تسجيل الدخول
برنامج ذكاء اصطناعي من غوغل يكشف السرطان       تقنية الليزر تثبت أن الديناصورات كانت تطير       يوتيوب تي في.. خدمة جديدة للبث التلفزيوني المباشر       الخارجية الأمريكية تنشر ثم تحذف تهنئة بفوز مخرج إيراني بالأوسكار       الصين تدرس تقديم حوافز مالية عن إنجاب الطفل الثاني       حفل الأوسكار يجذب أقل نسبة مشاهدة أمريكية منذ 2008       تعطل في خدمة أمازون للحوسبة السحابية يؤثر على خدمات الإنترنت       حاكم دبي يقدم وظيفة شاغرة براتب مليون درهم       ترامب يتعهد أمام الكونغرس بالعمل مع الحلفاء للقضاء على داعش       بعد 17 عاما نوكيا تعيد إطلاق هاتفها 3310       لافروف: الوضع الإنساني بالموصل أسوأ مما كان بحلب       فيتو لروسيا والصين يوقف قرارا لفرض عقوبات على الحكومة السورية       بيل غيتس يحذر العالم ويدعوه للاستعداد بوجه الإرهاب البيولوجي       ابنا رئيس أمريكا يزوران دبي لافتتاح ملعب ترامب للغولف       رونالدو وأنجلينا جولي ونانسي عجرم في فيلم يروي قصة عائلة سورية نازحة      



عبدالعزيز البابطين .. الشجرة الطيبة


الأمير كمال فرج

كل الأفكار العظيمة أطلقها أفراد تملّكهم الشغف، والإيمان والرغبة في الإنجاز، كل المفكرين والمجدّدين والمصلحين آمنوا برسالة سامية، فبذلوا الغالي والنفيس لتحقيقها، كل المشاريع الثقافية الكبرى نهضت على أكتاف رجال آمنوا برسالة الثقافة، ودورها في بناء المستقبل، انطلقوا بعيونهم المتّقدة بالحلم، وجباههم التي لوّحتها الشمس، يفتحون في الليل الطويل كوّة الشمس.

من هؤلاء الشاعر ورجل الأعمال الكويتي الشيخ عبدالعزيز سعود البابطين (1936 -) الذي راوده الحلم الثقافي منذ بواكير عمره، بدأ مشروعه الثقافي في عام 1974، حين أنشأ «بعثة سعود البابطين الكويتية للدراسات العليا» بهدف نشر العلم ومساعدة الطلاب وتشجيع النابهين منهم على استكمال دراساتهم العليا حتى الحصول على درجة الدكتوراه، وتقدم هذه البعثة مئات المنح سنويًّا للطلاب في الكويت وبعض الدول النامية.

أسس البابطين عام 1989 مؤسسة البابطين الثقافية، التي تعني بنشر التراث الشعري والدراسات المتعلقة به، وتنظيم المهرجانات الشعرية والملتقيات الأدبية الرفيعة التي تجمع الشعراء والنقاد من العالم العربي، ومناقشة قضايا الفكر والإبداع، وسافرت المؤسسة إلى أقصى الجهات لتنشر الثقافة العربية، فنظمت ملتقيات في الشرق والغرب، في قرطبة، ومقر محكمة العدل الدولية في لاهاي.

وأطلقت المؤسسة جائزة البابطين للإبداع الشعري، التي تحفز الشعراء، وتكرم المبدعين، وتتضمن : "جائزة الإبداع في نقد الشعر، وجائزة أفضل ديوان شعر، وجائزة أفضل قصيدة، والجائزة التكريمية للإبداع الشعري، والجائزة الشبابية لأفضل ديوان شعر، والجائزة الشبابية لأفضل قصيدة".

أعاد البابطين الاعتبار للشعراء ووثّق لسيرهم في "معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين" أضخم عمل توثيقي موسوعي، وأحيا أشعار القدامى الذين عزّزوا فن العربية الأول، ونفض عنها الغبار بالبحث والنقد والتحليل، وخصّص الملتقيات النقدية التي تناقش أعمالهم، وتستخرج الدرر الموجودة فيها، وكشف عن قصائد لم تنشر لهم، وصحّح الكثير من التعريفات المغلوطة عن العصور الأدبية، مثل "عصر الانحطاط".

