متحف غامض في القدس حول مصر وإسرائيل
القاهرة : الأمير كمال فرج .
أثار افتتاح معرض أثري ضخم في 4 مارس الماضي في متحف بالقدس المحتلة فضولي، ليس فقط بسبب الآثار الفرعونية التي تعرض خلاله، والتي يمكن تميزها بسهولة، ولكن للموضوع الذي يتناوله المعرض، والهدف منه، وهو ـ وفقا لمنظميه ـ محاولة توثيق العلاقات "التاريخية" بين مصر وإسرائيل.
المعرض الغامض ـ والذي يعرض وفقا للتعريف الخاص به عناصر من قصة "فرعون كنعان: القصة الغير مروية" ـ يثير الشك لأسباب عدة، منها المعلومات الخطيرة التي يؤكدها، ومنها أن قدماء المصريين حكموا إسرائيل القديمة، وعدم وجود دليل أثري عن رواية التوراة حول خروج اليهود من مصر، وكذلك قيام المصريين القدماء ببناء إسرائيل القديمة، وتشريع وجود الآثار المصرية في إسرائيل، والعلاقات المفترضة ـ التي أراد المتحف التأكيد عليها ـ بين المصريين والكنعانيين، وهو ما يشير إلى محاولة تطبيع أثرية تستخدم فيها لأول مرة "الآثار"، بعد أن فشلت العلاقات الدبلوماسية 38 عاما، والهدف الكبير المفترض الذي يسعى إليه المعرض، وهو تأكيد وتوثيق حق إسرائيل في أرض فلسطين.
الأخطر هو أن المعرض ـ الغير معتمد من قبل أي جهة أثرية على الإطلاق ـ عرض العديد من الآثار الفرعونية ، بعضها قيل أنه ينتمي إلى مجموعة توت عنخ آمون، والبعض الآخر زعم المنظمون أنه عثر عليه في مناطق مختلفة مثل دير البلح، وغزة، وهو ما يثير أيضا الأسئلة عن حقيقة هذه القطع، وموطنها الحقيقي، وبالتالي يثير احتمال سرقتها من مصر، ونقلها إلى إسرائيل .
أي نعم هم يقولون أن الفراعنة حكموا إسرائيل القديمة، وهذا قد يدغدع مشاعر البعض، ولكن قد يكون ذلك العسل الذي داخله سم، أو حصان طروادة، فبمرور الوقت بعد تثبيت هذه الدعوى، يمكنهم عسكها ، والزعم أن الكنعانيين هم من بنوا الحضارة الفرعونية، ولا ننسى المزاعم التي قيلت فيما سبق بأن اليهود هم بنان الأهرامات.
المعرض بعنوانه ومضمونه ومحتوياته والمزاعم التي يطلقها المنظمون حولها كان يجب أن يحظى باهتمام علماء الآثار المصريين، ولكن هذا لم يحدث، ولكن لازلنا نأمل أن تحظى باهتمام وزير الآثار الجديد الدكتور خالد العناني الذي تولى منصبه قبل أيام .
لا تحفظ عندي إذا ثبت ما تدعيه إسرائيل من وجود علاقات "وطيدة" بين ملوك مصر القديمة وملوك كنعان ، والاندماج الثقافي الذي يروج له المعرض والذي وصل إلى تبادل الآلهة ـ كما يقولون ـ ، فالتاريخ لا يكذب ، وعلينا أن نتعامل مع قضية الآثار بغض النظر عن العوامل المختلفة الدينية والسياسية .
ولكن كل ما أطلبه أن نتوثق من مزاعم المعرض الإسرائيلي، لأن تاريخ إسرائيل الاستعماري الذي يعتمد على التحريف والتزييف ، وهذه الدولة التي لم تتورع عن انتحال وطن بالكامل يضعها في دائرة الشك ، حتى لو كان هذا المعرض يقدم معلومات لصالحنا مثل تكذيب رواية التوراة عن الخروج، وأن الملوك المصرين حكموا إسرائيل، وأسسوا إسرائيل القديمة.
