القاهرة: الأمير كمال فرج.

في عالمٍ يسوده الصخب والضجيج، يظل النوم ملاذًا أساسيًا للراحة والاستجمام. لكن مع تقدم العمر، يتحول هذا الملاذ إلى حلبة صراعٍ مرهقة، حيث تتلاشى ساعات النوم الهانئة، وتستبدل بها ليالٍ من الأرق والتقلبات.

ذكرت سارة مونيوسكو في تقرير نشرته شبكة CBS News أن "الدراسات تشير إلى أن ما بين 40 % إلى 70% من الأشخاص الذين تتجاوز أعمارهم 65 عامًا يعانون من مشاكل مزمنة في النوم، مما يثير تساؤلات حول الأسباب الكامنة وراء هذا التحدي المتزايد.

لماذا يهرب النوم مع تقدم العمر؟

توضح الدكتورة شيلبي هاريس، أخصائية علم النفس النوم، أن هناك عدة عوامل متداخلة تساهم في تدهور جودة النوم لدى كبار السن. وتشمل هذه العوامل:

1ـ الضغوط النفسية: تزداد الضغوط النفسية مع التقدم في العمر، سواء كانت مرتبطة بالمشاكل الصحية، أو القلق بشأن المستقبل، أو فقدان الأحباء. هذه الضغوط تؤثر بشكل مباشر على جودة النوم، وتجعل الاسترخاء صعبًا.

2ـ التغيرات في بنية النوم: مع التقدم في العمر، تتغير بنية النوم، حيث تقل مراحل النوم العميق، وتزداد فترات النوم السطحي والمتقطع. هذا يعني أن كبار السن يستيقظون بشكل متكرر خلال الليل، ويصعب عليهم العودة إلى النوم.

3ـ التقلبات الهرمونية: تلعب الهرمونات دورًا حيويًا في تنظيم النوم. ومع التقدم في العمر، تحدث تقلبات هرمونية تؤثر على جودة النوم. على سبيل المثال، تنخفض مستويات هرموني الميلاتونين، الذي ينظم دورة النوم والاستيقاظ، والإستروجين والبروجستيرون لدى النساء، مما يؤدي إلى الهبات الساخنة والتعرق الليلي.

4ـ اضطرابات النوم: تزداد احتمالية الإصابة باضطرابات النوم مثل الأرق وانقطاع التنفس أثناء النوم مع التقدم في العمر. هذه الاضطرابات تعيق النوم العميق، وتؤدي إلى الاستيقاظ المتكرر والشعور بالتعب خلال النهار.

5ـ الحاجة المتزايدة للتبول: يزداد تكرار الحاجة للتبول ليلاً مع التقدم في العمر، مما يؤدي إلى الاستيقاظ المتكرر وتعطيل النوم.

6ـ التفسير التطوري: تشير الدكتورة هاريس إلى تفسير تطوري محتمل، حيث تقل حاجة الجسم إلى النوم العميق لترميم العضلات مع التقدم في العمر، مما يفسر قلة النوم العميق لدى كبار السن.

خرافة النوم القليل

تؤكد الدكتورة هاريس على أن الاعتقاد السائد بأن كبار السن يحتاجون إلى نوم أقل هو خرافة. وتشدد على أهمية الحصول على قسط كافٍ من النوم للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية. وتنصح بالبحث عن رأي طبي آخر إذا كان الطبيب يرى أن قلة النوم أمر طبيعي.

استراتيجيات لاستعادة النوم الهانئ

على الرغم من التحديات التي يواجهها كبار السن في الحصول على نوم جيد، إلا أن هناك العديد من الاستراتيجيات التي يمكن اتباعها لتحسين جودة النوم:

1ـ الطقوس المعتادة: الحفاظ على بيئة نوم مريحة، مظلمة، وهادئة، وباردة، والالتزام بروتين ثابت قبل النوم، مثل الاستحمام الدافئ والقراءة.

2ـ التعرض لأشعة الشمس: التعرض لأشعة الشمس خلال النهار يساعد على تنظيم دورة النوم والاستيقاظ.

3ـ ممارسة الرياضة بانتظام: ممارسة الرياضة بانتظام تحسن جودة النوم، ولكن يجب تجنب ممارستها قبل النوم مباشرة.

4ـ تجنب المنبهات: تجنب تناول الكافيين والنيكوتين والكحول قبل النوم.

5ـ التأمل النهاري: التأمل يساعد على تهدئة الذهن وتخفيف التوتر، مما يحسن جودة النوم.

6ـ تقليل وقت السرير النهاري: تجنب القيلولة الطويلة خلال النهار، وتجنب قضاء وقت طويل في السرير خلال النهار.

7ـ استشارة الطبيب: إذا استمرت مشاكل النوم، يجب استشارة الطبيب لتقييم الحالة وتحديد العلاج المناسب، مثل العلاج السلوكي المعرفي للأرق أو الأدوية.

الخلاصة: النوم الجيد ليس رفاهية، بل هو ضرورة لصحة كبار السن. باتباع هذه النصائح واستشارة الطبيب عند الحاجة، يمكن لكبار السن استعادة لياليهم الهانئة ونومهم العميق، والتمتع بحياة صحية ونشطة.