القاهرة: الأمير كمال فرج.

في المقاهي وعلى رفوف المتاجر، تواصل أسعار القهوة ارتفاعها بشكل مستمر، وهناك أسباب تدعو للاعتقاد بأن هذا الاتجاه سيستمر. هذا التقرير يلقي الضوء على الأسباب الكامنة وراء هذه الزيادة المستمرة.

ذكر آرثر كوينتين  في تقرير نشرته قناة BFM TV إن " أسعار القهوة شهدت منذ عام ارتفاعًا ملحوظًا، سواءً عند تناولها في المنزل أو في المقاهي. يعود هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى الزيادة الكبيرة في تكلفة البن الخام، وهي حبوب القهوة. ومن المتوقع ألا تعود الأسعار إلى مستواها السابق. هنا نستعرض لكم الأسباب الكامنة وراء هذا الارتفاع".

لذة الصباح باهظة الثمن

سواءً كنت تفضل الإسبريسو أو القهوة المطولة، سواءً في مقهى صغير أو في المنزل، لا بد أنك لاحظت أن سعر القهوة قد ارتفع بشكل كبير. من الصعب تحديد مقدار هذه الزيادة بدقة، حيث تختلف الأسعار من مكان إلى آخر، سواءً في باريس أو في المدن الصغيرة. كما تختلف الأسعار بين العلامات التجارية المختلفة، سواءً كانت القهوة سريعة الذوبان، أو على شكل حبوب، أو في كبسولات.

في سبتمبر الماضي، قدرت اتحاد المطاعم أن متوسط سعر فنجان القهوة قد ارتفع بمقدار 10 سنتات منذ يناير 2024، ليصل إلى 1.40 يورو عند تناوله في المقهى، وبين 2.60 و3 يورو عند تناوله في الصالة.

ارتفاع تكاليف المواد الخام

أصبحت الأيام التي كان يمكن فيها تناول فنجان قهوة مقابل 1 يورو من الماضي. في السنوات الأخيرة، وتحديدًا منذ نهاية عام 2023، ارتفعت تكاليف المواد الخام بشكل كبير. صنفا القهوة الرئيسيان، الأرابيكا والروبوستا، شهدا ارتفاعًا كبيرًا في أسعارهما في سوق المواد الخام. حاليًا، يبلغ سعر طن الروبوستا حوالي 5700 دولار للطن.

وصف تيري بوش، الخبير الاقتصادي في غرف الزراعة، هذا الارتفاع بأنه "مذهل". وأشار إلى أن الأسعار كانت مستقرة نسبيًا على مدى أكثر من عشر سنوات، حيث كانت تدور حول 2000 يورو للطن، مع بعض التقلبات. على سبيل المثال، في مارس 2020، مع بداية أزمة Covid 19، انخفض سعر الروبوستا إلى 1100 يورو للطن.

منذ ذلك الحين، شهد السوق "حركة تصاعدية شبه مستمرة"، مع تسارع ملحوظ منذ سبتمبر 2023، عندما كان السعر عند 2600 يورو للطن. وشهد الأرابيكا ارتفاعًا مماثلًا. لكن ما الذي أدى إلى هذا الارتفاع الكبير في أسعار القهوة؟

تكاليف إضافية تبرر الارتفاع

بينما ارتفعت تكاليف المواد الخام بشكل كبير، إلا أن هذا ليس التفسير الوحيد لارتفاع أسعار القهوة في فرنسا. في الواقع، لا تشكل تكلفة القهوة سوى جزء بسيط من سعر الفنجان في المقهى. وفقًا لبرنارد بوتبول من شركة Gira الاستشارية، فإن تكلفة الإسبريسو تتراوح عادة بين 20 إلى 35 سنتًا، اعتمادًا على جودة القهوة. ومع ذلك، فإن هوامش الربح على القهوة تظل كبيرة.

ولكن، كما لاحظت قناة TF1 في أحد المقاهي في ليموج، فإن ارتفاع سعر الفنجان بمقدار 20 سنتًا لا يمكن تفسيره فقط بارتفاع تكلفة القهوة. وفقًا لنائب اتحاد المهن والصناعات الفندقية (UMIH)  في إيل دو فرانس، فإن هذه الزيادة تغطي تكاليف أخرى، مثل ارتفاع أسعار الطاقة والإيجارات والأجور، بالإضافة إلى سداد القروض المضمونة من قبل الدولة.

منافسة المقاهي

صاحب أحد المقاهي في باريس يرى ن ظهور المقاهي الحديثة (Coffee Shops) قد ساهم في رفع أسعار القهوة في المقاهي التقليدية. حيث تباع القهوة في هذه المقاهي الحديثة بضعف السعر تقريبًا، مما أثر على حصة المقاهي التقليدية في السوق.

ومع ذلك، يرى برنارد بوتبول أن هذه المنافسة ليست كبيرة، حيث أن المقاهي الحديثة تجذب شريحة مختلفة من العملاء، خاصة من الشباب. كما يعتقد أن المقاهي التقليدية يمكنها أن تبدأ في تقديم أنواع القهوة المتخصصة التي تقدمها المقاهي الحديثة.

استمرار الارتفاع

من المتوقع أن تستمر أسعار القهوة في الارتفاع، وذلك بسبب زيادة الطلب على المواد الخام، والتي ستستمر تكلفتها في الارتفاع. وفقًا للخبير الاقتصادي تيري بوش، فإن الظروف المناخية القاسية ستؤثر سلبًا على محاصيل القهوة، مما سيقلل من جودتها ويزيد من تكاليف الإنتاج.

هل هذا السيناريو غير واقعي؟ ربما ليس تمامًا. فكما يشير تيري بوش، أصبحت فيتنام منتجًا رئيسيًا للقهوة في وقت قريب نسبيًا. ومن الممكن أن نشهد في السنوات القادمة قهوة إسبريسو تُنتج وتُحمص في فرنسا، مما قد يغير من خريطة الإنتاج والاستهلاك العالمية.