القاهرة: الأمير كمال فرج.

يستمر تدفق الاستثمارات المالية الهائلة على قطاع الذكاء الاصطناعي (AI) في إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي العالمي، ليصبح محركاً رئيسياً للنمو ويخلق حالة من الترقب الشديد لما سيأتي. وبينما تتسابق شركات التكنولوجيا لتبني أدوات الذكاء الاصطناعي كضرورة لتحقيق الأرباح والمنافسة، يتزايد القلق بين المفكرين وقادة الصناعة بشأن التداعيات الجذرية لهذه الثورة التكنولوجية على سوق العمل والاستقرار المالي.

ذكر جو ويلكنز في تقرير نشره مجلة Futurism إن " كيث ريغرت، الرئيس التنفيذي لدار النشر Ulysses Press، حصر في تقييم قاسٍ أدلى به أمام حشد من قادة صناعة الكتاب في مؤتمر الشارقة للناشرين بالإمارات العربية المتحدة، مستقبل الذكاء الاصطناعي في مسارين لا ثالث لهما: إما أن يقود إلى "جحيم من البطالة الجماعية"، أو أن يتسبب في "هضبة توسع تؤدي إلى انهيار اقتصادي". وعلّق ريغرت قائلاً: "لا أعرف أي منهما سيحدث"، مضيفاً أن الكارثة المالية "هي النسخة التي أفضلها للمستقبل".

استسلام ريغرت للواقع الجديد

جاء تقييم ريغرت اللاذع خلال مؤتمر الشارقة للناشرين، وهو اجتماع سنوي ضخم يجمع أكثر من 1200 ممثل من دور النشر الربحية لمناقشة قضايا الصناعة. وكان موضوع حديثه بوضوح هو القضية الشائكة للذكاء الاصطناعي.

صرح الرئيس التنفيذي للحاضرين في جلسته قائلاً: "لقد حان الوقت لاستخدامه أو أن يتم تجاوزك". ووفقاً للمنشور الصناعي Publishers Weekly، وصف ريغرت الذكاء الاصطناعي بأنه "تحويلي" و"مقلق" في آن واحد، مضيفاً أنه "غير سعيد أبداً بوجود الذكاء الاصطناعي".

ومع ذلك، قرر ريغرت دفن شكوكه عميقاً والتركيز على ما يهم حقاً في الحياة: الأرباح. وواصل وصف الشراكة التي عقدتها شركته مع OpenAI، والتي تتضمن تفويضاً يلزم جميع الموظفين باستخدام برنامج ChatGPT لمدة "ساعة واحدة يومياً على الأقل".

حتى أن الرئيس التنفيذي للنشر أظهر القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي مباشرة على المسرح من خلال — وهنا لا نمزح — إنشاء كتاب جاهز للإدراج على أمازون في خمس دقائق فقط. واعترف بأن الكتاب كان "رديئاً"، لكنه قام بإدراجه على منصة Kindle Direct Publishing على أي حال قبل أن يحذفه، حسبما أفادت مجلة Publishers.

وقال للحاضرين في المؤتمر، مشيراً إليه كمثال إيجابي لقدرات الذكاء الاصطناعي: "بمجرد الإعلان عن سيرة كارا سويشر، ظهرت نصف دزينة من النسخ المستنسخة التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في السوق قبل النشر بوقت طويل".

بالتأكيد، أصبحت أمازون كابوساً من الكتب التي يتم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي ومزارع الروبوتات — وهو نظام بيئي متدهور يبدو أن هذا الرئيس التنفيذي سعيد بالانغماس فيه، دون الاكتراث للعواقب.

استثمار فلكي وتوقعات ضخمة

تُعد المبالغ التي يتم إنفاقها على الذكاء الاصطناعي فلكية. فقد أغدق المستثمرون على كبرى شركات التكنولوجيا والشركات الناشئة مئات المليارات من الدولارات، لدرجة أن ما يقدر بـ 92% من نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة يأتي الآن من الذكاء الاصطناعي. وإذا استمرت الاتجاهات الحالية في عام 2026، تشير التقديرات المتحفظة إلى أن الإنفاق من "أكبر شركات التكنولوجيا" وحدها سيصل إلى 550 مليار دولار.

مع هذه الأرقام الضخمة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي، من الآمن القول إن المستثمرين يتوقعون شيئاً هائلاً — مثل، حقبة جديدة تماماً من التطور البشري.

لقد جادل العديد من الاقتصاديين والصحفيين وأصحاب رؤوس الأموال المغامرة بأن الكنز الموجود في نهاية هذا القوس قزح ليس ثروة، بل هو أتمتة كاملة لجميع الوظائف. وببساطة، تدور الفكرة حول أن من سيبقى مسيطراً في نهاية المطاف في حقبة الذكاء الاصطناعي الجديدة سيكون "إمبراطوراً إلهياً"، سواء للأفضل أو للأسوأ.