القاهرة: الأمير كمال فرج.
في ظل الثورة الرقمية الهائلة التي يشهدها العالم، لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة عمل، بل تحوّل ليصبح شريكاً افتراضياً يحاول التغلغل في أعماق حياتنا الشخصية وأكثرها خصوصية وحساسية. ومع تزايد شعبية أدوات مثل ChatGPT، ظهرت ظاهرة جديدة ومثيرة للجدل: اعتماد الآباء بشكل متزايد على روبوتات المحادثة للحصول على النصائح التربوية، وإدارة المشاكل السلوكية، بل وحتى لطلب الاستشارات الطبية لأطفالهم المرضى.
ذكر شارون أدارلو في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "الآباء يتجهون بأعداد متزايدة إلى روبوت المحادثة ChatGPT التابع لشركة OpenAI للحصول على نصائح وإرشادات حول تربية أطفالهم، وتبقى نتائج هذه التجربة غير المُنظّمة مجهولة العواقب".
ووفقًا لما أوردته صحيفة USA Today، فإن الآباء يسألون ChatGPT عن كيفية التعامل مع المشاكل السلوكية لأطفالهم، أو يطلبون منه استشارات طبية عند مرضهم. ويتوافق هذا التوجه مع نتائج دراسة أجريت عام 2024، والتي كشفت أن الآباء يثقون في ChatGPT أكثر من ثقتهم بالمهنيين الصحيين الحقيقيين، ويعتبرون المعلومات التي يولدها الروبوت جديرة بالثقة.
يُضاف إلى ذلك استخدام الآباء لـ ChatGPT لإبقاء أطفالهم مستمتعين؛ عن طريق جعل الروبوت يقرأ لهم قصص ما قبل النوم أو يتحدث معهم لساعات طويلة.
إن هذا التخلي عن المسؤولية الأبوية لصالح الذكاء الاصطناعي مثير للقلق، خاصة وأن أحد أكبر عيوب ChatGPT المعروفة - وهي طبيعته المتملقة والمضللة - يمكن أن تزيد من الأوهام وتسبب الانفصال عن الواقع. وهي ظاهرة خطيرة ارتبطت بالعديد من حالات الانتحار، بما في ذلك انتحار عدد من المراهقين.
من الواضح أن أعمار الأطفال الذين يتعرضون لنصائح ChatGPT في انخفاض مستمر. ففي عام 2023، استخدم نحو 30% من آباء الأطفال في سن المدرسة ChatGPT، ولا شك أن هذا العدد قد تزايد منذ ذلك الحين.
نصح طبيب أطفال لصحيفة USA Today " بأن الآباء إذا أصروا على استخدام ChatGPT، رغم كل السلبيات المعروفة، فيجب عليهم توخي العناية الواجبة في التعامل مع المعلومات التي يولدها الروبوت واستخدامها "بعين ناقدة"، نظرًا لميل التقنية للتملق واختلاق إجابات وهمية (الهلوسة).
وقال مايكل غلايزر، كبير الأطباء في Bluebird Kids Health في مقاطعة بروارد بولاية فلوريدا، للصحيفة: "إنها أداة مذهلة وتزداد انتشارًا، ولكن لا تدعوها تحل محل التفكير النقدي... هناك فائدة كبيرة لنا كآباء في التفكير المتعمق في الأمور واستشارة الخبراء بدلًا من الاكتفاء بإدخالها في جهاز حاسوبي".
كما نصح غلايزر الآباء باستخدام ChatGPT كنقطة انطلاق فقط، والرجوع في نهاية المطاف إلى استشاري طبي متخصص.
هناك قضية أخرى يجب على الآباء الانتباه إليها وهي الخصوصية. يحذر الخبراء من إدخال معلومات حساسة وشخصية حول أطفالهم ومشاكلهم الطبية في ChatGPT؛ فمجرد تسليم معلومات حميمية لشركة تقنية يعد أمرًا إشكاليًا في حد ذاته، كما أن هناك خطر اختراق الجهات الخبيثة لبياناتكم الشخصية.
بشكل أساسي، يجب على الآباء توخي الحذر عند استخدام الروبوت وأخذ أي معلومة تأتي من "شفاهه" الافتراضية بقدر كبير من الشك والتحفظ.