القاهرة: الأمير كمال فرج.
وعدت شركات الذكاء الاصطناعي الناشرين بأن محركات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي ستزيد من حركة الزيارات المحالة إلى مواقعهم. لكن البيانات الجديدة تكشف أن هذه الوعود كانت بعيدة عن الواقع.
ذكرت راشي شريفاستافا وريتشارد نيفا في تقرير نشرته مجلة Forbes، إن "تقرير جديد صادر عن منصة ترخيص المحتوى TollBit أوضح أن محركات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي تُرسل حركة زيارات إحالية أقل بنسبة 96% إلى مواقع الأخبار والمدونات مقارنة بمحرك البحث التقليدي مثل Google . في المقابل، تضاعفت عمليات "الزحف" التي تقوم بها شركات الذكاء الاصطناعي لمواقع الناشرين خلال الأشهر الأخيرة".
والزحف Scraping عملية تلقائية تستخدم فيها برامج أو روبوتات لزيارة مواقع الويب واستخراج البيانات منها لأغراض مختلفة مثل التحليل أو التخزين أو التدريب.
زيادة عمليات الزحف
كشف التقرير أن شركات مثل OpenAI وPerplexity وMeta قامت بزحف مواقع الويب بمعدل مليوني مرة في الربع الأخير من العام الماضي. وقد تم تحليل 160 موقعًا، بما في ذلك الأخبار المحلية والعالمية، ومدونات التكنولوجيا والتسوق. وتم زحف كل صفحة بمعدل سبع مرات في المتوسط.
قال توشيت بانيجارهي، الرئيس التنفيذي لشركة TollBit: "نشهد تدفقًا كبيرًا للروبوتات التي تقوم بزحف هذه المواقع في كل مرة يطرح فيها المستخدم سؤالًا. الطلب على محتوى الناشرين ليس بسيطًا."
ردود فعل الشركات
لم تعلق شركة OpenAI على التقرير، بينما لم ترد Meta على طلب التعليق. من جانبها، لم ترد Perplexity بشكل مباشر على مزاعم التقرير، لكنها أكدت أنها تحترم توجيهات "robots.txt"، التي تحدد أجزاء الموقع المسموح للروبوتات بالوصول إليها.
تأثير الذكاء الاصطناعي على عائدات الناشرين
في فبراير الماضي، توقعت شركة الأبحاث Gartner أن تنخفض حركة الزيارات القادمة من محركات البحث التقليدية بنسبة 25% بحلول عام 2026، وذلك بسبب انتشار روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي، وقد بدأت الشركات التي تعتمد على حركة البحث في الشعور بهذا التأثير بالفعل.
على سبيل المثال، رفعت شركة Chegg، المتخصصة في مجال التعليم التكنولوجي، دعوى قضائية ضد Google، مدعية أن الملخصات التي يولدها الذكاء الاصطناعي التابع لـ Google تحتوي على محتوى من موقعها دون إسناد، مما أدى إلى انخفاض حركة الزيارات إلى موقعها بنسبة 49% في يناير مقارنة بالعام الماضي.
مخاوف الناشرين
أعربت مواقع حجز السفر مثل Kayak وTripAdvisor عن قلقها من أن تؤدي نظرة عامة بحث Google المدعومة بالذكاء الاصطناعي إلى تقليل حركة الزيارات إلى مواقعها. كما اتخذ الناشرون إجراءات قانونية ضد كل من OpenAI وPerplexity بتهمة انتهاك حقوق الملكية الفكرية.
التحديات التقنية
تستخدم شركات الذكاء الاصطناعي ما يُعرف بـ"وكلاء المستخدم" (user agents) لزحف الويب وجمع البيانات، لكن العديد منها لا يحدد أو يكشف عن روبوتات الزحف بشكل صحيح، مما يجعل من الصعب على مالكي المواقع اكتشاف كيفية وصول شركات الذكاء الاصطناعي إلى محتواهم.
قالت أوليفيا جوسلين، الشريكة المؤسسة لشركة TollBit: "من الصعب جدًا على الناشرين حظر Google ، لأن ذلك قد يؤثر على تحسين محركات البحث (SEO) لديهم."
الزحف والإحالات
وجد التقرير أن Perplexity، وهي شركة ناشئة في مجال البحث بالذكاء الاصطناعي تقدر قيمتها بتسعة مليارات دولار، تستمر في إرسال حركة زيارات إحالية إلى الناشرين حتى عندما يتم حظرها من الوصول إلى مواقعهم، مما يشير إلى أنها تستمر في زحف المواقع بشكل سري.
في مثال واحد، قامت Perplexity بزحف موقع ناشر 500 مرة، لكنها أرسلت أكثر من 10,000 زيارة إحالية. وقال بانيجارهي إن أحد التفسيرات المحتملة هو أن Perplexity استخدمت زاحف ويب غير معروف للوصول إلى الموقع.
تكاليف إضافية
لا تقتصر مشكلة الزحف على انخفاض حركة الزيارات والإيرادات فقط، بل إنها تتسبب أيضًا في زيادة تكاليف الخوادم للناشرين. مع قيام شركات مثل OpenAI وPerplexity بإطلاق وكلاء بحث يعملون بشكل مستقل لزيارة مئات المواقع، فإن المشكلة ستتفاقم.
الحلول المقترحة
أحد الحلول الواضحة لهذه المشكلة هو ترخيص المقالات مباشرة. على سبيل المثال، أبرمت وكالة Associated Press وAxel Springer وFinancial Times صفقات محتوى مع OpenAI. كما ظهرت شركات جديدة مثل TollBit، التي تفرض رسومًا على شركات الذكاء الاصطناعي في كل مرة تقوم بزحف محتوى من موقع ناشر.
الخلاصة، في عصر الذكاء الاصطناعي، يواجه الناشرون تحديات كبيرة في الحفاظ على عائداتهم وحركة الزيارات إلى مواقعهم. بينما تقدم شركات الذكاء الاصطناعي وعودًا كبيرة، فإن الواقع يشير إلى أن الناشرين هم من يدفعون الثمن، سواء من خلال انخفاض الإيرادات أو زيادة التكاليف.