القاهرة : الأمير كمال فرج .
مازال عمال المناجم يستخدمون الطرق البدائية لجمع الكولتان – المكون السحري الذي يدخل في صناعة الآي فون، سامسونج غالاكسي أو الهواتف الذكية الأخرى.
يكدح مئات من العمال لمدة 12 ساعة في اليوم - في مشاهد قد تبدو وكأنها من القرن التاسع عشر بالاضافة للعمل في الظروف القاسية والحرارة الشديدة، حيث يقوم جحافل من الرجال بالغوص في عمق الجبال لاستخراج ودائع الطبيعية الثمينة، والتي تستخدم في عالم المحمول والهواتف الذكية والتكنولوجيا الفائقة من رسائل البريد الإلكتروني، ووسائل الإعلام الاجتماعية والإنترنت.
يحمل العمال خام الكولتان على أكتافهم ورؤوسهم إلى السد في طرق بدائية للغاية، حيث يتم تمرير الصخور والرمال من خلال جالون من الماء، وتصفيتها باليد باستخدام المصارف المعدنية إلى أسفل، كما يتم غسل النفايات بعيدا، ويتضح التناقض الشديد بين طرق استخراج الكولتان وطرق استخدامه في صناعة الأجهزة المتقدمة.
قامت صحيفة Daily Mail بإعداد سلسلة من التقارير عن التحديات التي تواجهها هذه الأمة المضطربة في أقاصي جمهورية الكونغو الديمقراطية "زائير سابقا"، حيث تستخرج المواد الخام لصناعة الآي فون من أشد المناطق خطورة والمليئة بالفحم والألغام والمخاطر الأخري كما صرح الأمين العام لمنظمة العمال .
وبعد التكرير يصبح الكولتان التنتالوم من المواد المعدنية المقاومة للحرارة التي يمكن أن تتحمل شحنة كهربائية عالية، والتي تتحملها لوحات الدوائر المصغرة في الهواتف الذكية، وأجهزة الكمبيوتر المحمولة، وأجهزة الاستدعاء، والعديد من الأجهزة ذات التقنية العالية الأخرى.
هذه الألغام، التي أنشأتها القرصنة بعيدا في أعالى الجبال في قلب أفريقيا، واحدة من الأماكن القليلة في العالم، حيث يمكن العثور على هذه المعادن النادرة، وبعد كثير من الفرز والجهد.
وبعد كل ذلك الجهد المضني يتقاضي عمال المناجم أجرا يوميا (5 دولار فقط) يوميا للعمل المنهك لاستخراج المعادن الثمينة التي تزيد قيمتها عن 500 دولار للهواتف الذكية، ومع تدني الاجور في الكنغو , يصبح العمال علي استعداد لتحمل الظروف الصعبة والخطيرة في بعض الأحيان.
وأعترف مصنعو أبل، الشركة المصنعة للآي فون، وسامسونج ، الشركة المصنعة لهاتف جالاكسي، أنها تستخدم الكولتان المستخرج من جمهورية الكونغو الديمقراطية لتصنيع الهواتف الذكية التي تسيطر علي نمط الحياة.
شركة أبل للجنة الولايات المتحدة الأمريكية للأوراق المالية والبورصات في فبراير2015 "لا تزال شركة أبل ملتزمة بقيود التنمية الاقتصادية، وخلق فرص لاستخراج المعادن النادرة من جمهورية الكونغو الديمقراطية والدول المجاورة، وكل عامل يستحق أن يعامل بكرامة واحترام".
وتقول سامسونج أنها تدرك خطورة انتهاكات حقوق الإنسان ومشاكل التلوث البيئية للتعدين بهذه الطرق البدائية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وخاصة في ظل غياب إجراءات السلامة.
وتنتشر حوادث شائعة في مناجم الكونغو الديمقراطية، كان آخرها مقتل سبعة عمال في موقع صغير للبحث عن الكولتان الشهر الماضي عندما انهارت جدران النفق التي لم تكن تحظى بدعم جيد، كما يضطر أطفال لا تتجاوز أعمارهم العشر سنوات في العمل بالمناجم .
