القاهرة: الأمير كمال فرج.

إذا كان الذكاء الاصطناعي "حاسماً" "لإعداد الطلاب" ليصبحوا أعضاء فاعلين في المجتمع، كما زعمت وزيرة التعليم الأمريكية ليندا ماكماهون مؤخراً، فقد نكون جميعاً في ورطة.

ذكر جو ويلكنز في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "تجربة حكومية ضخمة في كوريا الجنوبية، تهدف إلى طرح 76 كتاباً مدرسياً مُولَّداً بواسطة الذكاء الاصطناعي، انتهت بعد أربعة أشهر فقط، بعد أن أثبت البرنامج أنه كارثة حقيقية".

بدأت المبادرة، التي أُطلق عليها اسم "خطة تعزيز الكتب المدرسية الرقمية بالذكاء الاصطناعي"، كشراكة مع عشرات من شركات النشر، وتبناها الرئيس السابق الذي واجه اتهامات، يون سوك يول، في يونيو 2023.

وفقاً لـ Rest of World (RoW)، وهى مطبوعة إخبارية أمريكية غير ربحية متخصصة في تغطية قصص التكنولوجيا وتأثيرها الاجتماعي والاقتصادي، أصبحت الكتب المدرسية متاحة لأول مرة مع بداية العام الدراسي الكوري الجنوبي في مارس الماضي. ووعد المشرعون الطلاب بأن الكتب ستوفر تعليماً شخصياً في الرياضيات واللغة الإنجليزية والبرمجة، بينما قيل للمعلمين إنها ستخفف عبء العمل وتمنع التسرب من الدراسة.

لكن عندما وصلت إلى الفصول الدراسية، تبين أن الكتب مليئة بأخطاء محرجة، مما تطلب وقتاً وجهداً أكبر بكثير من الطلاب والمعلمين على حد سواء. وعلى الرغم من أن جزءاً من ترويج الحكومة كان أن توليد الكتب المدرسية بالذكاء الاصطناعي سيجعل عملية النشر أسرع بكثير، إلا أن الكتب المدرسية من إحدى الشركات على الأقل تأخرت بشكل كبير.

قال أحد طلاب المرحلة الثانوية لـ RoW: "تأخرت جميع فصولنا بسبب مشاكل فنية في الكتب المدرسية. كما أنني لم أكن أعرف كيف أستخدمها جيداً."

وأضاف أحد معلمي الرياضيات في المرحلة الثانوية: "كانت مراقبة تقدم تعلم الطلاب باستخدام الكتب في الفصل أمراً صعباً. الجودة الإجمالية كانت رديئة، وكان من الواضح أنه جُمّع على عجل."

كان البرنامج التجريبي كابوساً منذ بدايته. فعندما أُعلن عنه لأول مرة، أعلن وزير التعليم الكوري الجنوبي آنذاك، لي جو-هو، أن الكتب المدرسية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي ستكون إلزامية بموجب القانون. واجهت الحكومة رد فعل قانونياً عنيفاً، مما أجبر الوزير على تحويل المبادرة إلى تجربة طوعية تستمر لمدة عام دراسي واحد.

في أكتوبر، بعد أربعة أشهر فقط من استخدامها في الفصول الدراسية، وتراكم جبل من الشكاوى، أُعيد تصنيف الكتب المدرسية على أنها "مواد تكميلية"، مما يعني أن المعلمين في المدارس التي اشتركت في البرنامج يمكنهم اختيار عدم استخدامها مستقبلاً.

ونتيجة لذلك، انسحب أكثر من نصف المدارس المشاركة في المبادرة، والتي يبلغ عددها 4,095 مدرسة، بحلول منتصف أكتوبر، وفقاً لـ RoW.

وفي حين أن هذا يعني أن العديد من الطلاب والمعلمين لم يعودوا مضطرين لتحمل المعاناة من هذه الكتب الرهيبة، فقد تُركت شركات النشر التي اختيرت للمبادرة تتحمل العواقب. (من المدهش أن شركات الكتب المدرسية استثمرت ما يعادل 567 مليون دولار أمريكي في المشروع، للوفاء بالتزام الحكومة البالغ 850 مليون دولار).

رداً على إعادة التصنيف، شكلت شركات النشر مجموعة جماعية أطلقت على نفسها اسم "لجنة الاستجابة للطوارئ للكتب المدرسية بالذكاء الاصطناعي". وذكرت صحيفة The Fact الكورية الجنوبية الأسبوع الماضي أن اللجنة قدمت التماساً دستورياً إلى الحكومة تطالبها فيه بالتراجع عن قرارها، مؤكدة بأن إعادة التصنيف "تهدد بقاءها".

ما سيحدث لاحقاً يعود إلى المحاكم، ولكن هذا القرار لا يمكن أن يغير حقيقة أن تجربة كوريا الجنوبية مع الكتب المدرسية المعتمدة على الذكاء الاصطناعي كانت كارثة كاملة لا يمكن إنكارها.