كشف المخرج العماني ومستشار هيئة الإذاعة والتلفزيون الدكتور خالد الزدجالي قصة "لص تنزاني"، الذي رآه بنفسه، ووقف على ضبطه أثناء محاولته سرقة مسجد، ومعاقبته من قبل الأهالي ، وذلك خلال زيارته لتنزانيا، وروى الواقعة بأسلوب سينمائي واقعي موجع، يجعل القاريء وكأنه أحد الواقفين أثناء معاقبة اللص التعيس.
نشر الزدجالي على صفحته الشخصية في "فيسبوك" اليوم روايته للقصة الواقعية التي تصلح مشهدا مؤثرا من فيلم سينمائي يحصل على الأوسكار ، وأرفق مشهده بعدة صور للواقعة :
كتب الزدجالي قائلا :
(لص المساجد / تنزانيا
بعد صلاة العصر من يوم الجمعة 24 / 3 / 2017 عاد إلينا زميل ليبلغنا أن الحارس بجامع العدل قام بحجز لص في دورات المياه للجامع كان يحاول فك لمبات الحمام "إنارات" وسرقتها، فتنبه الحارس لدخوله (طبيعة الحال في تنزانيا هناك تزايد في جرائم السرقه لدرجة انك لن تتمكن من دخول غالبية المحلات للشراء الا من خارج الشباك الحديدي، حيث يغلق البائع على نفسه ويستقبل طلبات الشراء من خلف القضبان الحديدية، كما أن كافة المنازل مزودة بأنظمة أمن كهربائيه تصعب على اللصوص تخطيها أو اقتحام تلك المنازل ) وكان الوقت قبل المغرب بساعة، حيث وقت الهدوء والراحة، وقد انشغل بعضنا في زيارات ميدانية.
كوني مخرج وكاتب سيناريو استهوتني الحادثه لاستخبرها في تجاربي ومذكراتي، فذهبت مسرعا نحو دورات المياه، فإذا بالسارق محتجز بداخل دورات المياه، وتجمع الناس في الخارج لتأديبه، قيل لي انه في العادة يضرب ضربا مبرحا تصل لدرجة حرقه أو تكسير أطرافه وأضلعه ، فقلت ولماذا لا يسلم للشرطة، قيل لي انه سيفعل به مثل هذا، أو أشد أنواع الإذلال، أو يترك إن استطاع دفع رشوة مقبولة، وقلت ماذا انتم فاعلين به قال لي الحارس سنؤدبه، راودني الفضول لمشاهدة لقطات هذا المشهد السينمائي الحي .
فإذا بالحراس يستجوبونه ويطلبون منه كشف ما يحمله بداخل شنطته المحمولة (وقد عطفت لحاله قبل رؤية ما بداخل الشنطه من باب الفضيحة الكبيرة التي نالها من المحاولة الفاشله للسرقة).
وعندما أفرغ شنطته لم نجد شيئا غير فرد قفاز يد، وفرشاة أسنان، وعدد 3 أكياس بلاستيك سوداء للزبالة (كما اتضح لي أن هذه أدوات لص محترف لإخفاء البصمات من المسرقات).
قل تعاطفي على فضيحته، سالت الحارس أسأله قد تكون هذه المره الاولى ، فرد علي مؤكد سيقول أنها المره الاولى قلت أسأله ، فسأله فرد بنفس الاجابه فضحك الجميع ، طبعا انا لا استطيع الحكم او تقدير الوضع .
ثم بدأ العقاب الفوري طلب منه أن يخرج يده من خلال فتحات البوابه الحديديه و اذا بضربة قوية على راحة يده اليمنى انفطر قلبي من صرخة مدوية للألم الذي ناله ، ثم طلب منه يده اليسرى فقد تأخر كثيرا من هول الألم الذي جعله يبكي كالطفل و هو في الأربعينيات من العمر .
الا انه تحت الضغط و الصريخ مد يده اليسرى واذا بضربة أشد من الاولى وأجزم أن كسر ما قد حدث في عظام كفه ، و بدا يتلوى و يبكى و دموعه تنهمر و قد تبلل بما يكفي بمياه الحمام ( سألتهم يا ترى لماذا يقدم على سرقه و هو يعرف أن العقوبات فوريه وشديده لهذه الدرجه ، رد علي احدهم انه الفقر و الجوع ، رأفت لحاله كثيرا طالبتهم بالكف و المسامحه، إلا أن فرصة القبض على اللص عندهم كالعيد، فلاتسال عن الرأفة لهم ، فقد اشتد هول العقاب عندما وصل مسؤول الحراس ومعه عصا غليظة مايؤشر على نهاية اللص ففتح الباب، وهجم عليه بضربات متتالية في مواقع مختلفه في جسمه وهو يبكي ويصرخ.
في نفس الوقت وصل عدد من زملائي العمانيين، وتوسطنا لدى الحراس أن يتوقفوا عن الضرب وأنه قد نال الدرس ولن ينساه، قالوا لن ينساه مالم نترك له عاهة في أطرافه، ترجيناهم بكل الطرق، وطالبناهم اننا نتعهد لهم انه لن يعود مرة أخرى لهذا الأمر ، أردنا أن نبقيه معنا علنا نتمكن من نصحه وإرشاده، إلا أن الحراس وافقوا على وقف العقوبة تقديرا لنا، ولكن بشرط أن يترك المكان فورا، وإلا سينهال عليه بقية العمال والطلاب المتجمهرين بالضرب والتكسير .
وافقنا على ذلك، طلبنا منه أن يتوضأ، وأعطيناه قنينة ماء صغيره ليشرب، وأن يذهب لأقرب مسجد ويصلي العصر، وأن لا يعود إلى ماكان عليه، وعدنا اللص (عبدالله) بذلك، وذهب وقلوبنا منفطرة عليه وعلى الفقراء لما آلت اليهم نواءب الدهر.
الحمدلله على كل حال ، اللهم ادم علينا نعمة الأمن والأمان والعدل والمأكل والمشرب، وبارك لنا فيما رزقتنا وقنا عذاب النار) .
تاريخ الإضافة: 2017-03-25تعليق: 0عدد المشاهدات :1479