القاهرة: الأمير كمال فرج.

القهوة متعددة الوظائف: بالنسبة للبعض، مثلي، فهي ضرورة صباحية. بالنسبة للآخرين، فهى عادة من حين إلى آخر. وبالنسبة لقلة مختارة، فهو شيء حلو- أقرب إلى الحلوى من شراب التركيز.

ذكرت جوي ساها في تقرير نشرته مجلة salon "بغض النظر عن الغرض الذي تخدمه القهوة بالنسبة لك، فإن المشروب في جوهره ممتع. لا يوجد شيء أفضل من التوقف في المقهى المحلي الخاص بك وتناول فنجان قهوة والاستمتاع بالرشفة الأولى".

في عالم لا تزال فيه الفظائع العالمية تتصدر عناوين الأخبار، ولا يبدو ظهور جائحة منهكة أخرى وكأنها مفهوم بعيد المنال، توفر القهوة القليل من الراحة.

ومع ذلك، فقد تلوثت المقاهي العصرية: أماكن فاخرة تحتوي على أدوات باريستا الفاخرة، والحبوب التي يتم الحصول عليها من مجموعة من المواقع الحصرية (مثل القهوة التي تفرز من قطط الزباد (حيوان ليلي، ينتمي إلى الثدييات) الموجودة في جزر بالي!)، ووقائمة أقصر من قائمة البقالة الأسبوعية.

إذا لم تكن القهوة غير التقليدية كافية لجذب انتباهك، فمن المؤكد أن الجمالية الجذابة ستجذب انتباهك. هذه المقاهي إما مليئة بالديكور البسيط أو مليئة بكمية زائدة من النباتات والأعمال الفنية الغريبة.

مقاهي المتحمسين- وهي في الأساس تعبير ملطف للمقاهي الراقية والمبالغ فيها - كانت موجودة منذ فترة طويلة كامتداد لما يسمى "ثقافة القهوة". إن حقيقة ارتباط مصطلح "الثقافة" بالقهوة أمر مزعج للغاية، ولكن كذلك هم الأشخاص الذين يتقبلونها بكل إخلاص.

إن الإعجاب بالقهوة السوداء، على عكس مشروب الفرابتشينو "الموكا بالشوكولاته البيضاء"، أصبح فجأة مقياسًا لخبرة الشخص في الكافيين، بدلاً من مجرد تفضيل مشروب بسيط. إن التباهي بمكان وكيفية الحصول على حبوب القهوة الخاصة بك أصبح فجأة رمزًا للتفوق. وتحمل جرعة الكافيين المرهقة تحدد ما إذا كنت تستحق شرب مشروب الرتق وهو مشروب خوخ مجمد مع الفودكا.

هذا كل ما في الأمر هو أن "ثقافة القهوة" هي ادعاء. كما وصفها أحد مستخدمي Redditor في منشور عام 2020 بعنوان "ثقافة القهوة مزعجة تمامًا مثل ثقافة الأعشاب الضارة"، فإن الناس "يستخدمونها كعكاز لسد الفجوات في شخصيتهم".

تتغذى مقاهي المتحمسين فقط على تلك الثقافة، حيث توفر للعملاء خيارات المشروبات القياسية مثل الإسبريسو، والأمريكانو، واللاتيه، والماكياتو، وربما مشروبًا أو اثنين من الإبداعات غير التقليدية فقط لإضفاء الإثارة على الأشياء. اطلب فرابتشينو وستحصل على العديد من التعليقات الجانبية والملاحظات اللاذعة.

ليس من المستغرب أن يحمل عشاق القهوة والمقاهي معهم جوًا من التفوق، مع الأخذ في الاعتبار أن المقاهي كانت منذ فترة طويلة علامة على التحسين. إنها حكاية قديمة قدم الزمن: مقهى فخم يقع في حي تاريخي منخفض الدخل، مما يعني أن المشاكل تلوح في الأفق.

لقد رأينا هذه العملية تحدث في الوقت الفعلي وفي العديد من الأعمال الترفيهية (وإن كان ذلك بطريقة ساخرة). في سلسلة الإثارة الكوميدية السوداء "The Curse"، يتم بناء مقهى بسيط مطلي باللون الأبيض داخل مدينة إسبانيولا بولاية نيو مكسيكو، تحت ستار تزويد السكان المحليين بفرص دخل جديدة. ومع ذلك، فإن حقيقة الوضع هي أن المتجر موجود في المقام الأول من أجل تحسين المدينة على نطاق واسع وجمع دعاية جيدة لزوجين من قناة HGTV ومسلسلهما الجديد المثير للجدل، "Flipanthropy".

وقال مؤرخ القهوة ماثيو جرين لصحيفة The Guardian : "لقد كان المقهى دائمًا علامة على التطور ... ومقياسًا للتحسين". "حتى بالعودة إلى خمسينيات القرن السابع عشر، كانت هذه علامة على موجة متصاعدة من الرخاء الاقتصادي، لأنه كان هناك ازدهار تجاري في ذلك الوقت".

في الولايات المتحدة، تم إنشاء المقاهي الأولى كأماكن لممارسة الأعمال التجارية. خذ على سبيل المثال Merchant's Coffee House، وهو متجر يقع في وول ستريت حيث نظم التجار إنشاء بنك نيويورك، وإعادة تنظيم غرفة التجارة في نيويورك في ثمانينيات القرن الثامن عشر.

كان يُنظر إلى القهوة على أنها مشروب وطني في المستعمرات بعد حفل شاي بوسطن، لكنها كانت أيضًا مشروبًا متعجرفًا. كانت القهوة المشروب المفضل للمثقفين والمفكرين الأحرار والمبدعين. أولئك الذين يتمتعون بالقدر الكافي لتغذية التغيير الحقيقي في المجتمع، كانوا أيضًا نبلاء بما يكفي لشرب كوب أو اثنين من القهوة الطازجة.

تستمر مقاهي المتحمسين في تلبية احتياجات مجموعة فرعية من شاربي الكافيين الذين لا يمكن وصفهم إلا بأنهم نسخة معاصرة لعشاق الكافيين الأوائل. وتبقى قهوتهم "سوداء كالجحيم، قوية كالموت، حلوة كالحب"، وهو مثل تركي يشمل أيضاً الموقف المتشدد الذي يتبناه الكثير من الناس عند تناول فنجان القهوة الخاص بهم.