القاهرة: الأمير كمال فرج.
على الرغم من القفزات النوعية التي حققها العالم في توليد الطاقة المتجددة، إلا أن معضلة تخزين هذه الطاقة الخضراء لاستخدامها في الأوقات التي تغيب فيها الشمس أو تتوقف فيها الرياح لا تزال تشكل تحدياً هندسياً كبيراً.
ذكر فيكتور تانغرمان في تقرير نشرته مجلة Futurism إن "الباحثون ابتكروا مفاهيم إبداعية عديدة؛ من تخزين الطاقة عبر رافعات ترفع قوالب خرسانية ضخمة، إلى حبسها داخل صخور بركانية ساخنة، أو حتى تدوير التوربينات عبر ضخ المياه من مناجم عميقة مهجورة. ومع ذلك، لم يثبت أي منها كفاءة عملية كافية للانتشار الواسع".
اليوم، وبحسب تقرير لمجلة IEEE Spectrum، تقدم شركة Energy Dome المقيمة في ميلانو نهجاً مثيراً للاهتمام، يعتمد على تخزين الطاقة داخل قِباب ضخمة مملوءة بغاز ثاني أكسيد الكربون المضغوط.
كيف تعمل بطارية ثاني أكسيد الكربون؟
الفكرة وراء هذه البطارية بسيطة ومبتكرة؛ حيث يتم استخدام الفائض من الطاقة الخضراء لضغط الغاز، وعند الحاجة للكهرباء، يتم تحرير الضغط لتدوير توربينات ضخمة. ويمكن لمنشأة واحدة مشحونة بالكامل أن تخزن ما يصل إلى 200 ميجاوات/ساعة من الكهرباء، وهي كمية تكفي لإمداد نحو 6,000 منزل بالطاقة ليوم كامل.
أثناء عملية الشحن، يستخدم النظام تقنية التخزين الحراري لتبريد الغاز وتحويله إلى سائل في غضون عشر ساعات. وعند التفريغ، يتم تبخير السائل وتسخينه ليعود إلى حالته الغازية، مما يدفع التوربينات لتوليد الكهرباء.
جسر الفجوة بين التوليد والاستهلاك
يهدف هذا المشروع إلى سد الفجوة الزمنية بين وقت توفر الطاقة المتجددة ووقت ذروة الطلب عليها، من خلال حلول تخزين الطاقة طويلة الأمد LDES. فعلى سبيل المثال، تصل الطاقة الشمسية إلى ذروتها خلال النهار، بينما تبلغ حاجة المنازل ذروتها في المساء عند عودة الناس إلى بيوتهم.
وقد استقطبت هذه الفكرة اهتمام شركة Google، التي أعلنت عن شراكة مع Energy Dome في وقت سابق من هذا العام. وتخطط عملاقة التكنولوجيا الآن لنشر هذه المرافق بسرعة في جميع مراكز البيانات الرئيسية التابعة لها في أوروبا والولايات المتحدة ومنطقة آسيا والمحيط الهادئ.
حلول قياسية عالمية
تعمل Energy Dome حالياً على مشروع تجريبي في جزيرة سردينيا الإيطالية، وفي حال نجاحه، تسعى للتوسع عالمياً، بدءاً من ولاية كارناتاكا في الهند، وصولاً إلى ولاية ويسكونسن الأمريكية.
وفي هذا الصدد، صرحت أينهوا أندا، المسؤولة عن استراتيجية الطاقة في Google، بأن الميزة الكبرى لهذا النظام تكمن في كونه حلاً "يناسب الجميع"، وأضافت: نحن نبحث في العالم عن حلول متنوعة، والمعيارية التي يوفرها هذا النظام مهمة جداً بالنسبة لنا، فهو نظام قابل للتشغيل المباشر والسريع.
استدامة وتحديات
تتميز بطاريات ثاني أكسيد الكربون عن غيرها من حلول التخزين (مثل بطاريات الليثيوم) بعدم حاجتها لثروات معدنية نادرة أو سلاسل توريد معقدة أو صيانة مستمرة. ولا تقتصر هذه الجهود على جوجل، إذ تشير التقارير إلى أن الصين تعمل هي الأخرى على تطوير تقنيات مشابهة.
ومع ذلك، تظل هناك تساؤلات حول الجدوى الاقتصادية طويلة المدى، فمساحة هذه القباب أكبر بكثير من منشآت بطاريات الليثيوم، كما يظل خطر حدوث "ثقب" في القبة قائماً، مما قد يؤدي لتسرب آلاف الأطنان من الغاز إلى الغلاف الجوي.
لكن المؤيدين يرون أن هذه المخاطر تستحق المغامرة؛ حيث يقول كلاوديو سباداكيني، الرئيس التنفيذي لشركة Energy Dome: إن أي تسرب محتمل يعد ضئيلاً جداً ولا يكاد يُذكر إذا ما قورن بالانبعاثات المستمرة لمحطات الفحم التقليدية.