القاهرة: الأمير كمال فرج.

يقع شباب اليوم في فخ الإدمان والمخاطر المالية في سن لم يسبق لها مثيل. لم يعد القمار مقتصراً على الصالات السرية؛ بل أصبح إدمان المخاطر العالية يُقدم لهم رقمياً، ويستنزف مدخراتهم ومستقبلهم في وقت مبكر جداً من حياتهم.

ذكر فرانك لانديمور في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "الأطفال يكبرون بسرعة هذه الأيام: لقد أصبحوا مدمنين على القمار ذي المخاطر العالية في سن مبكرة غير مسبوقة".

وفقاً لتقرير جديد صادر عن صحيفة New York Times، يقوم المراهقون والشباب بتبديد ثرواتهم في كازينوهات العملات المشفرة المشبوهة عبر الإنترنت، حيث يتم استدراجهم إلى هناك من خلال شبكة ماكرة من صانعي المحتوى المشهورين والمشاهير الذين يتقاضون أموالاً ليكونوا في الأساس مجندين للكازينو".

أخبر شاب طلب أن يتم تعريفه باسمه الأوسط فقط، ديفيد، الصحيفة بأنه كان يبلغ من العمر 14 عاماً فقط عندما وضع رهانه الأول في كازينو للعملات المشفرة. لقد شاهد صانع المحتوى الشهير آدين روس وهو يضع رهانات باهظة ومثيرة على هذه المواقع، بالإضافة إلى مغني الراب دريك . عندما بلغ الثامنة عشرة من عمره هذا العام، قام بتحويل مدخرات طفولته البالغة 12,000 دولار إلى عملة مشفرة، وراهن بها جميعها، وضاعف أمواله، ثم خسرها كلها. بعد ذلك، حاول استرداد خسائره بالمقامرة بقرض قيمته 4,000 دولار أخذه دون علم والديه، وخسر ذلك أيضاً.

وقال ديفيد لصحيفة New York Times: "لقد فقدتُ الإدراك لماهية المال في الواقع".

لقد شهدت المراهنات عبر الإنترنت ازدهاراً هائلاً في شعبيتها على مدى العقد الماضي. ارتفعت عائدات المراهنات الرياضية في الولايات المتحدة وحدها من 6.6 مليار دولار في عام 2018 إلى أكثر من 148.7 مليار دولار العام الماضي، وفقاً لجمعية الألعاب الأمريكية American Gaming Association؛ أي بزيادة قدرها اثنين وعشرون ضعفاً. تستهدف شركات المراهنات بشكل كبير الشباب الذكور، وقد عقدت شراكات رعاية مربحة مع الكليات والجامعات للترويج لخدماتها بين الطلاب.

وهذا مجرد جانب القمار "العلني". أما كازينوهات العملات المشفرة فهي غير قانونية في الولايات المتحدة، ولكن يمكن لأي شخص ذكي بما يكفي لاستخدام شبكة افتراضية خاصة VPN لإخفاء عنوان بروتوكول الإنترنت الخاص به الوصول إليها، وتحويل الأموال إليها باستخدام أصول البلوكتشين اللامركزية. كما أن لديهم إجراءات ضعيفة جداً للتحقق من الهوية والعمر.

استغلال المشاهير والمحتوى المغري

لإغراء الشباب، تعتمد مواقع مثل Stake و Roobet و Shuffle و BC.Game على صانعي المحتوى، حيث يقومون، على مواقع مثل Kick، ببث أنفسهم وهم يقامرون بمبالغ مذهلة من العملات المشفرة في هذه الكازينوهات لساعات طويلة.

في أغسطس، تم تجميع ما يشبه "المنتقمون Avengers من مقامري العملات المشفرة. ففي بث مباشر استمر لساعات، انضم ثلاثة من أكبر صانعي المحتوى في العالم — آدين روس و xQc و Trainwreckstv — إلى مغني الراب دريك للمراهنة بالمال في كازينو Stake.

ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن دريك قوله خلال البث: "لقد حلمت بهذه الليلة. جميع رفاقي في مكان واحد".

مسيرة الخراب

بدأ كل من روس و xQc و Trainwreck مسيرتهم المهنية على منصة Twitch. ولكن عندما حظرت Twitch الترويج لكازينوهات العملات المشفرة على منصتها في عام 2022، انتقلوا في النهاية إلى Kick، وهي منصة أكثر جرأة وتفلت أشبه بـ "الغرب المتوحش" بالنسبة لـ Twitch. ولم يكن ذلك من قبيل الصدفة: فقد أسس Kick مؤسسو Stake، الذين أرادوا من صانعي المحتوى الترويج لألعاب القمار الخاصة بهم. وفي عام 2023، وقعت Kick صفقة مدتها سنتان مع xQc بقيمة تصل إلى 100 مليون دولار ليقوم بالبث حصرياً على المنصة.

يمكن لصانعي المحتوى العاديين التسجيل ليصبحوا تابعين Affiliate لكازينو عملات مشفرة وكسب المال من البثوث الخاصة بهم، بما في ذلك العمولات التي يحصلون عليها على الرهانات التي يضعها المشاهدون الذين اشتركوا باستخدام رابط أو رمز التابع الخاص بهم، وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز. 

رسوم من ستة أرقام

أخبر موظفون سابقون في كازينو عملات مشفرة الصحيفة أن كبار التابعين يتقاضون رسوماً تصل إلى ستة أرقام وأكثر لبث محتوى القمار بانتظام. وفي الوقت نفسه، لا يكسب الأسماء الكبيرة مثل روس ودريك المال من خلال برامج التابعين، بل يتقاضون ملايين الدولارات للترويج للقمار لمشاهديهم.

إن الترويج للقمار للجمهور الشاب هو أمر ماكر بما فيه الكفاية. ولكن يبدو أيضاً أن الكازينوهات تخدعهم، لأن تلك الرهانات المثيرة ذات الأرقام العالية التي تجذب المشاهدين ليست حقيقية تماماً. أخبر اثنان من صانعي المحتوى التابعين صحيفة New York Times أن المراهنات في مقاطع الفيديو الخاصة بهم لا تنطوي على أي مخاطر حقيقية. فالمال الذي يراهنون به يتم توفيره من قبل الكازينو، ولا يحتفظون بأي من أرباحهم.

ربما يتم الكشف عن ذلك في مكان ما ضمن "الخطوط الدقيقة" (النصوص المكتوبة بخط صغير)، لكن هذا يكفي لخداع المراهقين الشباب الذين يقضون وقتهم عبر الإنترنت.