القاهرة: الأمير كمال فرج.
سيبقى عام 2025 محفوراً في الذاكرة بوصفه العام الذي تلاشت فيه هالة الانبهار بالذكاء الاصطناعي، ليحل محلها شك شعبي جارف أصبح هو السمة السائدة.
ذكر جو ويلكينز في تقرير نشرته مجلة Futurism"بالنسبة لتقنية يُفترض أنها تمثل المستقبل، يبدو أن الذكاء الاصطناعي التوليدي نجح في كسب عداء الكثيرين في وقت قياسي.
إذا كان عام 2023 هو عام بزوغ فجر الذكاء الاصطناعي، وعام 2024 هو عام التبني المحموم له، فإن عام 2025 هو بلا شك العام الذي اصطدمت فيه كل تلك التوقعات بأرض الواقع المرير. فمن غرف اجتماعات الشركات إلى القاعات الدراسية، ومن استوديوهات الألعاب إلى لجان مجلس الشيوخ، سيذكر الكثيرون هذا العام بأنه الوقت الذي استنفد فيه الذكاء الاصطناعي رصيد ترحيبهم.
أزمات بيئية ومعيشية
بالنسبة للعديد من البلدات الصغيرة في أنحاء الولايات المتحدة، وصل ازدهار الذكاء الاصطناعي محمولاً على سحب من الضباب الدخاني السام، الذي يؤكد النقاد أنه أدى لارتفاع مخاطر الإصابة بالسرطان، واستحواذ الشركات على البنية التحتية المحلية، فضلاً عن الارتفاع الجنوني في فواتير الكهرباء.
وأمام هذا الواقع، ليس مستغرباً أن تشهد المجتمعات الريفية حراكاً واسعاً هذا العام، منظمةً احتجاجات تهدف لإغلاق مشاريع مراكز البيانات التابعة لقطاع التكنولوجيا أينما ظهرت.
وبالفعل، يبدو أن هناك إجماعاً من منطقة البحيرات العظمى وحتى شمال غرب المحيط الهادئ على أمر واحد: مراكز البيانات التي تغذي حمى البحث عن ذهب الذكاء الاصطناعي هي أسوأ جار يمكن السكن بجواره.
استغلال العمالة واستياء المستهلكين
بعيداً عن مراكز البيانات، ساهم الذكاء الاصطناعي في تمكين الشركات من زيادة معدلات استغلال العمال، سواء في مقار العمل أو حتى في منازلهم. ففي ربيع هذا العام، أعلنت شركة Visa عن خطط لإطلاق وكلاء ذكاء اصطناعي للوصول إلى المعلومات المالية للعملاء، لتكون واحدة من شركات عديدة جربت التحول الجذري نحو خدمة العملاء الآلية.
وبطبيعة الحال، أظهرت استطلاعات الرأي حول توجهات المستهلكين أن معظم الأمريكيين يفضلون خيارات قاسية على التحدث إلى وكيل خدمة عملاء آلي. وقد وصل الغضب إلى درجة جعلت البعض يتهمون موظفي خدمة العملاء البشر بأنهم مجرد ذكاء اصطناعي عندما لا تسير الأمور وفق أهوائهم.
الجانب المظلم للابتكار
لم يكن كبار مسؤولي الشركات هم المستفيدين الوحيدين من طفرة الذكاء الاصطناعي؛ فمع توفر أدوات جديدة لإنتاج محتوى فائق الواقعية على نطاق صناعي، انضم إلى هذه الحفلة مخادعو فيسبوك، ومزورو الأعمال الفنية، والمؤثرون الذين ينشرون خطاب الكراهية.
هذا الأسلوب الذي يشبه قانون الغاب في الغرب الأمريكي القديم، غذى صعود حركات احتجاجية مثل Pause AI، وهي مجموعة تطالب بوقف تطوير الذكاء الاصطناعي حتى نتمكن من فهم حقيقة ما يحدث. بل وشهد عام 2025 أولى حالات الإضراب عن الطعام ضد الذكاء الاصطناعي، واحتجاجات عفوية لنشطاء في سان فرانسيسكو ولندن، بينما انتفض آخرون ضد شبكات المراقبة المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تديرها شركات مثل Flock Safety.
استقطاب سياسي غير مألوف
وسط هذا الصخب، بدأ عدد من السياسيين في الولايات المتحدة بالتحرك. فقد أطلق سناتور ولاية فيرمونت، بيرني ساندرز، مؤخراً حملة تدعو لوقف السباق غير المنضبط لتطوير ونشر الذكاء الاصطناعي. وانضمت إليه في هذا المسعى ممثلة نيويورك ألكساندريا أوكاسيو-كورتيز، التي انتقدت بشدة المشرعين الجمهوريين لمحاولتهم تمرير حظر لمدة 10 سنوات على الرقابة الحكومية للذكاء الاصطناعي.
وعلى الرغم من أن هذين المشرعين التقدميين قد لا يجدان دعماً كبيراً من زملائهم الديمقراطيين، إلا أنهما يلتقيان في هذا الموقف مع شخصيات يمينية مثيرة للجدل، مثل ممثلة جورجيا مارجوري تايلور غرين وحاكم فلوريدا رون دي سانتيس، اللذين خالفا توجهات حزبهما الجمهوري في التعبير عن معارضتهما لمبادرات الذكاء الاصطناعي.
وصرح دي سانتيس في طاولة مستديرة أخيرة حول الذكاء الاصطناعي، وفقاً لصحيفة واشنطن تايمز: "أنا لا أصدق الرواية التي يحاولون الترويج لها في هذا الشأن".