القاهرة : الأمير كمال فرج .
قال الكاتب السعودي عبدالله ثابت "إن في طلال مداح شيئاً عظيماً يشبه النعمة، الرغيف الذي تقبّله، وتضعه على جبينك بخشوع، ثم تطعم به صغارك".
وتحدث ثابت عن هذه العبارة التي كتبها ذات يوم، وهو يسمع طلال ، مؤكدا أن هذه العبارة التبست بخرافيّة طلال، وبعمقه المؤثر في حكايا وخبايا وذاكرة بلد.
وقال ثابت في تعليق نشره على صفحته الشخصية في فيسبوك":
"إن في طلال مداح شيئاً عظيماً يشبه النعمة، الرغيف الذي تقبّله، وتضعه على جبينك بخشوع، ثم تطعم به صغارك".
_____
انتشرت واسعاً هذه العبارة، وبلا حسبان! كنت كتبتها مرة وأنا أسمع طلال، ويا كم فكرت؛ أي معنىً، بهذا العالم، يشبهه! لا بدّ أن يكون بالضرورة شيئاً ينطوي على نعمة، النعمة الني لا يصلح أن تخلو منها الأيام، كطلال نفسه!
تلك المرة برقت اللقطة القديمة لسفرة البيت والوالدين، لما كانوا يلتقطون كسرة الخبز، فيقبلونها، ويرفعونها بتلقائية خاطفة.. ويلمسون بها جباههم، امتناناً للنعمة.
لا بد أنكم رأيتم هذا!
قلت: صح! هكذا طلال بالتمام: خبر البيت ومهجة الحب المحض، مسّة الجبين، ونعمة الأيام.
كتبت وذهبت العبارة لكل مكان، ومن وقت لآخر يعود فيعلقها أحدهم على صفحتي، وأؤكد بالمطلق أن هذا حدث، ليس لأنها عبارة جميلة، ولا ما يحزنون، بل لسبب سهل وحلو، أنها التبست بخرافيّة طلال، بعمقه المؤثر في حكايا وخبايا وذاكرة بلد، لم تُختبر ولم تُستنطق بعد! بعدوى اسمه النافذ في حشاشات أكباد الخلق.
الحاصل: لقد عوّضه الله بطبع رائه الزهيّة وصوته اليانع في المطوية الأخيرة للخلود!
عوّضه صغارٌ لم يروه ولم يعاصروه برسم صوره الضاحكة على الحيطان والفناجين، صمموا له تماثيل بحجم الكف، ووضعوها بجوار أسرّتهم!
عوّضته مكانيب لا تحصى بمراودات المواعيد الأولى، بين الفتيات الحلوات جداً، والشبان خفيفي الظل جداً، تبادلوا أغانيه، ثم شرعوا في بناء الممشى!
عوّضته الشاشات، والمسارح، والمطاعم، وأهداف المنتخب، وعيدا الفطر والأضحية، وجيوب التمارين، وغرف السهارى، وسيل يومي هادر من نقرات الأثير.. بهذا الحب اليومي الجارف..
هذا كله، وأكثر منه بدهرين ونصف، عوّضه عن كل تلك القذاعات التي أهالها أوغاد سنواتنا الأربعين الفائتة، سنوات التيه، على ميتته وقبره!
تباركت روحك، أبوعبدالله، وتمجّدت في الأعالي أغانيك.