تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



الهوت دوغ الأكلة التي غيرت مواعيد القطارات


القاهرة : غذاء.

يمثل الهوت دوغ Hot Dog الثقافة والتاريخ في الولايات المتحدة الأمريكية؛ فتلك الشطائر، التي تتألف الواحدة منها من شرائح سجق ساخن تُوضع في لفافة من الخبز؛ تُباع في جميع الملاعب الرياضية خلال مباريات البيسبول، وتُشوى في أفنية كل المنازل تقريبا خلال حفلات الشواء "الباربكيو". كما أنها مُتاحة في مختلف المحال التي تقدم الخدمات والسلع للسيارات وركابها من أقصى شرق البلاد إلى أقصى غربها.

ذكر تقرير نشره موقع BBC أن " هذا النوع من الأطعمة - الذي يشكل النموذج الأكثر تمثيلا للأكلات الأمريكية ظهر في الفترة التي شرعت فيها الولايات المتحدة في بلورة هويتها الجديدة، خلال ستينيات القرن التاسع عشر، بعد أن وضعت الحرب الأهلية أوزارها".

ممشى كوني آيلاند

الموطن الأصلي للهوت دوغ يوجد على ممشى في حي "كوني آيلاند" بمدينة نيويورك، وقد زرت هذه المنطقة مؤخرا في وقت كانت فيه المدينة تتصبب عرقا خلال موجة من الطقس الحار. وقتذاك، خرجت من قطار الأنفاق في نيويورك وهرعت للحصول على بعض الهواء اللطيف على شاطئ "كوني آيلاند". هناك وجدت لافتة بيضاء اللون، كُتِبَ عليها شطائر "ناثان فَيمَس"، تروج لهذه الشطائر بفخر بالقول: "هذا هو الأصل: شطائر السجق الشهيرة عالميا منذ عام 2016".

رغم ذلك، رأيت بعد عشرات الأمتار فقط، لافتة أخرى مُثبتة على محل صغير يقع بجوار قطار شهير وعتيق للملاهي هناك، وقد كُتِبَ عليها: "فيلتمان الموجود بـ`كوني آيلاند`: شطائر النقانق الأصلية - منذ عام 1867".

وحتى هذه اللحظة، كنت أحسب أن نقانق "كوني آيلاند" بدأت وانتهت مع "ناثان" الذي ظل اسمه - لدى الكثيرين - مرادفا لمدينة الملاهي الواقعة على الشاطئ في هذه المنطقة. لكن بينما يتفاخر القائمون على هذا المحل بأن شطائرهم هي "الأصل"، تبين أنهم لا يمثلون حتى الشركة الأولى، التي قامت ببيع الـ "هوت دوغ" في هذا الممشى. فبحسب المؤرخ مايكل كوين - ابن هذه المنطقة والمتخصص في تاريخ "كوني آيلاند" - انخرط مهاجر ألماني يُدعى تشارلز إل. فيلتمان في بيع تلك الشطائر على ذلك الشاطئ الغاص برواده، لعقود طويلة قبل أن يولد ناثان من الأصل.

أكلة مهاجرة

فـ "فيلتمان" - الذي وصل إلى الولايات المتحدة عام 1856 - جلب معه، مثل كثير من المهاجرين الألمان آنذاك، عشقه لنقانق السجق، التي كانت شائعة في وطنه الأصلي. في البداية، انشأ الرجل - المُدرب على العمل كخباز - مخبزا في منطقة بروكلين بنيويورك عام 1865، وحقق إيرادات معتبرة من نشاطه الرئيسي، الذي تمثل في توريد الفطائر للشركات الموجودة في "كوني آيلاند"، على عربة جر ذات عجلتين. كما كان يبيع المحار، كنشاط جانبي.