تم اكتشاف هذا المنجم لأول مرة من قبل المنقبين البلجيكين قبل قرن من الزمان، كما يوجد عشرات آخرين مثل ذلك في المناطق الشرقية لجمهورية الكونغو الديمقراطية الغنية بالمعادن، التي تم استغلالها من قبل المستعمرين، الطغاة وأباطرة الحرب.
الكونغو الغنية باليورانيوم والذهب وحجر القصدير (تستخدم في صنع القصدير) والآن الكولتان – التي ساهمت بقوة في التقدم الهائل في العالم الحديث، بما في ذلك القنابل الذرية، التي ألقيت على مدينتي هيروشيما وناغازاكي من قِبل قوات الولايات المتحدة في الحرب العالمية الثانية .
واُستخدم اليورانيوم المستخرج من منجم في شينكولوبوي لتصنيع القنبلة الذرية التي ألقيت على هيروشيما في 6 أغسطس 1945 ، والكثير من البلوتونيوم المستخدم في القنبلة التي ألقيت على ناغازاكي بعد ثلاثة أيام.
وهناك المزيد من مواقع الحفر التي تديرها المستعمرات البلجيكية، وتقع في محافظة كاتانغا بجنوب جمهورية الكونغو الديمقراطية، والتي استخدمت لتوريد اليورانيوم للأسلحة النووية الأمريكية حتى عام 1960.
وتساهم العديد من المناجم والأرباح التي تحققت منها في تمويل الحروب التي ابتليت بها المنطقة على مدى 20 عاما، كما استخدمت العائدات من بيع الكولتان في شراء الأسلحة والذخيرة في المقاومة ضد الجيش الوطني الكونغو الديمقراطية.
وفي تقرير الأمم المتحدة عام 2001، أدانت الدولة الاستغلال غير القانوني للموارد الطبيعية، وبيع الكولتان والمعادن النفيسة الأخرى للشركات متعددة الجنسيات، والتي تُعرف باسم "محرك الصراع " أو "معادن النزاع" في جمهورية الكونغو الديمقراطية، مما أدي إلي تشكيل الجماعة المتمردة المعروفة بـ "M23 " التي جلبت الخراب لشرق جمهورية الكونغو الديمقراطية عام 2012، وأهانت الجيش الوطني وقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، كما سيطرت على مدينة غوما.
واضطر ما لا يقل عن 800 ألف شخص لهجر منازلهم وتم الإبلاغ على نطاق واسع عن الجرائم المرتكبة ضد المدنيين، لكن أدي إصدار قانون الولايات المتحدة، وقانون الإصلاح المالي دود-فرانك، إلى حملة لاستخدام ما يسمى بـ "معادن النزاع"، الأمر الذي تطلب من الشركات الغربية تحديد منشأ الموارد ، مثل الكولتان، وتعد جمهورية الكونغو الديمقراطية، من أكبر الدول المنتجة لما يسمى بـ "معادن النزاع"، والتي لم تعد تخضع لإدارة مجرمي الحرب.
وصرحت الشركات المستوردة لهذه المعادن : "لهذا السبب نعمل على زيادة عدد مصادر التحقق في هذه المنطقة، حتى يتمكن أكثر الناس من كسب لقمة عيش جيدة، في ظروف أفضل."
وتؤيد سامسونج للإلكترونيات الحظر المفروض على معادن الصراع، تقول متحدثة باسم شركة سامسونج للإلكترونيات: "كشركة مصنعة عالمية للالكترونيات الاستهلاكية، نفهم أن المسؤولية الأخلاقية والمعنوية لدينا كمستهلكين، ولا نزال ملتزمين بالمشاركة بفعالية في المحادثات والإجراءات في جميع أنحاء العالم إلى حظر استخدام معادن النزاع."