القاهرة: الأمير كمال فرج.
هل الموت هو النهاية حقاً، أم أنه مجرد "إصابة جسدية" لم نتقن علاجها بعد؟ في تصريحات وصفت بأنها ثورة في عالم الطب الحديث، يخرج البروفيسور سام بارنيا، أحد أبرز خبراء "تجارب الاقتراب من الموت" في جامعة نيويورك، ليتحدى العرف البشري المستقر منذ آلاف السنين. يرى بارنيا أن توقف القلب ليس "نقطة النهاية" بل هو بداية لعملية بيولوجية يمكن طبياً عكس مسارها.
ذكرت نور السباعي في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "خبير في تجارب الاقتراب من الموت أكد أن توقف قلب الإنسان ليس بالضرورة هو النهاية، مشيراً إلى أن التدخلات الطبية الحالية يمكنها مساعدة المرضى على مراوغة الموت بنجاح".
أوضح سام بارنيا، الأستاذ المشارك في الطب بمركز "لانغون" الطبي التابع لجامعة نيويورك، أوضح مقابلة مع صحيفة Telegraph بأن المؤسسات الطبية لا تزال متأخرة جداً في فهم مفاهيم الموت والاحتضار".
ووفقاً لبارنيا، فإن الدراسات التي أُجريت خلال السنوات الخمس الماضية -بما في ذلك أبحاث مختبره الخاص في جامعة نيويورك- تشير إلى أن أدمغتنا تظل قابلة للإنقاذ، ليس لساعات فحسب، بل ربما لأيام بعد الوفاة.
وفي إحدى الدراسات التي أجراها مختبر بارنيا العام الماضي، وجد الباحثون أن بعض مرضى السكتة القلبية كانت لديهم ذكريات عن تجارب وفاتهم لمدة تصل إلى ساعة بعد توقف قلوبهم. كما أظهر نشاط الدماغ لدى هؤلاء المرضى ظاهرة مماثلة؛ حيث عاد نشاط الدماغ إلى وضعه الطبيعي أو شبه الطبيعي لدى 40% من الحالات بعد ساعة من بدء عملية الإنعاش القلبي الرئوي CPR.
وبالاستناد إلى دراسات أخرى، من بينها دراسة مثيرة للجدل من جامعة ييل تضمنت إنعاش أدمغة خنازير مقطوعة الرأس بعد مرور 14 ساعة على ذبحها، يرى الطبيب "المتحدي للموت" أن فكرة كون الموت حالة نهائية هي مجرد عرف اجتماعي لا يتوافق مع الحقائق العلمية.
وقال بارنيا للصحيفة: "إذا أزلنا ذلك الوصف الاجتماعي الذي يجعلنا نعتقد أن كل شيء يتوقف، ونظرنا للأمر بموضوعية، سنرى أن الموت هو في الأساس عملية إصابة قابلة للعلاج".
وبناءً على منطقه، يمكن عكس هذه العملية ليس فقط باستخدام أجهزة الأكسجة الغشائية خارج الجسم ECMO -التي تعمل كبديل للقلب والرئتين عند فشلهما- ولكن أيضاً عبر استخدام "كوكتيلات" محددة من الأدوية التي أثبتت فعاليتها في عمليات الإنعاش خلال الدراسات الحيوانية.
وذكر بارنيا أنه يعتقد أن فريقه هو الوحيد في العالم الذي يمنح المرضى ما يسمى بـ "كوكتيلات الإنعاش القلبي الرئوي"، والتي تشمل الأدرينالين، ودواء الميتفورمين الخاص بالسكر، وفيتامين C، وعقار فازوبريسين المضاد لإدرار البول، ومكمل "سولبوتيامين" المقاوم للإرهاق، وذلك في محاولة لإنعاش مرضى السكتة القلبية.
ويبدو الطبيب البالغ من العمر 52 عاماً واثقاً جداً في نهجه، لدرجة أنه يقول للناس إنه نظراً لعمره وجنسه، فمن المحتمل أن يصاب بسكتة قلبية قريباً، ويرى أنه لا ينبغي له أن يموت حينها طالما أن تدخلات مثل جهاز الـ ECMO وكوكتيلات الأدوية متاحة تحت تصرفه.
وتساءل بارنيا في حواره مع الصحيفة: "إذا أصبت بنوبة قلبية ومت غداً، فلماذا عليّ أن أبقى ميتاً؟ لم يعد ذلك ضرورياً بعد الآن".
ومن البديهي أن فكرة بارنيا حول الإنعاش ما بعد الموت تعتمد بشكل كلي على عامل الوقت، ولكن إذا سارت الأمور وفق رؤيته، فقد نبدأ في النظر إلى ما وراء الموت ليس كحدود نهائية، بل كحالة يمكن الرجوع عنها في أعقاب وقوعها مباشرة، أو حتى بعدها بفترة.