أسس البابطين مكتبة الشعر المركزية أول مكتبة مختصة بالشعر في العالم، واستعاد هويّة القصيدة العربية بعد أن تفرقت بها السبل بين الحداثة والمعاصرة ودعاة التغريب، وجدّد الشعر العربي، وعندما تجدّد الشعر، فأنت تعزّز الهوية، وتجدّد منابع الحكمة الأولى.

والبابطين شاعر مطبوع، يتميز شعره بالأفكار القيمة والبناء الفني المحكم والصور الشعرية المبتكرة النابضة بالحياة، أصدر ديوانه الأول «بوح البوادي» عام 1995، لتتوالى دواوينه الشعرية التي تعتبر من عيون الشعر العربي المعاصر. في قصائده حكمة أبي الطيب المتنبي، وفصاحة امرؤ القيس، وبلاغة أبي تمام.

وللبابطين نشاط تجاري وصناعي بارز في أوروبا، وأمريكا، والصين، والشرق الأوسط، وله استثمارات متنوعة في عدد من الدول العربية، أعطاه الله المال، فلم يغترّ، أدرك أن المال مجرد وسيلة لخدمة الناس، وأن على كل رجل أعمال مسؤولية اجتماعية، فخصص  أمواله لنشر القيم الجميلة.

وقد سعدت مؤخرًا بتلبية دعوة كريمة من مؤسسة البابطين لحضور الدورة الـ 18 للمؤسسة التي أقيمت في الكويت، وهناك تعرفت على جوانب جديدة من أعمال المؤسسة، واكتشفت الكثير عن ظاهرة البابطين الثقافية .

الإكتشاف الأكبر كان شخصية الشيخ عبدالعزيز البابطين أو "العم عبدالعزيز" كما يطلق عليه، فقد أدهشتني شخصية الرجل الذي يتميز بالاحترام والتسامح والطيبة والبشاشة والرقي وحب الجميع، ورغم صعوده ومكانته العربية والدولية، لم يتخل يوما عن سجاياه العربية البسيطة الجميلة.

عندما قابلت العم عبدالعزيز وتحدثت معه، أدركت سر نجاح هذا الرجل، وهو التواضع، وعرفت معنى قول أشرف الخلق "من تواضع لله رفعه". جلس معنا العم عبدالعزيز بذات الشاعر الذي يسعد ويبتهج بصحبة الشعراء والمبدعين، وقد أدرك أن الشاعر أجمل الألقاب وأن الشعر أرفع مكانة، وأن بُردة الشاعر أهم من أوشحة أعلى الدرجات العلمية.

تحدث معنا العم عبدالعزيز، وأفاض في حديثه عن ذكرياته في القاهرة التي يكن لها حبا خاصا، وقصّ علينا بروح مرحة مشوقة وقدرة واضحة على القص، بعضا من ذكرياته، ومنها عندما كان في باكستان في رحلة قنص، وأصر حاكم القبيلة على تزويجه من إحدى بناته، وكيف تمكن من الإفلات ـ بصعوبة ـ من هذه الورطة.

وأعلنت مؤسسة البابطين الثقافية في دورتها الـ 18 عن قرارات مهمة ستنتقل بها إلى مرحلة جديدة من العمل الثقافي، لعل أهمها إصدار مجلة أدبية تجمع بين النموذج المطبوع والنموذج الرقمي لمواكبة التطور التقني، ونقل الثقافة العربية إلى العالم.

مؤسسة "البابطين" الثقافية كلمة طيبة وشجرة طيبةً، أصلها ثابت وفرعها في السماء، دانة في عقد الكويت المزيّن باللآليء، وصفحة مشرقة في سجلها الطويل في نشر المعرفة.

سيتوقف التاريخ طويلا عند "عبدالعزيز سعود البابطين" الشاعر والإنسان، وكل الرجال الذين قيّضهم الله للبذل والعطاء، فطوبى لهؤلاء الرجال الذين آمنوا بأفكار عظيمة، وخصصوا حياتهم وأموالهم وأحلامهم لنشر القيم الجميلة، فغيروا حياة الأمم والشعوب.

 

تاريخ الإضافة: 2023-06-05 تعليق: 0 عدد المشاهدات :1430
8      0
التعليقات

إستطلاع

مواقع التواصل الاجتماعي مواقع تجسس تبيع بيانات المستخدمين
 نعم
68%
 لا
21%
 لا أعرف
12%
      المزيد
خدمات