القاهرة: الأمير كمال فرج.
أثار استخدام الطائرات المسيرة ذاتية القيادة في ساحات المعارك سيلًا من الأسئلة الأخلاقية الشائكة؛ إذ أدانت منظمات حقوقية وخبراء عديدون الاستعانة بـ "الروبوتات القاتلة"، لا سيما عند النظر في احتمالات وقوع أخطاء تقنية قد تودي بحياة الأبرياء، ناهيك عن استخدام هذه التقنيات لارتكاب فظائع دون تدخل بشري مباشر، ولكن، ماذا سيحدث لو وقعت هذه التقنيات في أيدي الإرهابيين والمجرمين الذين لا يلتزمون بأي من أعراف الحروب الحديثة؟ .
ذكر فيكتور تانغرمان في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "مختبر الابتكار التابع لوكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) رسم في تقرير جديد، ملامح مستقبل ليس ببعيد، حيث يمكن للمجرمين اختطاف المركبات ذاتية القيادة، والطائرات المسيرة، والروبوتات البشرية لإثارة الفوضى، مما يضع أجهزة إنفاذ القانون أمام تحدٍ مصيري يتطلب استجابة سريعة".
عام 2035: جرائم خارجة عن السيطرة
يُحذر التقرير من أنه بحلول عام 2035، سيتعين على قطاعات إنفاذ القانون التعامل مع "جرائم ترتكبها الروبوتات"، مثل استخدام الطائرات المسيرة كأدوات للسرقة، فضلاً عن "المركبات ذاتية القيادة التي تتسبب في إصابات للمشاة"؛ وهو احتمال شهدنا بوادره بالفعل في حالات عديدة.
كما يشير التقرير إلى أن الروبوتات البشرية Humanoid قد تزيد المشهد تعقيداً؛ إذ يمكن تصميمها للتفاعل مع البشر بطرق متطورة للغاية، مما يجعل من الصعب التمييز بين السلوك المتعمد والسلوك العرضي. والأسوأ من ذلك، هو إمكانية اختراق الروبوتات المصممة للمساعدة في الرعاية الصحية، مما يترك المرضى عرضة لهجمات القراصنة.
وفي استحضار لأجواء "الديستوبيا" السيبرانية، يشير التقرير إلى أن موجات الأتمتة التي قد تسلب الناس وظائفهم، قد تدفعهم لارتكاب "جرائم سيبرانية، وأعمال تخريب، وسرقات منظمة تستهدف البنية التحتية الروبوتية" من أجل البقاء فقط.
أسلحة شرطية مبتكرة لمواجهة التهديد
تؤكد "يوروبول" أن أجهزة إنفاذ القانون بحاجة للتطور بسرعة لمواكبة هذا التحول. فعلى سبيل المثال، قد يتعين على ضابط الشرطة تحديد ما إذا كانت السيارة بدون سائق التي تعرضت لحادث قد فعلت ذلك نتيجة "أوامر متعمدة" كجزء من هجوم سيبراني، أم أنه مجرد عطل فني بسيط.
كما يقترح التقرير استخدام أدوات مبتكرة في مكافحة الروبوتات القاتلة، مثل "بنادق تجميد الروبوتات" RoboFreezer guns وشبكات مزودة بـ "قنابل مدمجة" لإسقاط الطائرات المسيرة المعادية.
وعلى الرغم من تصريح متحدث باسم "يوروبول" لصحيفة Daily Telegraph بأن الوكالة "لا يمكنها التنبؤ بالمستقبل"، إلا أن علامات الخطر لا تلوح في الأفق فحسب، بل هي موجودة بالفعل. فاستخدام التقنيات المستقلة مثل المسيرات أصبح ممارسة يومية في مناطق الصراعات النشطة، كما هو الحال في الجبهات الأمامية للحرب الروسية الأوكرانية.
الجريمة عن بُعد
وفقاً للتقرير، بدأت الأسلحة المتقدمة تتسرب بالفعل إلى عالم الجريمة المنظمة والإرهاب. وقد لوحظت زيادة في تحليق المسيرات حول البنى التحتية الأوروبية، مع ظهور أمثلة لطياري مسيرات يبيعون خدماتهم عبر الإنترنت، مما حول العملية الإجرامية من "الجريمة كخدمة" إلى "الجريمة عن بُعد".
وفي بيان لها، قالت "كاثرين دي بولي"، المدير التنفيذي ليوروبول: "إن دمج الأنظمة غير المأهولة في عالم الجريمة بات واقعاً نعيشه، وعلينا أن نتساءل كيف سيستخدم المجرمون والإرهابيون هذه الروبوتات بعد سنوات من الآن. تماماً كما وفر الإنترنت والهواتف الذكية فرصاً وتحديات هائلة، ستفعل هذه التكنولوجيا الشيء ذاته".
آراء متباينة حول المستقبل
مع اقتراب عام 2035، يرى خبراء في حديثهم لموقع ذا فيرج أن المشهد التكنولوجي المتغير قد يؤدي بالفعل إلى ذلك المستقبل المليء بالجرائم الذي تتوقعه "يوروبول". ويقول جيوفاني لوكا ماسالا، الأكاديمي وخبير الروبوتات بجامعة كينت: "بشكل أو بآخر، سيستخدم المجرمون أي نوع من التكنولوجيا الجديدة"، وإن كان قد اعترف بصعوبة التنبؤ الدقيق لعام 2035 نظراً لسرعة التطور.
من جهة أخرى، أبدى البعض مخاوفهم بشأن انتهاكات الخصوصية، ليس فقط من قبل المجرمين، بل من قبل أجهزة الأمن التي قد تستخدم أساليب مراقبة متطورة للغاية.
وفي المقابل، يبدو آخرون أقل اقتناعاً بأن الجريمة أو إنفاذ القانون سيشهدان تحولاً جذرياً قريباً. ويقول دينيس نيزجودا، المسؤول في شركة لوكس روبوتيكس: "هناك عوائق تقنية وتنظيمية تحول دون تحقق تلك السيناريوهات المتطرفة بحلول 2035. أنا لا أرى روبوكوب (الشرطي الآلي) يجوب شوارعنا، وببساطة لا أعتقد أن الروبوتات ستمحو الوظائف البشرية".