الأمير كمال فرج.

الثقافة رسالة إنسانية، غير محددة بزمن أو منطقة جغرافية، فنحن نقرأ للمتنبي الآن ولا نعلم جنسيته، كذلك نفعل مع كل المبدعين في الثقافة العالمية، فالثقافة عطاء إنساني عام، ونحن نملكها جميعا، ونستفيد منها جميعا، وكل يقدم قبسَه، والمساهمة في الثقافة تعني المساهمة في بحر المعرفة الإنساني الكبير.

الثقافة الحقيقية مزيج من البذل والعطاء والإيثار والحب، هي سر الخلود الذي أعيا الحكماء والفلاسفة، أكسير الحياة الذي يبحث عنه العلماء في الشرق والغرب.. الثقافة بيت القصيد، سردية الشمس،  مشكاة تنير للأمم الطرق المعتمة.

يقول صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، حاكم إمارة الشارقة، عضو المجلس الأعلى، مبدع تجربة الشارقة الثقافية: «الثقافة هي الأساس في بناء الحوار الإنساني، وخلق التفاهم والوئام بين شعوب العالم كافّة، بِغَضّ النظر عن العرق أو الدّين أو الجغرافيا»، من هذا المرتكز انطلقت تجربة الشارقة الثقافية.

لكل عمل عظيم رجاله، يقول المتنبي :  عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ .. وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ"،  وإذا درسنا معجزة الشارقة الثقافية سنكتشف العديد من أهالي العزم الذين وهبوا أنفسهم من أجل الرسالة الثقافية العظيمة.

من هؤلاء عبدالله العويس رئيس دائرة الثقافة في إمارة الشارقة الذي يقود العمل الثقافي في الشارقة بحب ووعي وإيمان، وهو إداري من الطراز الأول، يحمل درجة البكالوريوس في الإدارة التكنولوجية من كلية نيوإنجلند الجامعية بالولايات المتحدة الأمريكية، لذلك نجح في تكنولوجيا الثقافة.

والعويس خبير في الإدارة الثقافية، لا يقنع بالمكاتب، فنراه في كل موقع، في الشارقة، في القاهرة، في الرباط، في عمّان.. نواكشوط، وغيرها ..  يحضر الفعاليات والملتقيات التي تنظمها الشارقة، يكرم المبدعين، ويسلّم الجوائز، يخطط لأهم الملتقيات في السرد والشعر والمسرح والإبداع والنقد، ويدشن مهرجانات الشعر الفصيح والنبطي والمسرح، ويعتمد إصدار مئات من الكتب للمبدعين، ويرفد "بيوت الشعر" التي أعادت مجد القصيدة العربية.

يرأس العويس تحرير عدد من أهم المجلات الثقافية العربية التي تفتح صفحاتها لكل المبدعين، وتعتبر أيقونات في الصحافة الثقافية، وهي : "الرافد"، "الشارقة الثقافية"، و"القوافي"، و"الحيرة"، و"المسرح"، "المنطقة الوسطى"، و"المنطقة الشرقية".

ورغم شخصية المبدع التي يمكن القول بأنها صعبة المراس، تمكّن عبدالله العويس بروحه الحلوة وابتسامته الدائمة، وهدوئه الواثق، من جذب جميع المبدعين، فجمع المشارقة والمغاربة، أنصار الأصالة والحداثة، النقاد والمبدعين..، جميعهم جاءوا وحدانا وزرافات وقد جمعتهم الشارقة العاشقة التي يهواها الجميع، ولسان حالهم ما قاله الموسيقار محمد عبدالوهاب "كلنا بنحب القمر والقمر بيحب مين؟"، وهو ما يجعله يستحق أن يكون وزير الثقافة العربية بامتياز.

وعبدالله العويس ـ في الأساس ـ شاعر مبدع،  حائز على المركز الأول في مسابقة وزارة الإعلام والثقافة الشعرية بمناسبة اليوبيل الفضي للاتحاد عام 1996، يكتب قصيدة فصيحة محكمة البناء، تتجلى فيها جودة النظم والصور الشعرية المبتكرة، كما يكتب قصيدة نبطية فيها عبق الأرض وسحر البادية، وربما هذا سر نجاحه، فالمبدع هو الوحيد الذي يعرف جيدا سيكلوجية المبدعين.

لقد كرّمنا العويس وهو أول من يستحق التكريم، واحتفى بنا وهو أول من يستحق الاحتفاء، وشكرنا على تقديم إبداعاتنا للنشر، وهو الأولى بالشكر والتبجيل، ولكنه الإيثار إحدى القيم الجميلة التي جُبل عليها الشعب الإماراتي الجميل.

عبدالله العويس قائد أمين لتنفيذ مشروعات صاحب السمو الشيخ سلطان القاسمي الثقافية، رمز مشرف للشارقة الباسقة الحاضرة بقوة في وجدان المثقفين، وشذرة من قيم الشيخ زايد التي حافظ عليها الأبناء البررة، ونموذج للإماراتي الذي جمع بين الأصالة والحداثة، فحافظ على إرث الأجداد وصعد إلى القمر.

تحية تقدير وإجلال إلى عبدالله العويس الذي جمع بين أصالة المبدع وحصافة المسؤول، فكان أيقونة على صدر الشارقة المزيّن باللآلئ والنجوم.