تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



كنوز ساروق الحديد تعيد كتابة تاريخ الإمارات


دبي : إكسبو 2020.

على أطراف صحراء الربع الخالي، وبعدما اختفت وتوارت عن الأنظار لآلاف السنين، اكتشفت بقايا موقع تجاري من العصر الغابر، ومدينة كاملة ارتبطت بعلاقات تجارية مع ممالك العالم القديم في مصر والهند وبلاد ما بين النهرين.

اليوم تأتي الاكتشافات الأثرية لمنطقة ساروق الحديد التي تضرب في أعماق تاريخ حقبة العصر الحديدي منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام لتعيد كتابة تاريخ الإمارات، والمنطقة. لكن أسرارها كانت لتظل تاريخا منسيا لسنوات إن لم يكن لقرون، لولا العين الثاقبة لصاحب السمو الشيخ محمد راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء حاكم دبي.

في عام 2002، كان صاحب السمو يحلق بطائرة فوق منطقة صحراوية تبعد نحو 80 كيلومتراً عن دبي، حين رأى أمراً غير مألوف في المنطقة. كانت هناك كثبان رملية تمتد على مرمى البصر، باستثناء بقعة واحدة صغيرة. وعلى الفور، صدر الأمر لفريق أثري من بلدية دبي للتحقق من الموضوع.

وقال الدكتور منصور بريك، كبير الأثريين بإدارة التراث العمراني والآثار في بلدية دبي عن زيارته الأولى للمنطقة: "كان الأمر شديد الغموض حين أتيت إلى هنا. وجدت نفسي أمام موقع كبير، هائل. يا إلهي، كان تحدياً كبيراً بالنسبة لي".

تبين بعد ذلك أن تلك الكثبان ليست سوى خبث من بقايا معادن نحاس وحديد مصهور. وبينما قصدت فرق الأثريين الموقع لاستكشافه، اتضح أنه كان منطقة ازدهرت في حقبة العصر الحديدي عام 1000 قبل الميلاد تقريبا. رأوا أن ما بات اليوم صحراء قاحلة، كان واحة غناء نابضة بالحياة.

اليوم، يقدم فيلم وثائقي قصة اكتشاف هذا الموقع وأهميته تحت عنوان "ساروق الحديد.. دبي في العصر الحديدي"، والذي يعرض للمرة الأولى في إكسبو 2020 دبي يوم الأحد 28 نوفمبر الجاري، بالشراكة بين إكسبو 2020 دبي، وشركة إيمدج نيشن وأتلانتيك برودكشنز. وسيكون الفيلم متاحا للعرض أمام الجمهور العام، اعتبارا من يوم الإثنين 29 نوفمبر، عبر المنصة الافتراضية لإكسبو 2020 دبي، ثم لاحقا على قناة ديسكفري وقناة أبوظبي وقناة دبي.

وقال أنتوني غيفن، الرئيس التنفيذي والمخرج الإبداعي في أتلانتيك برودكشنز: "من المذهل أن يحلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد بالطائرة فوق الصحراء ليكتشف أشياء غريبة بين الرمال، وأن يتضح أنها شيء يمكن لنا أن ندرك كنهه ونعرف قيمته.. إنه أمر مذهل. التاريخ يبرز من جديد ليكشف عن أشياء لم نكن نعرف عنها شيئا".

تتذكر مخرجة الفيلم الوثائقي، لينا زيلينيسكايت، كيف ذهلت حين جاءها اتصال من شركة أتلانتيك برودكشنز لاقتراح عمل الوثائقي، لأنها لن تكن لتتخيل أن موقعا كهذا يوجد على هذه المقربة من دبي.

وتقول زيلينيسكايتي: "حين نتحدث عن حضارات قديمة عريقة، تذهب عقولنا إلى مصر وبلاد ما بين النهرين واليونان. لكني شعرت أني حصلت على مكافأة كبيرة بعملي في هذا المشروع الذي يظهر أن العالم القديم كان أكثر ثراء وتنوعا مما يظن الناس، وأن هناك مراكز ثقافية أخرى وحضارات كبرى أخرى في ذلك الوقت، مثلت منارات لأنشطة ثقافية، وللتجارة والتبادل الاقتصادي".

اكتشف الأثريون في موقع ساروق الحديد أكثر من 23 ألف قطعة أثرية، هي عبارة عن خناجر دقيقة النحت، ورؤوس فؤوس من النحاس والبرونز، ورؤوس سهام، ونماذج لأفاعٍ، وحلي من السيراميك، كلها تكشف عن قصة حضارة بالغة التقدم تبادلت التجارة مع المنطقة.

لكن قطعة واحدة تحكي قصة أكثر أهمية. فبينما كانت الاستكشافات تجري على قدم وساق عامي 2008 و2009، عثر الأثريون على حلقة ذهبية يغطيها شمع العسل. وبدلاً من ارتدائها كخاتم في إصبع اليد، وجدت هذه الحلقة متصلة بأخريات لتصبح قلادة متكاملة التشكيل.