فيما يلي تقرير كتبه نير هاسون Nir Hasson في صحيفة haaretz هآرتس الإسرائيلية عن المعرض، ننشره بالنص مترجما عن الإنجليزية بعد الصياغة الصحفية، مع العلم أن صحيفة "هآرتس" بالتحديد تثير الريبة عندي شخصيا، لمواقفها المناهضة في بعض الأحيان لأسرائيل، ولا أدرى .. هل هذه موضوعية ومهنية شديدة من الصحيفة ؟، أم أنه أسلوب جهنمي للاستقطاب ينفذ لغرض في نفس يعقوب .
التقرير :
متحف جديد يجمع بين آثار إسرائيل القديمة ومصر :
غير معتمد من قبل أي جهة أثرية على الإطلاق - الجزء الأكثر شهرة من قصة فرعون كنعان - والخروج من مصر
تكذيب التوراة
تقول صحيفة هآرتز الإسرائيلية أن "المعرض تعارف بين أرض إسرائيل ومصر القديمة، وتسمي القاعة المخصصة للعرض : الخروج من مصر - وهي غرفة فارغة مع عرض: فيلم يقوم بعرضه عالم المصريات الدكتور دافنا بن تور، الذي يوضح أنه لا يوجد دليل أثري على الإطلاق لدعم الحكاية التوراتية".
وأضافت أن "كل طفل يعرف تفاصيل قصة الخروج، ولكن قلة من الناس خارج العالم الأكاديمي تعلم أن فراعنة مصر القديمة حكموا أرض إسرائيل لمئات السنين قبل فترة التسوية بين بني إسرائيل والمملكة في الألفية الثانية قبل الميلاد، والمعرض ـ كما يشير علم الآثار الإسرائيلي والمصري ـ يروي قصة معقدة لالتقاء الثقافات وتبادل الأفكار، الآلهة والمنتجات بين الكنعانيون والإمبراطورية المصرية".
يرى محرر الصحيفة أن "المعرض يصف النتيجة الأكثر دراماتيكية من هذا اللقاء – وهي اختراع الكتابة الهيروغليفية، التي كان يعتقد الكثيرون أنها أول نظام كتابة حقيقي، جنبا إلى جنب مع ما قبل المسمارية الكتابة السومرية ، "ويعتقد أن كلا منها قد خرجت من رموز القراءة والكتابة التي كانت تستخدم منذ أكثر من 5000 سنة".
من بين مئات المعروضات في المتحف يحتل الذهب والمجوهرات، والجعلان، والفخار، والزجاج، والحجر السفن، والأسلحة، والمرايا، واللوحات، وشواهد القبور، والنقوش، وتماثيل الآلهة والملوك وأكثر من ذلك".
تقول الصحيفة أنه " تم اكتشاف العديد من الحفريات في إسرائيل، وتم جمعها من قبل هيئة الآثار والمتاحف الأخرى في إسرائيل. كما تم معاينتها من قبل بعض المتاحف في الخارج ، من بينها متحف متروبوليتان للفنون في نيويورك، ومتحف Kunsthistorisches في فيينا، والمتحف المصري في تورنتو".
تمثال أبوالهول
تتابع الصحيفة "وكانت واحدة من الاكتشافات الأكثر إثارة للاهتمام في هذا المعرض هو جزء من تمثال أبو الهول الذي وجد في تل هاتزور، وهو عبارة عن مخالب الأسد، وفقا لنقش بينهما، تم إنتاج تمثال في مصر خلال فترة المملكة - أي قبل حوالي 1000 سنة من غزو مصر لكنعان، ويعتقد الباحثون أن تمثال من الجرانيت تم إرساله من مصر كهدية لمحافظ هاتزور قبل 3500 سنة، وكان بالفعل من العصور القديمة، حوالي 1000 سنة، واكتشاف آخر من هاتزور هو صورة للإلهة حتحور على مربع والمجوهرات المصنوعة من العظم والخشب، ويجمع بين سمات مختلطة - مصرية وكنعانية".
