القاهرة : الأمير كمال فرج .
حدد الكاتب ستيفن هيلتون 4 أساليب تربوية خاطئة يتعامل بها آباء اليوم مع الأبناء ، ومن بينها التعامل معهم مثل البالغين ، وهذا خطأ، وكذلك الخوف الزائد عليهم ، وهو ما يحرمهم من متعة التجربة وفوائدها ، وكذلك منحهم هواتف ذكية في سن مبكرة ، مما يعرضهم لمخاطر جمة .
يقول هيلتون في تقرير نشرته صحيفة Daily Mail البريطانية "تعد جامعة بيركلي، كاليفورنيا، من أشهر الجامعات علي مستوي العالم. ولكن هناك شيء آخر تشتهر به الجامعة : حيث تحتوي علي أكثر الملاعب استثنائية وروعة في العالم، مصنوعة من الخشب، والإطارات المطاطية القديمة، وقصاصات من الأشرعة".
ادخل مع أطفالك الصغار وستستلم المطرقة ووعاء مملوءا بالمسامير ، وسترى أطفالا لا تتجاوز أعمارهم ست وسبع سنوات يقومون بنشر قطع من الخشب . دون وجود معدات السلامة. لا توجد قواعد متسلطة . مجرد أطفال يلهون ويبدعون، وقبل كل شيء، يحيون حياة انسانية.
من الصعب أن نصدق أنك لا تزال في أمريكا - أرض القانون والآباء المتسلطون، ولكن الحقيقة أن الأشخاص الذين يديرون الملعب فهموا الجوهر الحقيقي للعب الأطفال.
نوع مختلف من اللعب
في بريطانيا، قام الأمير تشارلز بمحاكاة من نوع آخر. في دومفريس ، وهي مقاطعة اسكتلندية تدعم الجمعيات الخيرية قام الامير ببناء ملعب للمغامرة في الغابات المحيطة بالمنزل، حيث يزوره الأطفال - مجانا – ويحظون بتجربة من نوع مختلف من اللعب، مع وضع متاهات ثلاثية الأبعاد (تصور هيكل متعدد الطوابق من الشباك والحبال والخشب)، والأنفاق، وأدوات التسلق، وأرجوحة قد تتحمل ثلاثة أو أربعة منهم.
وعند زيارة أي ملعب اليوم سترى أن المعدات المستخدمة مملة وغير ملهمة على نحو متزايد، مما يجعل اللعب أقل متعة وأقل ميلا إلى المغامرة، مما يعيق الجوانب الحاسمة في تطور الطفل.
والأسوأ من ذلك، أن بعض قواعد السلامة تضع الأطفال في خطر. على سبيل المثال قد تعرض بعض الألعاب الأطفال إلي الإصابة بكسور أثناء السقوط فقط لتفادي وقوع إصابات خطيرة في الرأس (وهي نادرة للغاية) في واقع الأمر يؤدي إلى عظام مكسورة أكثر.
يرى مجتمعنا أن ألعاب الأطفال يجب أن تبقي نظيفة ومرتبة، وإذا حاول بعض الأطفال الخروج من هذه القيود المصطنعة، يُلقبون في هذه الحالة بالمشاغبة أو العدوانية لارتكابهم جرائم بريئة مثل الضوضاء وتسلق الأشجار.
سواء كان صناع السياسة هم مصنعي الألعاب أو الآباء، أصبحنا غير عقلانيين بالخوف من كل المخاطر التي نظن أنها تحافظ علي سلامة أطفالنا، ولكنها في الواقع تجعلهم سجناء.
في عام 1971، سار 80 في المائة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم سبع وثماني سنوات إلى المدرسة بمفردهم، وبحلول عام 1990، فقد انخفضت النسبة إلى 9 في المائة، وننسى أن الأطفال يمكنهم الاهتمام بأنفسهم قبل ذلك بكثير مما كنا نظن.
عندما يثق الآباء في أطفالهم يجرمهم المجتمع، ففي عام 2010، عندما قام إثنان من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمسة وثمانية سنوات بالذهاب إلى المدرسة وحدهم، هدد مدير المدرسة بالابلاغ عن تقصير آبائهم .
وبطبيعة الحال، هناك مخاطر قد يتعرض لها أطفالنا - ولكن علينا أن نركز على المخاطر الحقيقية، وليس الخيالية، لأنه عند الإفراط في حمايتهم باتباع قوانين السلامة السخيفة، لا نقوم بحمايتهم فعلا – ولكننا نرغمهم على العيش في عالم الكبار في وقت مبكر جدا، لأننا كسولين جدا أو ضعفاء جدا لمراقبتهم.
معاملة الأطفال كالبالغين
وهناك مشكلة خاصة مع التكنولوجيا. حيث تقوم أجهزة الترفيه والتعليم، بمحو الحدود بين الأطفال والكبار في العالم، نحن بحاجة إلى تحسين حراسة الحدود بين الأطفال والتكنولوجيا، لأن سهولة استخدام الإنترنت يعرض الأطفال إلى المواد الجنسية غير الصحية قبل الأوان ، كما يؤخر التفاعلات الاجتماعية العادية. دعونا لا نلوم "أطفال اليوم لهذه الاتجاهات". فالخطأ خطأنا من البداية.
