القاهرة: الأمير كمال فرج.
في عالم بات فيه الذكاء الاصطناعي متغلغلًا حتى في ثلاجاتنا، يبدو أنه لا يوجد شيء جيد بمنأى عن هذه التقنية الخادعة والمعرضة للأخطاء.
فحتى "المؤتمر العالمي للخيال العلمي World Science Fiction Convention" المحبوب، والذي يُعرف اختصارًا بـ "وورلدكون Worldcon"، لم يسلم من سيطرة الذكاء الاصطناعي. يُعد "وورلدكون" أطول تجمع للخيال العلمي على مستوى الكوكب، حيث بدأ في عام 1939 ويمنح جوائز هوغو المرموقة لشخصيات أدبية بارزة مثل كورت فونيجوت وأورسولا ك. لو غوين.
لكن هذا التجمع يواجه الآن مشكلة كبيرة تبدو، بصراحة، وكأنها حبكة قصة فائزة بجائزة هوغو: ففي بيان حول التخطيط لمؤتمر سياتل "وورلدكون" 2025 المقرر عقده في وقت لاحق من هذا الصيف، اعترف منظمو المؤتمر بأنهم لجأوا إلى نموذج لغوي كبير (LLM) لاختيار المحاضرين المشاركين في فعالياته.
وجاء في البيان: "تلقينا أكثر من 1300 طلب من الراغبين في المشاركة كمحاضرين في مؤتمر سياتل وورلدكون 2025. وبناءً على عمل مؤتمرات وورلدكون السابقة، اخترنا فحص المشاركين في البرنامج قبل دعوتهم للانضمام إليه".
وللتوضيح، شمل المحاضرون السابقون شخصيات مرموقة في عالم الخيال العلمي مثل جيمس غان، وتشين كسين ليو، وجوسلين بيل بورنيل.
واعترف الفريق المسؤول: "من أجل تحسين عملية الفحص لدينا، اختار الموظفون المتطوعون أيضًا اختبار برنامج نصي يعتمد على ChatGPT. كان الغرض الوحيد من استخدام هذا النموذج اللغوي الكبير هو أتمتة وتجميع عمليات البحث المعتادة عبر الإنترنت لفحص المشاركين، والتي قد تستغرق ما يصل إلى 10-30 دقيقة لكل متقدم حيث يتم إدخال اسم الشخص، بالإضافة إلى مصطلحات البحث واحدة تلو الأخرى."
وأوضح الموظفون أنهم وضعوا بعض الضوابط على النموذج اللغوي الكبير، بما في ذلك المراجعة البشرية، مع الإقرار بأن الذكاء الاصطناعي التوليدي "يمكن أن يكون غير موثوق به". وأشاروا إلى أن خبيرًا يعمل في مجال النماذج اللغوية الكبيرة وجد أن ضوابط "وورلدكون" ستحمي خصوصية المتقدمين، لكنه حذر من أن "العملية قد تقدم نتائج خاطئة".
وانتقد مجتمع "وورلدكون" هذه الخطوة بشدة على وسائل التواصل الاجتماعي، مشيرين إلى سجل الذكاء الاصطناعي السيئ فيما يتعلق بالدقة، وتكلفته البيئية الهائلة، والنهج المتساهل الذي اتبعه المنظمون بشكل عام في فحص المحاضرين.
وعلقت مكتبة Space Cowboy Books، وهي مكتبة مستقلة لبيع كتب الخيال العلمي على منصة Bluesky: "هذا أمر مخيب للآمال للغاية وأفكر في طلب استرداد رسوم عضويتي وعدم الحضور. يا للهول، كيف يكون هذا احتفالًا بالكتاب؟!"
وتساءلت مورغان لوكهارت، وهي كاتبة ألعاب فيديو ومؤلفة فنتازيا: "لست متأكدة ما إذا كان رفض طلبي للمشاركة كمحاضرة في وورلدكون شعورًا أفضل أم أسوأ مع معرفة دور الذكاء الاصطناعي في هذه العملية."
وسلط آخرون الضوء على التناقض بين استخدام الذكاء الاصطناعي لتوفير الوقت، والإصرار على بقاء عنصر بشري في الحلقة.
وجاء في مذكرة "وورلدكون": "لقد وفر استخدام هذه العملية مئات الساعات من وقت الموظفين المتطوعين، ونعتقد أنها أدت إلى فحص أكثر دقة"، مشيرة إلبى وجود خطوة التحقق من أي نتائج سلبية مزعومة."
وتساءل أحد المعلقين: "هل وفرت الأداة مئات الساعات، أم أن البشر قاموا بمراجعة مزدوجة لكل مخرجاتها؟ لا يمكن أن يكون كلاهما صحيحًا".
يبدو أن الخلافات الكبيرة أصبحت بمثابة تقليد في "وورلدكون". ففي عام 2023، هزت فضيحة "الأهلية" المجتمع، بعد الكشف عن أن بعض المؤلفين المؤهلين لجائزة هوغو اعتبروا "غير مؤهلين" بسبب "اعتبارات سياسية" غامضة.
ثم في عام 2024، انتشرت أخبار تفيد بأن طرفًا مجهولًا أنفق آلاف الدولارات على عضويات وهمية في "وورلدكون" لحشد الأصوات لمؤلف معين. ومن بين 3813 بطاقة اقتراع تم الإدلاء بها، تبين أن 377 على الأقل منها كانت احتيالية.
من المؤكد أن عام 2025 سيبرز في سجل إخفاقات "وورلدكون"، على الأقل من وجهة نظر العلاقات العامة. وسيكشف المستقبل ما إذا كانت المنظمة القائمة وراء هذا التجمع قادرة على تجاوز أخطائها في عام 2026، أو كبح جماح زلاتها قبل أن تفقد المنظمة بأكملها مكانتها باعتبارها المؤتمر الأول للخيال العلمي في العالم.