القاهرة: الأمير كمال فرج .
في معظم العائلات تقتصر الأحاديث حول مائدة العشاء عن السؤال عما حدث أثناء اليوم في المدرسة، أو الواجبات المنزلية، ولكن الأمر مختلف تماما في عائلة مايكل ليزانتي، حيث سأل ابنته البالغة من العمر ثماني سنوات عن كيف يمكنها علاج السرطان، واقترحت كاميلا استخدام المضادات الحيوية .
يعمل الوالدان كباحثين في فريق متخصص للبحث عن علاج للسرطان، في البداية فكرا في اختبار نظرية الإبنة في معمل مانشستر، ولمفاجأتهما اكتشفا العديد من المضادات الحيوية الرخيصة التي لها القدرة علي قتل الخلايا السرطانية . بل نجحت هذه المضادات في قتل الخلايا السرطانية لأكثر السرطانات شيوعا مثل سرطان الثدي، والبروستاتا، والرئة، وأورام الدماغ الميؤوس من علاجها .
مثلا هناك الدوكسيسيكلين الذي يستخدم في علاج حب الشباب، ويعتقد أنه سيكون له مستقبل واعد في مجال علاجات السرطان أيضا، وهو رخيص للغاية بالمقارنة بعقاقير السرطان التي قد تصل تكلفتها إلي عدة مئات من الدولارات يوميا.
وخلال العشاء، كان الزوجان البروفيسور مايكل وفريدريكا يناقشان تطورات البحث عندما قررا أخذ رأي ابنتهما . ويقول : "كانت دائما تستمع إلي حديثنا عن السرطان، وظننا أنه من المرح سؤالها عن اقتراح . وقالت أنها ستستخدم المضاد الحيوي في علاج السرطان، كما استخدمته عندما أُصيبت بالتهاب الحلق".
وبدلا من تجاهل إجابتها، قام الوالد بإجراء بعض التجارب، وعندما نجحت تجاربه اعتقد في صحة كلام ابنته، وبدأ بالقراءة والبحث.
كانت هناك حالة طفل يعاني من وجود خلايا سرطانية أدت إلي توقف إنتاج الميتوكوندريا في خلايا جسمه، وقام الوالدان بتوقيف نمو الخلايا السرطانية باستخدام المضادات الحيوية، وإعادة انتاج الميتوكوندريا . كما أظهرا أن هناك أربع مضادات حيوية شائعة تمكنت من قتل الخلايا السرطانية من العينات الماخوذة من الثدي والبروستاتا والمبيض والبنكرياس والجلد والمخ، والأهم من ذلك أن الخلايا السليمة لم تتضرر .
كما أظهرت تجاربهما أن المضادات الحيوية تساهم في وقف انتشار الخلايا السرطانية في الجسم . ويقول البروفيسور مايكل أنه سيثبت أن المضادات الحيوية ذات كفاءة كما أنها منخفضة التكلفة وآمنة تماما . والآن يحتاج إلي تمويل لدراسة وتجربة نظريته علي السرطان بما في ذلك سرطان الثدي.
وإذا تم إثبات قدرة المضادات الحيوية علي مكافحة السرطان، سيمكنها إذا من منع خطر تطوره، وهناك العديد من الأبحاث التي تدعم نظرية الطفلة كاميلا من ضمنها تلك التي أجريت علي مرضي سرطان الرئة، حيث نجحت الفكرة في علاج 75% من المرضي وإنقاذ حياتهم .
وفي دراسة أخري، اختفت الأورام تماما بعد ثلاث أسابيع من العلاج باستخدام الدوكيسيسيكلين . وحذر مركز أبحاث السرطان بالمملكة المتحدة البروفيسور مايكل من إجراء تجاربه في المعمل، ولكن نجاحه في اختراق خلايا سرطان الثدي كان مؤشرا قويا ومثير للتفاؤل، مما جلب التمويل لأبحاثه .
وقال رئيس الجمعية الخيرية للأبحاث الدكتور ماثيو لام، لصحيفة "ديلي ميل" أن "النتائج أثارت الباحثين الآخرين، كما أن الفرضية وإن كانت في مراحل البحث الأولي فهي مثيرة للاهتمام".
تقوم هذه التجارب علي استخدام مضادات حيوية رخيصة ومتوافرة، وإن ثبت فعاليتها في القضاء علي الخلايا السرطانية ستكون خطوة هامة نحو القضاء علي السرطان . وهي أفضل مثال علي أهمية متابعة الاستثمار في البحث العلمي . وفي بعض الأحيان تكمن إجابة أصعب الأسئلة في أبسط الأشياء أمامنا مباشرة، ولكن إن توقفنا عن البحث لن نراها أبدا .
واعترف الوالدان بفضل ابنتهما في إلهامهما خلال مراحل البحث، لدرجة أنهما وضعا اسمها كمكتشف رئيسي للدراسة . ويؤكد البروفيسور مايكل علي أهمية استماع الوالدين لما يقوله الأطفال . ويقول : "في البداية كنت أظن أنه من السذاجة التفكير في علاج السرطان بالمضادات الحيوية، ولكن في النهاية كان كلامها صحيحا، فهي تفكر بطريقة غير تقليدية، كما أن لها إجابات بعيدة عن المنطق أحيانا، وأتوقع أن تصبح دبلوماسية بارزة" .