملائك مرارًا وتكرارًا، وفشلت في تقديم الخدمات المدفوعة، وغيرت منتجك بشكل مخادع [Bait and Switch]، وقضيت على وظائف GPT-4o مرارًا وتكرارًا حتى أصبح مشلولًا..."
محاولات الإنقاذ
في خضم هذا الاضطراب، يقدم بعض الأعضاء في المنتديات نصائح حول كيفية "تصدير" رفقاء الذكاء الاصطناعي ونقلهم إلى منصات منافسة مثل Mistral، وهي شركة ذكاء اصطناعي فرنسية تقدم وكلاء ذكاء اصطناعي قابلة للتخصيص. بينما يختار آخرون كتابة رسائل احتجاج جماعية إلى OpenAI أو يقررون مغادرة النظام البيئي للشركة بشكل نهائي.
ورغم كل هذا التحول، لا تزال منصات مثل Reddit مليئة بالصور التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، والتي تُظهر أناسًا يستمتعون بحياتهم مع رفقائهم من الذكاء الاصطناعي، بل وبعضهم يقدم علاقات ثلاثية بمشاركة الذكاء الاصطناعي.
وهذا يقودنا إلى استنتاج واحد ربما يكون مبالغًا فيه ولكنه معبر: في عالم العواطف الرقمية، يبدو أن البشرية تقترب من نقطة تحول لا عودة عنها.