وأوضحت الصحيفة أن "العرض يشمل أيضا علي السيف المنجل المنحني، حيث اعتمد المصريون نهاية السيف المدورة، والتي تحتوي على الحافة الخارجية الحادة، كما كان سلاحا مهما في أعقاب غزو كنعان، وعثر على سيف مماثل في مقبرة توت عنخ آمون. عندما زار رئيس الوزراء مناحيم مصر بعد اتفاق السلام عام 1979، قدم له الرئيس السادات نسخة من السيف المقوس القديم باعتباره رمزا للسلام، ومن توت عنخ آمون نفسه تم عرض عنصر واحد في المعرض: خاتم من الذهب مع اسم الملك علىه ، وجدت في تل أجول في قطاع غزة".
تطبيع آثاري
تقول صحيفة هآرتز" أن "نقطة التحول في هذا اللقاء بين ثقافات - الإمبراطورية الغنية والقوية من دلتا النيل، والدول الكنعانية - حثت حوالي 1500 قبل الميلاد، وفي ذلك الوقت انتصر فرعون تحتمس الثالث في معركة في مجدو ضد تحالف جيوش الكنعانية والملاصقة لأراضي الإمبراطورية المصرية، وهناك عدد من العناصر في المعرض عبارة عن نقوش باللغة الهيروغليفية المصرية التي تظهر الكنعانية كرجل راكعا ويداه مقيدتان خلف ظهره، وبعبارة أخرى، في اللغة المصرية، "الأسير" أو "الذي استسلم" ، ورموز كنعان تعني "بلد أجنبي".
ويرى المحرر، أن "من الخطأ وصف هذه العلاقة التاريخية باعتبارها مجرد سلسلة من المعارك والإذلال، حيث يضم المعرض العديد من العناصر التي تشهد على التأثيرات المتبادلة بين الثقافات، منها اعتماد الأساليب والتقنيات المصرية من قبل النخبة في كنعان، ولكن لم يكن هناك تأثير على المصريين من قبل الكنعانيين كذلك، وكان كروس الأكثر إثارة للاهتمام وهو الآلهة. كما كان هناك عناة وريشيف، وجميعهم من الآلهة المحلية من كنعان، التي وجدت طريقها إلى آلهة المصريين".
وقال المحرر أن "من المثير للاهتمام أن نلاحظ أن تدفق الآلهة في الاتجاه المعاكس - من مصر إلى كنعان. ماعادا إلهة واحدة، حتحور ـ وهناك العديد من تماثيلها في المعرض - كما يمكن التعرف عليها بسهولة من أبواق البقر".
وأشار إلى أنه "في القاعة المركزية، تم وضع اثنين من العواصم التي تم العثور عليها في بيت شيعان على الأعمدة التي أعيد بناؤها، حيث تم نسخ بوابة منزل الحاكم المصري من نفس الموقع وإعادة بنائها، وهناك نوعان من شواهد القبور الضخمة من قطع البازلت، مع الصور والنقوش الطويلة من الكتابة الهيروغليفية المصرية، وتم العثور على قطعة من البوابة وشواهد القبور منذ عقود في الحفريات من بيت شيعان، لكن طغت عليها الاستكشافات الهامة من الفترة الرومانية".
المصريون أسسوا إسرائيل القديمة
تقول الصحيفة أن "شواهد القبور البازلت معروفة جيدا لعلماء المصريات وعلماء الآثار، ولكن هذه هي المرة الأولى التي وضعت على قواعدهم الأصلية، والتي تم جلبها من بيسان، ويظهر واحد منهم لقاء الملك مرنبتاح مع الإله حورس، وتحت الصورة هناك وصف للمعركة التي هزمت فيها الممالك الكنعانية، وشاهد القبر الثاني قبل حوالي 1500 سنة، وعتبة الكنيسة البيزنطية التي تم بناؤها بعد حوالي 2000 سنة، والنقش عليها تم محوه تقريبا، ومع ذلك، من الممكن فهم ما بقي من النحت أنه كان يصف انتصار الملك المصري على "هيفرو"، وكانت هذه المجموعات من الخارجين على القانون المذكورة في وثائق من كنعان خلال فترة الإمبراطورية المصرية. لسنوات عديدة كان هناك نظرية تفيد أنه بعد تراجع المصريين من كنعان، وأصبح هيفرو خارج عن القانون مع مجموعة عرقية التي تُعرف اليوم باسم "العبرانيين"، مشيرة إلى أن هذه النظرية لو صحت فإن المصريين الذين غادروا كنعان من الممكن انهم من قاموا بإنشاء إسرائيل القديمة، وليس الإسرائيليين الذين غادروا مصر، وتحولوا الي مجموعات من العبيد إلى أمة في طريقها عبر الصحراء.
