القاهرة: الأمير كمال فرج.

في ظل التطورات المتسارعة للذكاء الاصطناعي (AI) وتأثيراته المتوقعة على سوق العمل، خاصة في الوظائف المكتبية التقليدية، بدأت المدارس الثانوية في الولايات المتحدة إعادة هيكلة مناهجها لتشمل تدريب الطلاب على المهارات اليدوية والتقنية.

ذكر تقرير نشره موقع Futurism أن "هذه الخطوة تأتي كاستجابة لمستقبل قد يهيمن فيه الذكاء الاصطناعي على العديد من الوظائف التي تُعتبر اليوم "ذوي الياقات البيضاء"، مما يدفع الطلاب إلى التوجه نحو مهن أكثر عملية وتقنية".

ووفقًا لتقرير نشرته صحيفة Wall Street Journal، تعمل المدارس الثانوية في جميع أنحاء الولايات المتحدة على تطوير مناهج جديدة لفصول التدريب العملي التي تجمع بين المهارات التقليدية مثل النجارة واللحام، والتعليم التكنولوجي المتقدم حول كيفية تشغيل الآلات الآلية.

ومن أبرز الأمثلة على ذلك، مدرسة "ميدلتون" الثانوية في ولاية ويسكونسن، التي أنفقت 90 مليون دولار لتحديث مرافقها، بما في ذلك إنشاء مختبر تصنيع عالي التقنية مزوّد بذراع روبوتية تعمل بالكمبيوتر.

ويقول كوينسي ميلرجون، مدرس اللغة الإنجليزية السابق الذي تحول إلى تدريس اللحام في مدرسة ميدلتون، إنه بدأ يعرض على الطلاب جداول رواتب عمال الحديد والمراجل، والتي تتراوح بين 41 و52 دولارًا في الساعة. وأضاف أن حوالي ربع طلاب المدرسة البالغ عددهم 2300 طالب قد التحقوا بفصول البناء أو التصنيع أو النجارة في السنوات الأخيرة، وهي نسبة كبيرة مقارنة بالعقود الماضية التي شهدت إلغاء العديد من المدارس لهذه الفصول.

وأوضح ميلرجون أن الهدف من هذه الفصول هو جعلها جزءًا من السجل الأكاديمي للطلاب، إلى جانب المواد المتقدمة، مؤكدًا أن هذه المهن ليست مجرد أعمال بسيطة، بل تتطلب مهارات عالية وتوفر فرصًا جيدة للكسب.

ويبدو أن المخاوف المتزايدة من استبدال الذكاء الاصطناعي للوظائف المكتبية، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف الدراسة الجامعية، قد ساهمت في زيادة الاهتمام بهذه الفصول بين الطلاب.

وأشار جيك ميهم، مستشار التعليم في إدارة التعليم العام بولاية ويسكونسن، إلى حدوث تحول جذري في النظرة نحو المهن اليدوية، حيث أصبحت تُعتبر وظائف عالية المهارة والأجر، وجذابة للكثيرين لأنها تعتمد على العمل اليدوي والعقلي.

وفي نفس السياق، نجحت منطقة Spring Branch التعليمية في هيوستن في تمرير اقتراح بقيمة 381.6 مليون دولار لتمويل مرافق التعليم الفني والمهني (CTE) في مدارسها.

وأفادت جينيفر بلين، المشرفة على المنطقة التعليمية، بأن الالتحاق ببرامج التدريب المهني قد ارتفع بنسبة 9% خلال السنوات الأربع الماضية، مؤكدة أن ليس كل الطلاب يرغبون في الالتحاق بالجامعة مباشرة بعد التخرج.

في النهاية، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي سيغير بشكل جذري وجه التعليم وسوق العمل، ولكن من المثير للاهتمام أن يكون أحد نتائج هذا التغيير هو عودة فصول التدريب العملي إلى المدارس الثانوية، مما يفتح آفاقًا جديدة للطلاب في عالم المهن التقنية واليدوية.