الأمير كمال فرج.

المرأة بارعة في القيادة، وفي كثير من الأحيان تتفوق على الرجل، ووفقا لدراسة لمنظمة العمل الدولية، فإن "وجود المرأة في مناصب قيادية يجعل أداء الأعمال التجارية أفضل"، وفي دراسة أخرى نشرت في مجلة الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية "المرأة أفضل في الالتزام بالمواعيد النهائية".

وتتميز المرأة القائدة بالمشاركة والتعاطف والإبداع والإيجابية والدافعية والطموح، والسعي نحو  الكمال،  يقول الكاتب الفرنسي أونوريه دي بلزاك: " المرأة أقرب الكائنات الى الكمال، إنّها وسط بين الرجل والملاك".

ومن النماذج النسائية المشرفة في القيادة الشيخة بدور القاسمي، التي أطلقت مجموعة من المبادرات الإقليمية والدولية الرامية إلى تمكين الشباب والأطفال، وتعزيز التنمية الاقتصادية، وتنمية الصناعات الإبداعية، وزيادة التبادل الثقافي، فنشرت المعرفة في المجتمعات المحرومة، وأصدرت كتب الأطفال واليافعين، والمحتوى التعليمي الجاد، ومدّت جسور التواصل مع الثقافات الأخرى، وشجّعت على الابتكار، وأصبحت نموذجا فريدا للمرأة الإماراتية التي أثبتت وجودها في كل المجالات، وقدوة لنساء العرب الباحثات عن الذات، وأثبتت أن تمكين المرأة يصنع المعجزات.

وتحظى الشيخة بدور بنت سلطان بن محمد القاسمي (مواليد 1978) بنسب عظيم، فوالدها صاحب السمو الشيخ سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة، عضو المجلس الأعلى بدولة الإمارات العربية المتحدة، كبير قبيلة القواسم، ومبدع تجربة الشارقة الثقافية التي ألهمت العالم، ووالدتها سمو الشيخة جواهر بنت محمد القاسمي الشخصية البارزة في العمل الإنساني والخيري، وزوجها سمو الشيخ سلطان بن أحمد القاسمي، نائب حاكم الشارقة، وهي بذلك جمعت المجد والحسب والنسب من كل الجهات.  يقول حافظ إبراهيم: "هنا العُلا وهناكَ المَجدُ والحَسَبُ"، ويقول غازي القصيبي: "هنا مجدٌ لنا وهناكَ مجدُ".

والنسب: هو نسب الإنسان وما أصله ولأي قبيلة يعود، أما الحسب: فهو رصيد الانسان من سمعة وكرم ونخوة وغيرها من الصفات، والنبيه من يجمع بين الإثنين، فمع النسب المتوارث، يحرص القواسمي على وضع بصمته بالمكارم والأعمال الفاضلة، يقول معروف الرصافي :

"وخيرُ الناسِ ذو حسبٍ قديمٍ
 أقام لنفسه حسبًا جديدًا
تراه إذا ادّعى في الناس فخرًا
 تقيمُ له مكارمُهُ الشهودَا"

نشأت الشيخة بدور في كنف الشيخ سلطان القاسمي الحاكم والإداري والشاعر والأديب والمؤرخ ورجل الثقافة البارز في العالم العربي، فأخذت عنه المباديء والأخلاق وتشربت العلم والحكمة، وتعلمت أسس القيادة الرشيدة في أعظم مدرسة وهي مدرسة سلطان القاسمي التي خرّجت الملايين من المثقفين والمبدعين والمفكرين على مستوى العالم، فنعم المربي ونعم التربية.

يقال "البنت سر أبيها"، كناية على عمق العلاقة ومتانتها بين الأب والبنت، والبنات هنّ المؤنسات الغاليات، كما ورد عن الرسول محمد عليه الصلاة والسلام، فهن مؤنسات للوالدين وللأزواج وغاليات بما وهبهن الله من رِقةٍ وحنان وإحسان، يقول أمير الشعراء أحمد شوقي : 

"إِنَّ البَناتَ ذَخائِرٌ مِن رَحمَةٍ
وَكُنوزُ حُبٍّ صادِقٍ وَوَفاءِ"

ـ ويقول صلاح جاهين بلهجته الشعبية القريبة من النفس:

"البنات البنات ألطف الكائنات
البنات حنينين..
كلهن طيبين
همهم خدمة بلدهم
زيهم زى البنين
البنت زى الولد
ماهيش كمالة عدد
في الاحتمال والجلد
مذكورة فى المعجزات
البنات ناصحين تمام
يسألوا الحاجة بكام
ينفعوا وزراء مالية
واقتصاد مافيش كلام"

كانت الشيخة بدور المؤنسة الغالية التي تتسم بالحياء وحسن المنطق ورجاحة العقل وخصال المروءة، وها هي تمضي على خطى أبيها المثقف الكبير سمو الشيخ سلطان القاسمي، فتحثّ على القراءة وتعظّم المباديء، وتنشر الثقافة والعلم، وتدعم البحوث والتكنولوجيا، وتطوّر التعليم، وتنشر القيم الجميلة.

تحمل بدور القاسمي درجة البكالوريوس مع مرتبة الشرف من جامعة كامبريدج في المملكة المتحدة، ودرجة الماجستير في الأنثروبولوجيا الطبية من كلية لندن الجامعية (UCL)، دخلت العمل العام عام 2007، فتمرست على الإدارة، واكتسبت مهارات القيادة الفعّالة.

وتتقلد الشيخة بدور العديد من المسؤوليات، فهي رئيسة مجلس الإدارة ورئيسة مجمع الشارقة للبحوث والتكنولوجيا والابتكار (SRTIP)، ورئيسة هيئة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، ورئيسة مركز الشارقة لريادة الأعمال (شراع)، والمؤسّسة والرئيسة لمؤسسة كلمات، والمؤسس والرئيس التنفيذي لمجموعة كلمات للنشر، وهي أيضا المؤسسة لجمعية الناشرين الإماراتيين، والمؤسسة والرئيسة الفخرية للمجلس الإماراتي لكتب اليافعين.

أولت الشيخة بدور اهتماما كبيرا بصناعة النشر، لدورها المهم في التثقيف والتنوير والمعرفة، وكانت أول امرأة عربية والثانية عالميا التي تترأس الاتحاد الدولي للناشرين، حيث قدمت من خلال هذا المنصب الرفيع العديد من المبادرات، فعززت من حضور المرأة في مجال النشر، وأسّست أول أكاديمية تعليمية في تاريخ الإتحاد، وأطلقت مبادرة "إنسايبر" بالتعاون مع 60 ناشرا حول العالم، ودشنت الصندوق الإفريقي للابتكار في النشر، وضمت جمعيات نشر من 11 دولة إلى الإتحاد، ونفذت  40 زيارة ميدانية اقتربت فيها من واقع تحديات الناشرين.

حصلت الشيخة بدور على جائزة «شخصية العام» لمهرجان طيران الإمارات للآداب عام 2013، وجائزة «شخصية العام» لجائزة الشارقة للتميّز التربوي عام 2013. وحصلت على جائزة المرأة العربية لفئة التعليم عام 2014، وتم اختيارها في المرتبة 34 في قائمة مجلة فوربس - الشرق الأوسط لأقوى 200 سيدة عربية في قطاع الأعمال العائلية عام 2014، وفازت بشخصية العام الثقافية لجائزة العويس للإبداع عام 2018.

في 29 يناير 2023، أصدر حاكم الشارقة مرسومًا بتعيين بدور القاسمي رئيسةً للجامعة الأمريكية في إمارة الشارقة ورئيسةً لمجلس أمنائها، فأضافت إلى أهدافها مهمة أخرى عظيمة وجليلة، وهي تخريج أجيال من المتعلمين المثقفين الذين يجمعون بين الحفاظ على الهوية والارتقاء إلى أعلى درجات العلم.

بدور القاسمي شيخة عربية عالية المقام، تتشح بالشمس، وتتدثر بالنجوم،.. مجموعة قمرية طلعت على الشارقة، قَبَسٌ من نور وعلم وحكمة حاكم عربي عظيم، ألهمت البنات وعلمت السيدات، وأعادت مجد المرأة العربية التي كانت ركيزة مهمة في الحضارة العربية والاسلامية التي علّمت العالم يومًا ما.