القاهرة: الأمير كمال فرج.
قررت كاثرين ريفينبورج البقاء بالقرب من نعش طفلها أثناء الجنازة، ولم ترغب في أن تري عائلتها مافعله مرض "السعال الديكي" لطفلها الأول الذي يبلغ تسعة شهور . إنه مرض منسي تقريبا، ولكنه عاد ليصيب آلاف الأمريكيين من ضمنهم الطفل رادي، حيث غادر المرض جسده تاركا إياه متورما، ولا يمكن التعرف عليه.
لذا قامت والدته بتلبيس الطفل ملابس العمودية البيضاء، وقبعه قبل وضعه في نعش أبيض صغير . وقد توفي الطفل بعد أربع أسابيع فقط من ضحكته الأولي متأثرا بمداعبة أمه له بغناء أغنيه "أنا ابريق الشاي"، وبعد أسبوعين من معرفة عائلته بإصابته بمرض يمكن الوقاية منه باستخدام اللقاح .
وتقول والدة الطفل لصحيفة "أمريكا اليوم" : "قضينا الأسبوعين الأخيرين في التنقل من مستشفي إلى أخري علي أمل ان يتحسن، ولكن أخبرنا الأطباء أن نسبة شفاءه لا تتجاوز 50%" .
تلقت الأم عدة لقاحات خلال السنوات القليلة التي سبقت إنجابها، وقد علمت لاحقا انها حصلت علي جرعة مضاعقة أثناء حملها مما يعزي انقاذ حياة طفلها، ولم تدري أن عليها أخذ التطعيم مرة أخري، وقد يختار بعض الناس عدم الحصول علي اللقاح أو المصل، مما يساعد على انتشار الأمراض بشكل كبير، بما في ذلك الحصبة، مما ساعد في عودة الأمراض في مختلف أنحاء البلاد، وذلك طبقا لتقرير مراكز السيطرة علي الأمراض والوقاية منها .
وتقول آن شوشات، مدير مركز السيطرة علي الأمراض والوقاية منها وأمراض الجهاز التنفسي، أن انتشار مرض الحصبة مؤخرا في كل من ولايات نيو يورك، كاليفورنيا، وتكساس مثال علي ما قد يحدث علي نطاق أوسع اذا انخفضت نسبة التطعيم .
وقد أعلن مسؤولون أن الحصبة التي تسبب الطفح الجلدي والحمي تم القضاء عليها تماما في الولايات المتحدة عام 2000، ولكنها عادت هذا العام لتصيب ثلاث أضعاف عدد الاصابات المسجلة عام 2009 ، ويرجع هذا الي إهمال التطعيم، مما يساعد علي التقاط العدوي من الوافدين الي الولايات المتحدة.
سجلت العام الماضي 189 حالة إصابة في الولايات المتحدة، وهو عدد صغير بالمقارنة بـ 530.000 حالة، وهو عدد كبير بالنسبة لما اعتادت الدولة تسجيله في المتوسط كل عام منذ بداية القرن العشرين، ولكن بدأ المرض طريقه الي الزوال منذ اكتشاف المصل الواقي عام 1967 ، وتعد الحصبة من أكثر الأمراض المعدية في العالم، ويمكن ان تتحول بسرعة من مجرد عارض مرضي الي مرض قاتل.
وهناك حالة وفاة واحدة من بين كل ألف مصاب بالحصبة، وفيما تزداد الاصابات يزداد خطر الوفاة ، وتقول شوشات "نحن حقا لا نريد أن يتوفي طفل بالحصبة، ولكنه واقع لا مفر منه تقريبا، إن أغلب الأمراض المعدية يمكنها التسلل والعودة مرة أخري".
وتصل معدلات التطعيم ضد معظم الأمراض الي 90% , ويتخلي أقل من 1% من الأمريكيين عن التطعيم، ومع ذلك ففي بعض الولايات توجد حركات مناهضة للحصول علي التطعيم . ويقول باول أوفيت، رئيس قسم الأمراض المعدية بمستشفي الأطفال بفلاديفيا، أن ولايات مثل ايداهو، والينوي، وميتشيجان، وأوريجون، وفيرمونت يوج أكثر من 4.5% من الأطفال لم يتم تطعيمهم حتي العام الماضي لأسباب غير طبية، وتحتوي هذه الولايات وحدها علي أربع أضعاف نسبة العدوي .
ويضيف أوفيت :"ويعتقد الناس ان هذا لن يحدث أبدا، وأنه لأمر مخز أن نتعلم درسا بهذه الطريقة، فالأرواح البشرية هي ثمن هذا الدرس".
ويعد الأطفال الرضع الأكثر عرضة للمرض، حيث لم يبلغوا السن المناسب للتطعيم بعد، وتقول آلان هينمان، عالمة في المجلس الاستشاري للدعوة للتطعيم ، أنه في العديد من المجتمعات في البلاد يقوم الأمريكين باتخاذ قرارات خطيرة فيما يخص التخلي، أو إعادة جدولة الحصول علي التطعيمات، ويدعو الي ضرورة الحصول علي التطعيم في الوقت المحدد لذلك .
ونالت مثل هذه الدعوات المناهضة للتطعيم علي دعم كبير من عدد من المشاهير مثل الممثلة جيني ماكارثي، والممثل ايدان كوين، ونجمة برامج الواقع كريستين كالافاري، والتي صرحت الشهر الماضي انه "افضل قرار" اتخذته لأطفالها . ومازال العديد من الناس يعتقدون أن التطعيم يسبب التوحد . بينما لا يثق الآخرون في الحكومة الفيدرالية وشركات الأدوية المسؤلة عن انتاج المصل .
وتأمل ريفينبرج أن تكون تجربة عائلته المؤلمة بمثابة دعوة للاستيقاظ، فقد بدا الطفل برادي في البداية وكأنه يعاني نوبة بسيطة من البرد، ثم تدهورت حالته، وتفاقمت الأعراض، وعندما نقلته الي المستشفي اشتبه الأطباء في اصابته بالسعال الديكي، وبعد ذلك بأسبوعين توقف الطفل عن التنفس، وكان الدماغ يعاني من نقص الاكسجين لبعض الوقت، وتم وضعه علي جهاز التنفس الصناعي .
وتقول والدة الطفل ان للمرض أثر سيء جدا علي طفلها، إذ جعلته من الصعب التعرف علي ملامحه. وبعد ذلك بيوم واحد اتخذت القرار الصعب بفصل الطفل عن الآلات، فتوفي بين زراعيها ، وتقول والدة الطفل : "أتمني أن ينقذ نشر قصتي العديد من الأطفال والرضع وحمايتهم من المرض” .
ومن حينها حرصت ريفينبرج وخطيبها أن تحصل ابنتيها البالغتين 7 و 10 أعوام على كل التطعيمات اللازمة، كما حرصت علي أخذ التطعيم عندما كانت حاملا في ابنها جاكسون البالغ من العمر عام واحد الآن . وتحرص أيضا أن يكون كل من افراد العائلة، وحتي الأطباء أن يتلقوا تطعيمهم قبل الاقتراب من رضيعها جاكسون.