القاهرة: الأمير كمال فرج.

في عصر العمل المرن والرقمنة، ظهرت وظائف متعددة بدوام كامل، أو "الإفراط في العمل"، كاستراتيجية جريئة لتعظيم الدخل والأمن المالي.

ذكر يعقوب زينكولا في تقرير نشرته مجلة Forbes إن "العمل في أكثر من وظيفة الذي كانت في السابق ظاهرة هامشية، يكتسب شعبية متزايدة، وخاصة بين المتخصصين في التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات. وهذا يعني التوفيق بين وظيفتين أو حتى ثلاث أو أربع وظائف عن بعد مع الحفاظ على مستوى من التقدير من جانب أصحاب العمل. ورغم أن هذا النهج قد يبدو محفوفاً بالمخاطر، فإنه يوفر فوائد كبيرة، مثل زيادة الدخل بشكل كبير، وحماية أفضل ضد التسريح، وحرية مالية أكبر".

كشف توماس، وهو عالم كمبيوتر في الثلاثينيات من عمره ومقره جورجيا، لموقع Business Insider تفاصيل استراتيجيته لمضاعفة دخله من خلال العمل في وظيفتين عن بعد. كانت بداياته المهنية صعبة، مما دفعه إلى السعي لتحقيق الاستقرار المالي بأي ثمن.

ويتذكر طفولته حيث كان يتقاسم شقة من غرفة واحدة مع والدته وأربعة أشقاء، ويقول "لقد نشأت فقيراً، وعندما كبرت، أقسمت أنني لن أعيش بهذه الطريقة مرة أخرى".

في عام 2016، وفي ظل ديون بطاقات الائتمان البالغة 40 ألف دولار، وكفاحه من أجل سداد نفقات الأطفال، اتخذ توماس قرارًا جذريًا: البحث عن وظيفة ثانية، والعمل عن بعد وفي سرية. وبعد مرور عامين، تكللت جهوده بالنجاح، إذ تمكن من سداد ديونه.

لكن شهية توماس للأمان المالي لم تكن مشبعة على الإطلاق. يوضح "لقد شعرت بأنني لا أقهر"، مؤكدًا على الشعور براحة البال التي منحه إياها هذا النشاط المزدوج.

واليوم، يعمل توماس في وظيفتين بدوام كامل، ويكسب أكثر من 250 ألف دولار سنويا، وفقا لوثائق اطلع عليها موقع Business Insider. لقد أتاحت له هذه الاستراتيجية تجميع ثروة صافية تزيد عن 500 ألف دولار، وشراء سيارتين جديدتين، والسفر أكثر، والأهم من ذلك، تحقيق "الاستقرار المالي والحرية" اللذين طالما طمح إليهما. ويخطط أيضًا لإضافة وظيفة ثالثة إلى جدول أعماله، إذا سنحت الفرصة.

توماس هو جزء من مجموعة مختارة من العمال الأميركيين، وخاصة في قطاعي التكنولوجيا وتكنولوجيا المعلومات، والذين يعملون سراً في وظيفتين عن بعد. على الرغم من أن هذه الممارسة ليست غير قانونية في حد ذاتها، فقد تنتهك عقود العمل، وقد تؤدي إلى الفصل إذا تم اكتشافها.

وفي ظل عمليات التسريح الجماعي للعمال في قطاع التكنولوجيا، يؤكد توماس على أهمية هذا الأمن الوظيفي الإضافي. بل إنه يشجع زملاءه على استكشاف هذا المسار ويقدم لهم نصائحه، يقول "لأن الشركات لا تتردد في طرد الموظف دون سابق إنذار، أعتقد أن كل شخص يجب أن يكون لديه وظيفتين".

نصائح من خبير في العمل المزدوج

لم تكن رحلة توماس خالية من الصعوبات. بعد عام من العمل المزدوج، قرر أن يأخذ استراحة، لأن إحدى وظائفه أصبحت تتطلب الكثير من المجهود. وكان يتنقل أيضًا بين الوظائف بدوام كامل وعقود محددة المدة، واضطر إلى مغادرة الشركات التي تطلبت العودة إلى المكتب بعد الوباء.

وتوضح هذه التغيرات في الظروف سبب شغل توماس لسبع وظائف مختلفة منذ عام 2017. ورغم أنه لم يشغل عادة أكثر من وظيفتين في نفس الوقت، فقد كانت لديه فترات تتراوح بين ثلاثة وأربعة أشهر مع ثلاث وظائف، وحتى شهر واحد مع أربع وظائف. بلغ دخله الأقصى حوالي 400 ألف دولار في عام واحد.

نصائح من خبير في التوظيف المزدوج

يقدم توماس أربع نصائح قيمة لأولئك الذين يطمحون إلى العمل في وظيفتين، بهدف مضاعفة دخلهم وتحقيق الاستقرار المالي.

 أتقن عملك لإنجاز المهام بسرعة وتخصيص الوقت لأعمال أخرى.
 حدد الوظيفة الأكثر مرونة حتى تتمكن من إعادة جدولة الاجتماعات إذا لزم الأمر.
 تجنب ظهور "محاكيات الماوس" بشكل مستمر عبر الإنترنت، حيث يمكن لخدمات تكنولوجيا المعلومات اكتشافها.
 اترك وظيفتك إذا كنت تشك في أن رئيسك يشك في عملك السري.

يقول توماس إن وظيفته المزدوجة الحالية تسير بسلاسة، وذلك بفضل ساعات العمل المرنة والتداخل المحدود. لم تكن سوى بعض الاجتماعات تتطلب اعتذارات مرتجلة. لكن في تجربة سابقة، سأله رئيسه المشبوه عن ساعات تسجيل الدخول المتأخرة، مما دفعه إلى الاستقالة.

إذا لم يتمكن من العثور على وظيفة واحدة تدفع أكثر من 250 ألف دولار سنويًا، فلن يكون لدى توماس أي خطط للتخلي عن وظيفته المزدوجة. ويؤكد قائلاً: "سأستمر في ذلك بقدر ما أستطيع، فالفوائد تفوق بكثير الجهود المبذولة".