القاهرة: الأمير كمال فرج.
مع تغلغل الذكاء الاصطناعي التوليدي في أدق تفاصيل حياتنا اليومية، من الوظائف والترفيه وصولاً حتى إلى طعامنا، قد يتساءل المرء: هل هناك من لا يزال يقاوم هذا الاجتياح التكنولوجي؟
ذكر جو ويلكنز في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "سكوت أنتوني، المحلل السابق في شركة "ماكينزي" والأستاذ الحالي في جامعة "دارتموث"، صرح لمجلة Fortune بأن الشعور الطاغي الذي يلمسه بين طلاب الجامعات ليس الحماس لمستقبل يقوده الذكاء الاصطناعي، بل هو "الرعب المحض".
يقول أنتوني عن النماذج اللغوية الكبيرة LLMs: ما يدهشني باستمرار هو مدى خوف طلابنا من استخدام هذه التقنيات. وأوضح أن هذا الخوف لا يقتصر على القضايا الأكاديمية التقليدية مثل الغش، بل يمتد إلى القلق من فقدان مهارات التفكير النقدي لصالح الآلة؛ إنهم باختصار مرتعبون تماماً.
ويضيف أنتوني موضحاً: هناك شيء ما في الذكاء الاصطناعي يجعل الناس يخشون فقدان إنسانيتهم إذا اعتمدوا عليه بشكل مفرط. والتاريخ يعلمنا بوضوح أن التواجد في قلب تحول بهذا الحجم يكون دائماً مرحلة فوضوية للغاية.
فجوة الأجيال: أمان الأساتذة مقابل قلق الطلاب
قارن بروفيسور جامعة "دارتموث" بين قلق طلابه وبين حماس زملائه من الأساتذة المثبتين، الذين يتسابقون لتجربة أحدث برمجيات الذكاء الاصطناعي. وليس من الصعب فهم سبب هذا التباين؛ فأساتذة النخبة في الجامعات المرموقة يتمتعون باستقرار وظيفي يحميهم من "السيناريو الكابوسي" الذي قد يسببه طفرة الذكاء الاصطناعي في سوق العمل. أما الطلاب الذين يستعدون لدخول هذا السوق اليوم، فيواجهون مستقبلاً يفتقر تماماً للأمان.
الثمن المعرفي: هل يجعلنا الذكاء الاصطناعي أقل ذكاءً؟
بعيداً عن المخاوف المهنية، يبدو أن قلق الطلاب من أن استخدام الذكاء الاصطناعي قد يضعف قدراتهم العقلية له أساس علمي. فقد أجرت جامعة "MIT" دراسة أثارت الكثير من الجدل مطلع الصيف الماضي، حيث تم تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات لإنجاز مهام مثل كتابة المقالات: مجموعة استخدمت الذكاء الاصطناعي، وثانية استخدمت محركات البحث التقليدية، وثالثة اعتمدت على "الدماغ البشري فقط".
وجدت الدراسة أن المجموعة التي استخدمت الذكاء الاصطناعي أنجزت المهام بسهولة أكبر، لكن ذلك جاء بـ تكلفة إدراكية باهظة؛ إذ تراجعت رغبة المستخدمين في تقييم مخرجات أو آراء الذكاء الاصطناعي بشكل نقدي. وببساطة، انجرفت المجموعة التي استخدمت التقنية نحو "غرفة صدى" تدار بواسطة الخوارزميات، لا بواسطة عقولهم.
علاوة على ذلك، سجلت المجموعة التي اعتمدت على التفكير البشري الخالص رضا أعلى عن نتائج مقالاتها، وأظهر أفرادها ترابطاً دماغياً أقوى مقارنة بالمجموعات الأخرى.