ومع مد خط للسكك الحديدية إلى "كوني آيلاند"، تدفق عدد أكبر من الناس من مانهاتن إلى المناطق القريبة من الشاطئ في أواخر ستينيات القرن التاسع عشر، حسبما يقول ريتشارد إف. سنو، رئيس التحرير السابق لمجلة "أميركان هيرتيدج"، الذي يضيف أن الزبائن قالوا لـ "فيلتمان" في ذلك الوقت إنهم يرغبون في تناول أطعمة ساخنة، لا المحار البارد. لذا، طلب الرجل في عام 1867 من صانع العجلات - الذي صنع له العربة التي كان يحمل عليها الفطائر - تعديل تصميمها، بما شمل إضافة مجمرة تعمل بالفحم لشي السجق، وصندوق معدني لتسخين الخبز.

وفي صيف ذلك العام، وبينما كانت الولايات المتحدة تتعافى من حربها الأهلية، انهمك فيلتمان في التنقل بعربته في مختلف أنحاء "كوني آيلاند" ليبيع قرابة 4000 من "الشطائر الساخنة حمراء اللون" مقابل خمسة سنتات لكل منها.

وجبة في الهواء الطلق

وقد أدى وضع السجق في الخبز الملفوف، على نحو مغاير للطريقة التي تُقدم بها النقانق في ألمانيا دون خبز، إلى جعل التهام هذا الطعام على الشاطئ أمرا يسيرا بالنسبة للزبائن الأمريكيين. ولم يُصَك تعبير "هوت دوغ" للإشارة إلى هذا النوع من الشطائر، إلا بعد ذلك بسنوات. لكن اقتباس فيلتمان لفكرة تقديم الجعة في الهواء الطلق كما يحدث في ألمانيا، لبيع شطائر الـ "هوت دوغ" على الشاطئ حقق نجاحا مذهلا.

في عام 1871، استأجر فيلتمان قطعة أرض صغيرة على شاطئ البحر، وأقام هناك مطعما حمل اسم "فيلتمانز أوشن بافيليون". وبفضل نجاح المشروع، تمكن الرجل من توسيع أنشطته وأعماله، لتتحول عربته ذات العجلتين لبيع الفطائر، إلى إمبراطورية بكل معنى الكلمة مع مطلع القرن العشرين.

وامتدت هذه الإمبراطورية على مساحة مربع سكني كامل، وتألفت من تسعة مطاعم وقطار للملاهي ودار للسينما الصيفية ومكان لشرب الجعة في الهواء الطلق. ومن بين ما احتوته أيضا؛ فندق ومرقص ومكان على شاكلة القرى التي تقع في المناطق الجبلية؛ سبق أن أقام فيه في يوم ما الرئيس السابع والعشرون للولايات المتحدة ويليام هوارد تافت.

تغيير مواعيد القطارات

فيلتمان أقنع المسؤولين عن خط السكك الحديدية الواصل إليها، بتمديد موعد الرحلات، لكي يصبح بوسع الزبائن الذين يتناولون عشاءهم في مطاعمه استخدام القطار في رحلة العودة.

وفي ذروة ازدهار أعماله، بلغ حجم إنتاج مطاعم فيلتمان من شطائر الـ "هوت دوغ" ما يصل إلى 40 ألف شطيرة يوميا، بجانب وجبات من المأكولات البحرية كان يقدمها في مطعمه "أوشن بافيليون".

وعندما توفي هذا الرجل عام 1910 كان ثريا بحق؛ إذ كانت شركته - التي تولى إدارتها وقتذاك نجلاه تشارلز وألفريد - تضم أكثر من ألف موظف. وبحلول عشرينيات القرن العشرين، اعْتُبِرَ مطعم "فيلتمان" الأكبر في العالم.

وفي أوج رواج شطائر الـ" هوت دوغ" في مطلع القرن العشرين، استعان آل فيلتمان بمهاجر بولندي يُدعى ناثان هاندفيركر، كان يتولى تقطيع لفائف الخبز. ويقول حفيد لهذا الرجل في كتاب حمل اسم "ناثان الشهير"، إن جده بدأ توفير النقود اللازمة للاستقلال بنفسه وبدء مشروعه الخاص، بعدما شجعه اثنان من أصدقائه على ذلك، وهو ما كان يحدو به في بعض الأوقات، للنوم على أرضية المطبخ في مكان عمله لدى فيلتمان.

منفذ لبيع الشطائر

وتحقق حلمه أخيرا في عام 1916 بفضل قرض حصل عليه بقيمة 300 دولار ووصفة منحتها له أسرة زوجته، ما أتاح له الفرصة لإقامة منفذ لبيع الشطائر، غير بعيد عن ذاك الذي كان يعمل فيه لدى رب عمله السابق. ولاجتذاب الزبائن، حرص هاندفيركر على أن يقل سعر شطيرته بواقع النصف عن سعرها لدى "فيلتمان"، والذي كان يبلغ عشرة سنتات للواحدة آنذاك.

وبعد معاناة مع الأحوال الاقتصادية المضطربة في الفترة التي سبقت فترة "الكساد العظيم" في الولايات المتحدة ومن ثم الحرب العالمية الثانية، صفى آل فيلتمان أعمالهم التجارية في مجال بيع الشطائر، في الأربعينيات من القرن العشرين. ولبعض الوقت، استمر الملاك الجدد في هذا النشاط - الذي كان شعاره في ذات يوم "نتعهد بتقديم الطعام للملايين" - قبل أن يُغلق أبوابه للأبد عام 1954.

وهكذا أصبح "ناثان" وللمرة الأولى منذ أكثر من نصف قرن، المصدر الوحيد لشطائر الـ "هوت دوغ"، ما ترك فراغا كبيرا لدى الكثير من عشاق شطائر "فيلتمان"، التي كانت أكبر حجما وأفضل مذاقا بالنسبة لهم.

1500 سوبر ماركت


في الوقت الحاضر، تُقدم شطائر "فيلتمان" في ما يقرب من 1500 سوبر ماركت تتناثر ما بين نيويورك وكاليفورنيا. وفي الأسبوع الماضي، سُجِلَت إحدى هذه الشطائر في موسوعة غينيس للأرقام القياسية كـ "أكبر شطيرة `هوت دوغ` في العالم" بوزن وصل إلى 57 رطلا (نحو 35 كيلوغراما) وطول بلغ خمسة أقدام.

لكن هل أصاب ناثان نجاحا مماثلا؟ الأرقام هنا تتحدث عن نفسها، ففطنة هذا الرجل ووصفة جدة زوجته التي استخدمها لإعداد شطائره، أرست أساس إمبراطورية دولية تتباهى الآن بكونها تنتشر في نحو 55 ألف موقع تشمل 10 دول.

مسابقة إلتهام الهوت دوغ

منذ عام 1972، تنظم شركة "ناثان فَيمَس" في الرابع من يوليو من كل عام، مسابقة دولية لالتهام شطائر الـ "هوت دوغ"، تُقام في المكان الأصلي الذي أقام فيه ناثان مطعمه في "كوني آيلاند". وتُبث فعاليات المسابقة عبر التليفزيون في مختلف أنحاء الولايات المتحدة.

وبالرغم من أن الغلبة تبدو في الوقت الحالي للعلامة التجارية لـ "ناثان" وللدخل السنوي الإجمالي الذي تدره، والذي يفوق 40 مليون دولار، فإن ذلك لا يعني أن شطائرها أفضل من تلك التي تحمل اسم "فيلتمان". فـ "تاكيرو كوباياشي"، الذي شارك في الكثير من المسابقات التي تُدرج في موسوعة غينيس للأرقام القياسية على صعيد التهام الأطعمة بسرعة، يُفضل مثلا شطائر "فيلتمان" برغم أنه فاز في المسابقة التي تقيمها شركة "ناثان" ست سنوات متتالية.

لكن لا يجدر بك أن تأخذ هذا الحكم على علاته دون تمحيص. فعليك أن تقرر بنفسك، عبر شراء إحدى شطائر "فيلتمان" من أقرب سوبر ماركت، وطلب واحدة من تلك التي تحمل اسم "ناثان" لتأتيك من الولايات المتحدة، ما يمنحك الفرصة لكي تجرب وتحدد أيها أفضل مذاقا.


تاريخ الإضافة: 2019-07-09 تعليق: 0 عدد المشاهدات :3561
2      0
التعليقات

إستطلاع

هل سينجح العالم في احتواء فيروس كورونا ؟
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات