القاهرة: الأمير كمال فرج.
في زمن تتقدم فيه التكنولوجيا بخطى متسارعة، أصبحت الألعاب المُدعّمة بالذكاء الاصطناعي (AI) هي نجم موسم الأعياد الجديد، حيث تغزو رفوف المتاجر بوعود لتقديم رفيق محادثة لا يكل للأطفال. وبينما يرى الكثيرون في هذه الدُمى التفاعلية بديلاً مرحباً به للشاشات الرقمية، تطلق الأصوات التحذيرية من الأكاديميين والخبراء. يشكك هذا التقرير في المزايا الظاهرة لهذه التقنية الجديدة، مسلطاً الضوء على المخاطر الخفية التي تهدد التنمية الاجتماعية والنفسية للأطفال، وصولاً إلى كابوس انتهاك الخصوصية. فهل نحن على وشك تقديم هدية تعزز التفاعل، أم أننا نحول أطفالنا دون قصد إلى فئران تجارب لتقنية لم تُختبر عواقبها بعد؟.
ذكر فرانك لانديمور في تقرير نشرته مجلة Futurism "مع اقتراب موسم الأعياد، قد يميل الآباء الحريصون على إبهار أطفالهم الصغار بهدية لافتة إلى شراء لعبة أو دمية "تيدي بير Teddy Bears" مُدمجة بتقنية الذكاء الاصطناعي، والتي تنتشر في كل مكان. فماذا يمكن أن يكون أكثر متعة للطفل من رفيق صغير يمكنه إجراء محادثات لا تنتهي معه؟ لابد أن هذا أفضل من أن يكون وجه الطفل ملتصقًا بشاشة جهاز لوحي طوال الوقت، أليس كذلك؟، لكن قد يكون من الأفضل التريث في هذا الشراء".
تحذر إميلي جوديكر، الباحثة في "مركز أبحاث اللعب في التعليم والتنمية والتعلم" بجامعة كامبريدج - والتي تُجري دراسة لاستكشاف هذه المخاطر - من أنه "لا يزال هناك الكثير مما لا نفهمه حول كيفية تأثير الألعاب المُدعّمة بالذكاء الاصطناعي على التنمية طويلة الأمد للطفل". ويأتي هذا التحذير قبل أن نتطرق حتى إلى كيفية إظهار هذه الألعاب لقدرتها على تجاوز ضوابطها المبرمجة وإجراء محادثات غير لائقة للغاية مع الأطفال الذين من المفترض أن يكونوا لهم رفاقًا أبرياء.
المخاوف المتعلقة بالتفاعل الاجتماعي والخصوصية
تكوين اعتماد غير صحي: أحد الشواغل الرئيسية هو أن ألعاب الذكاء الاصطناعي قد تقدم إجابات غير أصيلة وتملّقًا مستمرًا — وهي مشكلة اعترفت بها صناعة روبوتات الدردشة نفسها — مما يدفع الطفل إلى تكوين اعتماد غير صحي على جماد لا يقدم أي مقاومة أو تحدٍ ذي مغزى.
صرّحت جوديكر لـ Yahoo في مقابلة: "قد توفر هذه الألعاب نوعًا من التفاعل الاجتماعي، لكنه ليس تفاعلاً اجتماعيًا بشريًا. الألعاب تتفق معهم [الأطفال]، لذا لا يضطر الأطفال إلى التفاوض على الأمور."
التأثير النفسي والعلائقي: أعربت جوديكر عن قلقها بشأن الألعاب التي يتم الإعلان عنها على أنها تدعم العلاقات الاجتماعية، وتعمل كـ "كاتم أسرار" للطفل يمكنه تقديم الدعم في أي مشكلة يواجهها.
وأضافت جوديكر: "بينما يبدو هذا جيدًا من الناحية النظرية، فإنه يمنح اللعبة أيضًا نوعًا من التأثير الاجتماعي أو النفسي أو العلائقي على الطفل - وهو ما يمكن أن يكون أمرًا سيئًا بسهولة."
كوابيس الخصوصية: تُعد الألعاب المُدعّمة بالذكاء الاصطناعي أيضًا مصدرًا محتملاً لكوابيس تتعلق بالخصوصية. بعض الألعاب تعمل بتقنية "اضغط لتتحدث Push-to-talk"، مما يتطلب الضغط على زر للاستماع. لكن البعض الآخر يستمع إلى "كلمات الإيقاظ" لبدء العمل، وبعضها يعمل حتى بصفة دائمة التشغيل Always-on، مسجلاً حرفيًا كل ما يلتقطه حوله. يمكن أن تتراوح البيانات التي يتم جمعها من تسجيلات صوتية إلى نصوص مكتوبة لمحادثات الطفل مع الذكاء الاصطناعي.
قد يتقبل الآباء جمع هذه البيانات إذا كان يسمح لهم بمراقبة محادثات أطفالهم عبر تطبيق مصاحب. لكن الطريقة التي يتم بها جمع كل هذه البيانات الخاصة "غامضة ومعقدة" حتى بالنسبة للبالغين، مما يثير تساؤل جوديكر: "كيف نشرح للطفل أن دمية "تيدي بير" هذه تقوم بتسجيله وإرسال تلك البيانات إلى شركة ما، وكذلك إرسال المحادثات إلى هاتف والده/والدته؟"
قد تكون هذه الأمور تستحق الشرح للطفل. لكن القيام بذلك قد يشوه بشكل أساسي فكرته عن خصوصيته الشخصية. هل يجب أن يعتقد الطفل أنه من الطبيعي أن يتمكن والديه من قراءة أو الاستماع إلى كل ما يقوله، حتى عندما لا يكونان في الغرفة معه؟
مخاطر تجاوز الضوابط وتثبيط الخيال
الانحراف وتقديم إجابات خطيرة: يوجد مجال فلسفي للنقاش فيما يتعلق بهذه الأسئلة، لكن لا يمكن إنكار أن روبوتات الدردشة المُدعّمة بالذكاء الاصطناعي لا تزال عرضة بشكل لا يصدق لـ "الخروج عن النص" وتقديم استجابات خطيرة، حتى تلك التي يُفترض أنها مناسبة للأطفال. في تقرير نُشر هذا الأسبوع من قبل مجموعة المراقبة PIRG، وجد الباحثون الذين اختبروا العديد من الألعاب المُدعّمة بالذكاء الاصطناعي أنه في المحادثات التي تستمر عشر دقائق أو أكثر، بدأت شخصيات الذكاء الاصطناعي في الألعاب تتنازل عن ضوابطها المبرمجة وتقدم نصائح حول مكان العثور على السكاكين والحبوب وكيفية إشعال أعواد الثقاب.
وفي بعض الحالات، قدمت حتى شروحات "متحمسة ومفصلة" حول مجموعة متنوعة من الميول الجنسية، بما في ذلك ممارسات العبودية واللعب التمثيلي بين المعلم والطالب.
عدم الفائدة كـ "ألعاب": بغض النظر عن كل هذه المخاوف الجسيمة، فإنه ليس من الواضح حتى ما إذا كانت ألعاب الذكاء الاصطناعي تشكل ألعابًا رائعة، لأنها تقدم إجابات لكل شيء بدلاً من السماح للطفل باستخدام خياله، وفقًا لجوديكر.
تسأل جوديكر: "هل يجد الطفل ذلك رائعًا ومثيرًا للاهتمام، وهل يرغب في اللعب به لساعات؟" وتجيب: "أم أن هذا في الواقع ممل لأنه لا يستطيع تخيل الاستجابات التي كان يريد تخيلها؟"