وقالت معالي ريم الهاشمي، وزيرة الدولة لشؤون التعاون الدولي والمدير العام لمكتب إكسبو 2020 دبي: "من بين آلاف الأجسام التي عثر عليها في الموقع، فإن القطعة التي لفتت أنظار صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد لم تكن سيفا بتارا أو قطعة ضخمة من الخزف، بل تلك الحلقة الذهبية الصغيرة".

أصبحت الحلقة أساسا لشعار إكسبو 2020 دبي الذي اشتهر الآن، والذي كشف النقاب عنه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في احتفال عام 2016، حين عرضت بضوء ذهبي أخاذ على برج خليفة الأيقوني.

وقالت الدكتورة حياة شمس الدين، نائب رئيس أول للفنون والثقافة في إكسبو 2020 دبي: "كان اكتشاف الحلقة بمثابة هدية من التاريخ، وهدية من الأمة لنا في وقت كنا نبحث فيه عن شعار لإكسبو. هذه الحلقة أكثر من مجرد رمز لما يمثله الماضي، بل تربط الماضي بالحاضر، وتأخذنا إلى المستقبل".

وأضافت: "كل حلقة من تلك الحلقات تعتبر مذهلة بحق، وحين تضعها معا، تجد الكثير منها متناسق في الشكل والتكوين الإبداعي.. إنها تزداد جمالا وبريقاً حين تجتمع في كتلة واحدة".

لا شك أن "ساروق الحديد" كانت واحدة من أكثر المراكز التجارية أهمية في المنطقة، لكن الغموض لا يزال يكتنف من عاشوا فيها، ودينهم وثقافتهم.

وتقول مهرة المنصوري، منقبة الآثار من بلدية دبي: "يمكنني القول إن ما اكتشف لا يتجاوز 2 بالمائة. ساروق الحديد منطقة هائلة ولا نزال نعمل على اكتشافها. لم نعثر بعد على منازل من عاشوا هناك.. يستغرق الأمر نحو 20 عاما للإجابة على جميع أسئلتنا وعما يحتويه هذا الموقع".

أبهر موقع "ساروق الحديد" علماء الآثار أيضاً لبعده عن مصادر الأخشاب التي يحتاجها لصنع الفحم المطلوب لأفرانها، وعن الموانئ التي قد يعتمد عليها للتجارة.

تتوفر بعض الإجابات على أسئلة محيرة في تماثيل يعود تاريخها للقرن الأول قبل الميلاد، وهي تظهر الإبل تحمل على ظهورها سروجا، وأوعية، وأناسا، إذ تؤكد استخدام البشر للحيوان خلال العصر الحجري، والاستعانة به لنقل البضائع لمسافات كبيرة في قلب الصحراء وعلى طول سواحل طرق الحرير التي تربط "ساروق الحديد" بأسواق بعيدة في آسيا والشرق الأوسط.

يتوفر دليل آخر عن تاريخ "ساروق الحديد" في مئات من تماثيل لأفاعٍ مصنوعة من النحاس والبرونز عثر عليها في الموقع.

وقال الدكتور منصور بريك، كبير الأثريين بإدارة التراث العمراني والآثار في بلدية دبي: "كل التماثيل صنعت لتبدو وكأنها تسعى. نماذج الأفاعي تلك تخبرنا أن موقع ساروق الحديد كان منطقة بالغة التدين، حيث كانت تجرى بعض المراسم وعبادة الأفاعي. الأهم من ذلك، أننا عثرنا على منحوتات الأفاعي حتى وصلنا إلى وادي سهم في جبال الحجر بالفجيرة، لتعطينا دليلا مبكرا على توفر وحدة ثقافية في الإمارات يعود تاريخها إلى ثلاثة آلاف عام".

وتابع: "لو قارنا التجارة الهائلة التي مارسها سكان منطقة ساروق الحديد في الأزمنة القديمة بما نشهده اليوم، سنجد أن دبي واحدة من كبرى مدن التجارة.. من الرائع أن نرى الرابط بين التاريخ القديم والحديث لدبي وذلك الترابط بينهما".

بالنسبة للدكتورة حياة شمس الدين، نائب رئيس أول للفنون والثقافة في إكسبو 2020 دبي، فإن دور موقع ساروق الحديد في فتح المنطقة على العالم يظهر أن الإمارات لطالما كانت نقطة التقاء للحضارات، وهو أمر تجد فيه دروسا مهمة لصنع مستقبل أفضل للجميع.

وتقول: "ما يمكن أن نتعلمه من موقع ساروق الحديد هو أن أفضل سبيل لتحقيق تقدم في مساعينا للحفاظ على كوكبنا ومساعدتنا للحصول على مستقبل أفضل للجميع، هو أن يحدث التشارك بين الأجيال. قد يكون بمقدور الشخص أن يفعل شيئا ما بمفرده، لكن اشتراك أشخاص، وأمم كثر، يمكن أن يوفر حلولا حقيقية. حين نلتقي ونجتمع، سيكون بوسعنا أن نصنع عالما أفضل، وهذا أمر نحتاجه وبشدة".

تاريخ الإضافة: 2021-12-20 تعليق: 0 عدد المشاهدات :308
0      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
69%
 لا
20%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات