القاهرة : الأمير كمال فرج .
استيقظ يسوع تشوي في صباح أحد الأيام ليكتشف ان أحد قطط عائلته قد قتل، وفي طريقه للعمل في موقع بناء مكسيكي، كان الغرباء يصفونه بألقاب مثل "الوحش الشيطاني"، كما لا يسلم من كاميراتهم لالتقاط صور له.
هذا هو يوم عادي في حياة "الرجل الذئب" الذي أصبح يؤدي فقرة شهيرة في السيرك على مستوى العالم حيث يغطي شعر أسود كامل الوجه.
عائلة تشوي منبوذة بقسوة في ببلدة لوريتو، شمال غرب المكسيك، وتتكون من 30 فردا، وتغطي وجوههم بنفس الفراء الداكن .
لكن تشوي، الذي لعب دور البطولة في العديد من الأفلام الوثائقية والتقارير التلفزيونية، جذب إنتباه العلماء بالإضطراب الوراثي الذي يعاني منه، ويخشي أفراد العائلة إنجاب المزيد من الأطفال خوفا من أن يعانين من نفس المشكلو، وتقول ابنة تشوي لصحيفة Daily Mail : "من الصعب إحضار شخص مثلي في هذا العالم ".
قامت بتجسيد معاناة هذه العائلة المخرجة ايفا اريديس التي قضت شهرا كاملا في تصوير فيلم وثائقي حولهم تحت عنوان " اللعنة "، سيقام العرض الأول في مكسيكو سيتي يوم 25 سبتمبر الجاري .
في البداية عمل تشوي "الرجل الذئب" كعامل يدوي، وعندما كان في الثانية عشرة من عمره، وفي طريقه مسافرا من مدينة إلى مدينة للحصول علي عمل، رآه صاحب السيرك، وعرض عليه العمل معه، ومن حينها لقبه بـ " ليتل وولف" أي الذئب الصغير .
وافق ليتل وولف، وقضى عدة سنوات في السفر في جميع أنحاء المكسيك، حيث كانوا "يحبسوه" ويقومون بعرضه على الحشود في أماكن الجذب السياحي.
وبعد ثلاثة عقود من السفر حول العالم، اكتشف تشوي خيانة زوجته له مع رجل عادي، وعندها قرر التخلي عن حياة السيرك، وعاد إلى نقطة الصفر لإيجاد لقمة العيش من خلال العمل في مقلب للقمامة.
وقال انه لا يمكنه الحصول على وظيفة لائقة بسبب التمييز العنصري الضخم الذي يعاني منه . "قالت المخرجة ايفا:" يعمل تشوي حاليا في مكب النفايات حيث يمضي أمسياته في حرق القمامة في المدينة مقابل أجر زهيد. "
وليس تشوي وحده هو من يعاني من"متلازمة المتحولين "، بل أن جميع أفراد أسرته مغطاة بالشعر بسبب طفرة جينية تعود الأجيال ماضية .
وتعاني العائلة من الاعتداء الرهيب على أيدي السكان المحليين، حيث يلعنهم السكان أينما مضوا . كما قامت واحدة من جيرانهم، وهي امرأة عجوز، بتسميم أكثر من عشرين من القطط التي تربيها العائلة. وتقول ايفا مخرجة الفيلم : " "دائما تصرخ بهم، وتقتل حيواناتهم الأليفة " .
يتأثر جميع أفراد الأسرة عن طريق طفرة جينية تسمى "فرط الخلقية" ، المعروفة بشكل عام باسم "متلازمة الذئب" ، الذي يسبب كمية غير طبيعية من نمو الشعر في جميع أنحاء الجسم.
بدأت هذه الظاهرة مع سالافو تشوي، الذي كان أول من أصيب بها ، و لم يسبق له مثيل من قبل في أسرته، ويعتقد أن الطفرات ترجع إلي اسباب وراثية منذ عدة أجيال، وتظل كامنة في كل أجيال العائلة، وتأتي كجين سائد عن طريق الصدفة في الجيل الجديد.
والآن أصبحت الجين السائد في السلالة، حيث وُلد خمسة أجيال لاحقة من ذرية سالافو تشوي مصابين "بمتلازمة الذئب". حيث وُلدوا مع الشعر النامي بالفعل على وجوههم.
في الواقع، هناك خمسين شخص عبر التاريخ البشري تأثر بهذه المتلازمة، وأسرة تشوي المكسيكية يشكلون 30 حالة من ضمنهم .
منذ أربعين عاما، تعيش الاسرة في بيت تبرع به عمدة المدينة . وتعاني العائلة من التمييز العنصري . قالت ايفا: "أنا لم أرى قط البلطجة أو التمييز على أكثر مما يعانيه هؤلاء الناس"، ويقول تشوي : " أريد فقط أن يترك الناس عائلتي في سلام.
تشوي متزوج من فيكتوريا، وهي امرأة من المجتمع المحلي وتعيش الآن مع العائلة، وقد انجبا ابنتين، أراسيلي وكارلا، وورثا خصائص والدهما والآن تحافظان علي الحلاقة بانتظام لتنجنب الاضطهاد في المدرسة، مثلما تفعل العمات الذين يشتركون في نفس الجينات، وأيضا الرغبة في الحياة الطبيعية.
عند مرحلة معينة في الفيلم الوثائقي تقول كارلا : "من الصعب إحضار شخص جديد مثلي في العالم، رفضهم من قبل المجتمع يجعل من الصعب العثور على عمل أو فرص العمل، حيث يترك الأطفال المدرسة في وقت مبكر ودون تعليم مناسب بسبب الاضطهاد المستمر".
وتقول المخرجة : "في البداية كنت خائفة ومحرجة من التحديق بهم، ولكن بعد بضعة أيام معهم كنت بالكاد حتى اشعر باختلافهم . انهم مجرد عائلة عادية تحاول أن يعيشوا حياتهم ". السبب العلمي وراء " متلازمة الذئب "
تعرف المتلازمة أيضا "بمتلازمة الشعر المفرط" هو مصطلح يستخدم لكمية غير طبيعية من نمو الشعر على الجسم.
ومنها نوعان : الأول حيث ينتشر الشعر في جميع انحاء الجسم، والثاني يقتصر على مناطق معينة.
هذا الاضطراب يمكن أن يكون إما خلقي، مما يعني أنه موجودة منذ الولادة، أو أنه نشأ في وقت لاحق في الحياة، وقد يكون سبب فرط الشعر الخلقي طفرة عكسية على "الكروموسوم 8Q" ، ولكنه يمكن أيضا أن يكون نتيجة لطفرة جينية عفوية – لا علاقة لها بالأسباب الوراثية .
قد يسبب الشعر الزائد إحراجا كبيرا، كما أن الخيارات المتاحة لعلاج ما يسمى "متلازمة الذئب 'محدودة، ولا توجد طريقة واحدة لإزالة الشعر غير المرغوب فيه من جميع انحاء الجسم أو لمختلف المرضى.
ويمكن التخفيف من الأعراض عن طريق التبييض، والحلاقة، ونتف وإزالة الشعر بالشمع، ولكن 'إزالة الشعر بالليزر هو الطريقة الأكثر فعالية لإزالة الشعر على المدى الطويل.
ويقول شقيق تشوي بأن حالته "هبة من الله" ويضيف : "لا بأس أن يكون مختلفا." وعند رؤية الذئب الحقيقي في رحلة إلى حديقة الحيوان في المشهد الافتتاحي، رأى تشوي أوجه التشابه بين الحيوانات في القفص وعائلته، وقال : " نعم نشبههم ويعاملنا الناس مثلما يعاملوهم" .