القاهرة: الأمير كمال فرج.
في سباق محموم نحو الأصغر والأكثر دقة، تواصل التكنولوجيا القابلة للارتداء تقليص أحجامها بشكل مذهل. ومع ذلك، وعلى الرغم من هذا التطور، ما زالت معظم هذه الأجهزة تفشل في تحقيق هدفها الأساسي: وهو دمج المعلومات في حياتنا بسلاسة. فبينما تسجل الخواتم الذكية كميات هائلة من البيانات الصحية الدقيقة، فإنها تتركك مضطراً لسحب هاتفك للاطلاع على أي تحليل. أما الساعات الذكية، فتضع الشاشة على معصمك، لكنها لا تزال تفرض عليك رفع ذراعك وتحويل انتباهك كاملاً عن مهامك. لقد حان الوقت لكسر هذه الحلقة وإيجاد طريقة حقيقية لدمج التكنولوجيا في أطراف أصابعنا، حرفياً.
ذكر ج. س. توريس في تقرير نشره موقع Yanko Design إن "خاتم فيز رينج VisRing يقلب المفهوم رأساً على عقب، فهو عبارة عن شاشة OLED ملفوفة مرنة مباشرة حول إصبعك، ليصبح بذلك جهاز المعلومات المحيطة المثالي. يستكشف هذا النموذج الأولي البحثي، الذي طوره باحثون أكاديميون، ما يحدث عندما يصبح خاتمك لوحة تحكم مصغرة مرئية ومتاحة دائماً، ولا تتطلب أكثر من مجرد إلقاء نظرة خاطفة".
مصممو الخاتم الذكي هم : تايتنغ لو، كريستيان كراوتر، رونزي ليو، مارا شولتي، ألكسندر آشبرغر، تانيا بلاشيك، مايكل سيدلمير، ماهانث غودا (ACM).
إنجاز تقني في أصغر حيز
يُعد الخاتم الشاشة إنجازًا تقنيًا مذهلاً حقاً بالنسبة لحجمه الصغير. تبلغ قياسات شاشة OLED المرنة 160 × 32 بكسل فقط، لكنها تلتف بزاوية تتراوح بين 270 و 360 درجة حول الخاتم، مما يزيد من مساحة الشاشة دون أن يجعله غير مريح للارتداء. بوزن يبلغ 6.6 جرام، يساوي وزنه تقريباً وزن خاتم الزواج التقليدي، بينما يضم وحدة تحكم دقيقة، ووحدة بلوتوث، وبطارية، ومستشعرات لمس.
يعتمد "فيز رينج" على ما يسميه الباحثون "التصورات النانوية" - وهي رسومات بيانية صغيرة تكثف المعلومات المعقدة في تنسيقات قابلة للقراءة على الفور. يصبح معدل ضربات القلب مجرد رسوم متحركة بسيطة للنبض، ويظهر عدد الخطوات على شكل شريط تقدم، وتومض الإشعارات كأيقونات موجزة. الهدف هو الوعي المحيط بدلاً من التحليل المفصل، مما يمنحك معلومات كافية للبقاء على اطلاع دون الشعور بالإرهاق.
وتمثل "التصورات النانوية رسومات بيانية فائقة الصغر ومختصرة مصممة لتوصيل معلومات معقدة – مثل معدل ضربات القلب أو إحصائيات الخطوات – بطريقة فورية وبسيطة للغاية. فبدلاً من عرض أرقام أو رسوم بيانية تفصيلية تحتاج إلى تركيز، يتم تحويل المعلومة إلى إشارات بصرية بسيطة (كأن يتحول معدل ضربات القلب إلى وميض نبض، أو عدد الخطوات إلى شريط تقدم صغير). هذا النهج يضمن أن تكون المعلومات "محيطية"، أي أنها متاحة بلمحة سريعة دون الحاجة إلى التوقف والتركيز العميق، مما يحقق التكامل السلس للتكنولوجيا في الروتين اليومي.
التفاعل والتحديات
تسمح إيماءات اللمس على شاشة الخاتم المنحنية بالتنقل والتفاعل الأساسي، على الرغم من أن مساحة السطح الصغيرة تجعل الدقة صعبة. يمكن للمستخدمين التمرير عبر طرق عرض البيانات المختلفة، أو النقر لتأكيد الإشعارات، أو اختيار خيارات بسيطة. تمنح الواجهة الأولوية للمعلومات التي يمكن استعراضها بسرعة على التفاعلات المعقدة التي قد تكون محبطة على شاشة بهذا الحجم.
كشفت دراسة للمستخدمين شملت اثني عشر شخصاً عن كل من الوعود والتحديات التي تنطوي عليها الشاشات التي تُلبس في الأصبع. وجد المشاركون أن الخاتم مريح ومقبول اجتماعياً، وقدّروا مدى خصوصيته وفوريّة الحصول على المعلومات حرفياً في متناول أيديهم. بدت الشاشة الملتفة طبيعية، وكانت الرسوم البيانية قابلة للقراءة بشكل مدهش على الرغم من صغر حجمها.
عقبات التسويق التجاري
ومع ذلك، سلطت الدراسة الضوء أيضاً على تحديات تصميمية كبيرة يجب على أي نسخة تجارية معالجتها:
1ـ عمر البطارية: يمثل قلقاً مستمراً عند تشغيل شاشة بهذا الحجم الصغير.
2ـ ـ اللمسات العرضية: حدثت بشكل متكرر، خاصة أثناء غسل اليدين أو الكتابة.
3ـ ـ مشاكل الرؤية: السطح المنحني للشاشة يجعل زوايا رؤية معينة صعبة، وتكاد أشعة الشمس الساطعة تجعل الشاشة غير مرئية.
تبرز المتانة كعقبة رئيسية أخرى. شاشات OLED المرنة هي بطبيعتها أكثر هشاشة من المواد التقليدية للخواتم، مما يجعل الجهاز عرضة للخدوش وتلف المياه والإساءة العامة التي تتعرض لها الأيدي يومياً. كما يثير تعقيد حشر المكونات الإلكترونية في شكل خاتم تساؤلات حول إمكانية الإصلاح والموثوقية على المدى الطويل.
الخلاصة
يمثل خاتم "فيز رينج" استكشافاً رائعاً لمدى صغر حجم الشاشات القابلة للارتداء مع الحفاظ على فائدتها. يوضح النموذج الأولي أن التصورات البصرية التي تُعرض على الأصبع ممكنة من الناحية التقنية ومريحة بشكل مدهش، ولكنه يكشف أيضاً عن التحديات الهندسية الكبيرة التي لا تزال قائمة.
يبقى أن نرى ما إذا كانت "التصورات النانوية" على إصبعك تمثل مستقبل الحوسبة المحيطة أم مجرد طريق مسدود مثير للاهتمام في البحث.