القاهرة: الأمير كمال فرج.
تخضع أدمغة الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة تحت سن الخامسة لقفزة نمو هائلة ومضغوطة، تنتقل بهم من مرحلة الرضاعة إلى مرحلة الاستعداد لتعلم أساسيات القراءة والكتابة والبدء في الدراسة. ولهذا السبب تحديداً، يثير قلقاً عميقاً تعريض مجموعة كبيرة من هؤلاء الأطفال – دون قصد – لكميات هائلة من المحتوى الرقمي الرديء.
ذكر شارون أدارلو في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "تقرير تحليلي صادر عن مركز العدالة الاجتماعية CSJ، وهو مجموعة سياسات بريطانية تركز على الفئات التي تعيش في حالة فقر، يشير إلى أن المحتوى الذي يسمى محتوى اضمحلال الدماغ يهدد بتعطيل تلك الفترة التكوينية الحرجة، وهو ما يسفر على الأرجح عن عواقب وخيمة".
شلل الجذع
ونقل التقرير عن أحد المعلمين قوله: "لديّ طفلان في صفي لا يستطيعان الجلوس على السجادة جسدياً. ليس لديهما قوة أساسية في الجذع. وعندما زرت إحدى الفتيات في شهر يوليو، اكتشفت أنها لم تذهب قط إلى حضانة، بل كانت تجلس على أريكة في زاوية مع جهاز آيباد، ونتيجة لذلك لم تتطور قوة جذعها، وهذا يؤثر حقاً على نموها بالكامل."
ووفقاً لباحثي مركز العدالة الاجتماعية، فإن تأثير هذه التجربة الجماعية الهائلة وغير المراقبة يُلمس بالفعل، حيث يعاني الأطفال من القلق واضطرابات النوم نتيجة للاستهلاك المفرط لمقاطع الفيديو والمحتوى منخفض الجودة على منصات التواصل الاجتماعي. وقد وجدت أبحاث أخرى أن الأطفال الذين يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي يحققون درجات أقل في اختبارات الذاكرة والقراءة، وأن زيادة وقت الشاشة تحفز الاكتئاب والسلوك الإدماني لجميع الفئات العمرية.
قلق سياسي
وعبر اللورد ناش، عضو مجلس اللوردات البريطاني ووكيل وزارة الدولة البرلماني السابق للمدارس، عن قلقه قائلاً في التقرير: "هذا البحث مقلق للغاية. مع وجود مئات الآلاف من الأطفال دون سن الخامسة الآن على هذه المنصات، يتم تغذية أطفال لم يتعلموا القراءة بعد بمحتوى وخوارزميات مصممة لإدمان البالغين، وهذا يجب أن يقلقنا جميعاً."
اعتمد مركز العدالة الاجتماعية في عمله على تقرير صادر في مايو 2025 عن مكتب الاتصالات في المملكة المتحدة Ofcom، والذي استطلع آراء الآباء البريطانيين حول استخدام أطفالهم لوسائل الإعلام ومواقفهم تجاهها. ووجد تقرير أوفكوم أن حوالي طفل واحد من كل خمسة أطفال تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات استخدم وسائل التواصل الاجتماعي بشكل مستقل. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن ربع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ثمانية وتسع سنوات ويمارسون الألعاب عبر الإنترنت قد تفاعلوا مع غرباء في هذه البيئات التفاعلية، مما يجعلها أماكن جذابة للمفترسين على الأطفال.
محتوى مُضر
ووجد تقرير Ofcom نفسه أن 37 % من الآباء الذين شملهم الاستطلاع أقروا بأن أطفالهم الذين تتراوح أعمارهم بين ثلاث وخمس سنوات لديهم إمكانية الوصول إلى وسائل التواصل الاجتماعي. ويمثل هذا زيادة مذهلة عن الرقم الذي كان مرتفعاً بالفعل (29 %) قبل حوالي ثلاث سنوات. واستند مركز العدالة الاجتماعية على هذا الرقم، وأجرى حسابات سكانية، وقدّر أن هذه الظاهرة تشمل 814 ألف طفل بريطاني يقومون الآن بحرق أدمغتهم بأغبى الميمات ومقاطع الفيديو التي يمكن تخيلها.
وكتب الباحثون: "نحن قلقون بشأن تزايد القلق والضيق المرتبط بالهوية والمُتصل بالتحفيز المستمر من الشاشات، حيث تبلغ المدارس عن انخفاض في الانتباه والسلوك المرتبط بالمعايير المنتشرة عبر الإنترنت."
توصيات للمواجهة
ولإعادة الأطفال إلى حالة صحية سليمة، أوصى مركز العدالة الاجتماعية بما يلي: رفع أي قيود عمرية مفروضة على وسائل التواصل الاجتماعي إلى 16 عاماً. يجب على المدارس أن تحظر استخدام الهواتف الذكية داخل الفصول الدراسية. إطلاق حملة وطنية لرفع الوعي حول المخاطر الصحية العامة لوسائل التواصل الاجتماعي واستخدام الإنترنت.