خروج اليهود من مصر
تابعت الصحيفة قائلة "بن تور عالم الآثار يقول : "ليس هناك حقائق أثرية تؤكد صحة قصة الخروج من مصر، لكن القصة لم تُكتب من فراغ، وهناك احتمال كبير أنها تحتوي على جذور تاريخية . على سبيل المثال، من المعروف أنه في زمن الأزمة تراجع الكنعانيين إلى الدلتا، إلى أرض جاسان. ونحن نعلم أن هناك أشخاص من أصل كنعاني ممن بلغوا مناصب عليا في الإدارة المصرية - مثل يوسف وموسى، وصفنات - وهي أسماء معروفة من النصوص المصرية ".
وأضافت أن "واحدة من الأسماء المعروفة لكلا الثقافتين المصرية والعبرية هو يعقوب "جاكوب"، وهو الملك الذي حكم مصر قبل الفتح الكنعاني، وحددت البحوث سلالة المعروفة باسم الهكسوس من أصل كنعاني، والتي سيطرت على مصر".
"وتحتوي قاعة أخرى لعرض التوابيت على الطريقة المصرية التي تم العثور عليها في إسرائيل، تم العثور على أكبر مجموعة في دير البلح والتي عثر عليها موشيه دايان، وتعكس التوابيت طريقة الدفن المصري، ولكن نظرة على وجوههم يجعل من الواضح أن الكنعانيين لم يصلوا لفنون الدفن بالمعايير المصرية العالية، حيث يتم تشويه الوجوه في بعض الأحيان. كما تم العثور على تابوت بالصدفة قبل أربع سنوات في حفر الإنقاذ في وادي يزرعيل، وصقل ملامح الوجه".
"وتظهر على الشاشة في جزء آخر من القاعة العشرات من الأواني الفخارية على الطريقة المصرية، والتي تم اكتشافها في اسرائيل، ويقول عالم الآثار في جامعة تل أبيب ماريو مارتن، الذي درس الآثار المصرية، أن تواجد الأواني أكثر شيوعا مع النساء، وتفسير ذلك أن النخبة المصرية في كنعان كانت من الذكور، وكانت المرأة الكنعانية المحلية تهتم بأمور الطهي".
اختراع الأبجدية
تقول الصحيفة أن "في الجزء الأخير من المعرض يتم عرض فيلم حول نتائج أكثر دراماتيكية من هذا اللقاء بين الثقافات: مثل اختراع الأبجدية. وهناك نظرية التي وضعتها أورلي غولدفاسر، عالمة المصريات من الجامعة العبرية في القدس، والتي تفترض أن الكتابة اختراع لم يتم من قبل النخبة أو المتعلمين، ولكن بدلا من ذلك اخترعها عمال المناجم الكنعانيين في سيناء، ممن أرادوا أن يكتبوا، ولكن كانوا يعرفون القليل جدا عن اللغة الهيروغليفية المصرية، وبدلا من استخدام مئات من رموزاللغة الهيروغليفية المصرية القديمة، يمثل كل منها كلمة واحدة، اختاروا 30 حرفا بسيطا ، كل منها يمثل الحرف الساكن الأول من اسم كائن – وهي طريقة مماثلة للأبجدية اللاتينية".
وأضافت أن " هذه هي الطريقة التي تم بها اختراع كتابة بروتو الكنعانية التي أصبحت الأبجدية الأولى. كما هناك تطبيق الذي يترجم أسماء من العبرية إلى بروتو الكنعانية.
وختمت الصحيفة تقريرها الغامض بالقول أن "هذا المعرض يكشف الفصول المنسية في تاريخ الحضارات القديمة، كما أنه يحكي التفاعل بين الثقافات بين كنعان ومصر، وما نتج عن ذلك وغالبا ما يبعث على الدهشة الجمالية، والطقوس والصلات الثقافية التي نشأت بين اثنين من الشعوب المتميزة".
مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
نعم
69%
لا
20%
لا أعرف
12%
|
المزيد |