ومن الغريب أنه في الوقت الذي يحيي الكبار حياة منفتحة وسريعة بشكل كبير – مما يجعلنا نشيخ أسرع، يؤثر نمط الحياة هذا علي الأطفال، حيث يعمل هذا الأسلوب علي إجبار الأطفال على أن يصبحوا "مستهلكين" ، حيث يتعرف الطفل علي المحتوي الجنسي في وقت مبكر جدا، كما أنه يحصل علي نفس القدر الذي يصيب الكبار من التوتر والقلق الناتجين من نمط الحياة.
ولكن لماذا؟ ما الداعي إلى العجلة؟ تسخر ثقافتنا من فكرة براءة الطفولة . حيث لا نتعامل مع الأطفال مثل الأطفال. نحن نعاملهم مثل: البالغين.
ملابس غير مناسبة
حتي ملابس الأطفال أصبحت ذات طابع جنسي أكثر من أي وقت مضى، حيث وجدت الدراسة أن ما يقرب من 30 في المائة من ملابس ما قبل المراهقة كانت ذات خصائص "جنسية" التي تسلط الضوء على الثديين والأرداف، كما لعبت الضغوط الثقافية - بما في ذلك المعايير المستحيلة في الجمال والنظافة الشخصية – دورا كبيرا في التأثير علي جميع الفئات العمرية، وبالطبع علي الفتيات الصغيرات، حيث سيطرت مشاعر العار والقلق والاشمئزاز الذاتي بانتظام الآن علي الفتيات قبل سن المراهقة. مما يسبب سلوك مخيف.
وانطلاقا من الصور ومقاطع الفيديو الجنسية للمشاهير والفنانين : ترتب على ذلك توقعات الفتيان والفتيات لا تتجاوز أعمارهن 11 ببدء حلاقة شعر العانة.
الأجهزة الذكية
يستقبل الطفل العادي البريطاني أول هاتف محمول له أو لها في سن 12؛ واحد من كل عشرة تقريبا يتلقى واحدا قبل سن الخامسة، ويمتلك ثلث الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمسة إلى 15 الهاتف الذكي.
ويقول كثير من الآباء أنهم يراقبون أطفالهم على شبكة الإنترنت، ولكن عندما يكون الجهاز هو الهاتف أو الكمبيوتر اللوحي يصعب علي الآباء دائما مشاهدة ما يقوم به أطفالهم، ولا يمكن أن نعرف المحتوى، كما أنه من المستحيل معرفه ما يتعرض له أطفالهم، وما يمكن ان يشاهدوه على جهاز طفل آخر، حيث قدمت الهواتف الذكية طوفان من المواد الإباحية ومحتوى جنسي آخر - على سبيل المثال في أشرطة الفيديو والموسيقى - وليست مناسبة للأطفال.
أكثر من نصف الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و 15 عام- يستخدمون شبكة الإنترنت لعرض مواد جنسية صريحة، ويتعرض عدد كبير من الأطفال إلى محتوى صريح في سن عشر أو 11 سنة، مما يعطي نضوجا جنسيا سابقا لأوانه، كما أنه يعطي الأطفال مفاهيم غير صحيحة عن الجنس والعلاقة الديناميكية. علي سبيل المثال: أن الدور الرئيسي للمرأة هو كائن المتعة الجنسية للرجال.
كما انه في كثير من الأحيان يقدم مواد عدوانية وعنيفة، مما يخلق جيلا كامل ذو فكر مشوه، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالممارسة الجمسية.
ويقول البروفيسور غيل داينس، ناشط في حملة مكافحة الجنسية. "يتأثر الأولاد الصغار بالإشارات الجنسية في الأفلام الإباحية، مما يجعلهم يتصرفون كما لو أنهم مرضى نفسيين في المستقبل."
كما يمكن أن يكون الضحايا من الأطفال أيضا. وقد وجد الباحثون في أيرلندا وكندا أن التعرض للإباحية يؤثر بشكل مباشر علي صورة الجسد واحترام الذات.
نعلم أن بعض الأطفال قد يساورهم الفضول بشأن الجنس، ولكن ما يتعرضون له الآن شيء آخر وخطير، فهم يقضون المزيد من الوقت على الهواتف الذكية في سن صغيرة للغاية، حيث لايمكن مراقبة او التحكم في محتوي البحث علي الهاتف الذكي بعكس جهاز الكمبيوتر . وفي بريطانيا جاءت نسبة 71% من البحث عن مواد جنسية من متصفحات الهواتف الذكية، وهي نسبة كبيرة وخطيرة للغاية.
حل الأزمة
ولحل هذه الأزمة لا نعترض علي حصول الأطفال علي هواتف محمولة ليمكنهم الاتصال بآبائهم في حالة الطواريء، ولكن ليس شرطا أن تشتري لطفلك هاتف ذكي، فالهواتف الذكية مثل الأدوية والمواد الخطرة "يجب ان تحفظ بعيدا عن متناول الأطفال" .
الصغار ليسوا في حاجة للتكنولوجيا، ولكنهم بحاجة إلى الحرية واللعب، للتفاعل في العالم، واكتشاف أنفسهم، إنهم لا يحتاجون للتجول بحرية في الإنترنت.
يمكننا وضع القواعد والحدود المعقولة التي تناسب أوجه القصور ، واحتياجات أبنائنا وتطلعاتهم. علينا أن نسمح للأطفال بالتمتع بطفولة أكثر إنسانية.